هل من حربٍ عاقلة

هل من حربٍ عاقلة؟!

هل من حربٍ عاقلة؟!

 عمان اليوم -

هل من حربٍ عاقلة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

لم تكن الحروب عاقلةً في يومٍ من الأيام؛ ولكن ثمة عقلاء يقودون الحروب ضمن سياسات وأهداف، أما الحرب من أجل الحرب فهي مجرد استنزاف مادي وإرهاق إنساني وضياع سياسي، وتصدّع اجتماعي. للحروب تداعيات خطيرة، وفي بعض الأحيان تترتب عليها نتائج تعتبر إيجابية، لنتذكر أن البناء للقوانين الأممية، وقوانين الأسْر، وحدود تعريف الحرب، والتفريق بين الحرب المشروعة والحرب الجائرة جاءت بعد تجارب البشرية الدموية الطاحنة، على سبيل المثال نقطة التحول الدولي نحو التعاضد من أجل تقليل أسباب الحرب وتغليب نظريات التفاوض والتفاهم على الصراع جاءت بعد اتفاقية «ويستفاليا».

هنري كيسنجر ‏وزير خارجية الولايات المتحدة ومستشار الأمن القومي الأميركي في ظل حكومة الرؤساء ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، يصف تلك الحقبة: «في ممارسته المبكرة عكف سلام وستفاليا على اعتماد عالم هوبزي (نسبةً لليفسلسوف توماس هوبز) كيف أمكنت معايرة توازن القوة الجديد هذا؟

لا بد من التمييز بين توازن القوة بوصفه واقعاً وتوازن القوة بوصفه نظاماً. يتعين على أي نظام دولي - ليكون جديراً بالاسم - أن يصل، عاجلاً أو آجلاً، إلى التعادل، والا فسيبقى في حالة حرب متمادية».

يضيف كسينجر أن: «الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز في كتابه اللفياثان Leviathan المنشور في العام 1651 وبعد سلام وستفاليا بثلاث سنوات قام بتوفير مثل هذه النظرية. تصور «حالة طبيعية» في الماضي حين كان غياب السلطة يتمخض عن نوع من «حرب الجميع ضد الجميع». وهروباً من مثل هذا الانعدام الأمني الذي لا يطاق، بادر الناس، حسب تنظير «هوبز»، إلى التنازل عن حقوقهم لسلطة سياسية مقابل قيام الأخيرة بتوفير الأمن لجميع من هم داخل حدود الدولة.

واحتكار الدولة السيادية للسلطة تم ترسيخه بوصفه الأسلوب الوحيد للتغلب على الخوف الأبدي من الموت العنيف والحرب». توماس هوبز كان يعتبر الانتقال نحو الدولة يتطلب الحرب على «حالة الطبيعة»، حيث يكون الإنسان ذئباً على أخيه الإنسان، وهو أخذ العبرة من الحرب الأهلية الإنجليزية التي عايشها يوماً بيوم وأثرت عليه وعلى نظريته في «العقد الاجتماعي» وفي فلسفته حول الدولة.

ثمة فرق بين الحروب المضبوطة بقواعد اشتباك سياسية بحتة، وهذه يقودها العقلاء كما في حرب تحرير الكويت كانت حرباً عاقلة تحاشت المدنيين العراقيين، وتعامل التحالف مع الأسرى بإنسانية بالغة، ولم تستهدف المؤسسات الخدمية والحيوية للشعب العراقي، وتم إيقاف هذه الحرب فور تحقيق الأهداف، ولكن الكارثة حين تنشب حروب على أسس «عقائدية» أو «عرقية» أو لأسباب تاريخية وجغرافية، حينها يغيب العقل وتتسيّد الغريزة، وينتشر الجنون كما فعل هتلر.

الخلاصة؛ أن الحروب لها تاريخها المشابه لبناء الدول. والصراعات السياسية والحربية والثقافية جزء من التزاحم الأممي وعلى أساسه تشكّل التاريخ كما في سردٍ مهم للكاتب «كرٍس منكاب» في كتابه:«مختصر تاريخ الحروب»، وعلينا أن نتذكر أن التفاوض وإرادة تحقيق السلام جزء من سياسة الحرب وإدارتها بحكمةٍ وصبر.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل من حربٍ عاقلة هل من حربٍ عاقلة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab