غزة تتوّج عام الزلازل

غزة تتوّج عام الزلازل!

غزة تتوّج عام الزلازل!

 عمان اليوم -

غزة تتوّج عام الزلازل

بقلم:حنا صالح

في أطول حروب إسرائيل على دول المنطقة وعلى الفلسطينيين (75 يوماً حتى الآن)، لم ينجح التوحش الصهيوني في استعادة هيبة الجيش الذي لا يقهر، ولا علاج الجروح العميقة التي أصابت الصورة المشغولة بإتقان عن القدرات الأمنية الإسرائيلية، والأوهام التي بنيت على قدرة لا محدودة لجهاز «الموساد». لقد فقد الإسرائيلي الأساس، وهو انهيار الشعور بالأمن؛ لأنه في الشهر الثالث على الحرب ما زالت الصواريخ تنهمر على المدن الإسرائيلية، فيعلن العميد الإسرائيلي المتقاعد أمير هسكيل من أمام خيمة أُسَر القتلى والرهائن: «حماس جعلت الردع الإسرائيلي أضحوكة».

بعد 75 يوماً من الإجرام لم يتمكن نتنياهو وفريقه المتطرف من الوفاء بوعد استعادة الأمان للإسرائيليين. فشل في استعادة الرهائن بالقوة العسكرية، وفشل في تقويض القدرة العسكرية لـ«حماس»... وإن طاولت المقتلة حتى الآن أكثر من 20 ألفاً ونحو 30 ألفاً من الضحايا والمفقودين تحت الركام، إلى الاقتلاع الواسع للفلسطينيين، الذين دُفعت أعداد كبيرة منهم قسراً نحو الحدود المصرية مع تهديد بفرض تهجيرهم إلى سيناء. هذا فضلاً عن التدمير الممنهج للعمران بحيث ستصبح أجزاء كبيرة من قطاع غزة غير صالحة للعيش!

بغطاء ودعم دولي أميركي أطلسي يتجاهل أصحابه الأهوال التي يعيشها القطاع، تنفذ حكومة المتطرفين ما أوصى به ديفيد بن غوريون بأنه «يجب الضرب من دون رحمة، بمن في ذلك النساء والأطفال، لا ضرورة للتمييز بين المذنب وغير المذنب. كل هجوم يجب أن ينتهي باحتلالٍ وتدمير وطرد»! لذلك فإنه رغم بطولات الصامدين الكثر، وما يسطره رجال المقاومة من بسالة ويكبدون الغزاة خسائر نوعية موجعة، ويفرضون على تل أبيب حرباً مفتوحة بالزمان قد تصدع المجتمع الإسرائيلي، فإن ما يجري يخدم الهدف الاستراتيجي لإسرائيل الذي يقول: «أرض بلا شعب لشعبٍ بلا أرض»!

لقد بدأت إسرائيل بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حرب تنكيل وانتقام من الفلسطينيين، لفرض السيطرة على كامل أرض فلسطين. من جرائم الحرب المرتكبة عمداً ضد غزة، إلى انفلات جحافل المستوطنين يستهدفون المدنيين العزل في الضفة، يتم تعميم مناخٍ يشي باستحالة العيش مع الفلسطينيين، وأنه بين النهر والبحر لا يتسع المكان إلا لدولة واحدة هي إسرائيل. وتوازياً يعلن نتنياهو أن اتفاق أوسلو «خطأ لن يتكرر»، طاوياً فكرة السلام مع الفلسطينيين، ومتفاخراً بأنه أحبط «اتفاق الدولتين»!

ولأن الحرب في خواتيمها، هناك كثير من التسرع بالركون إلى مقولة أن إسرائيل لم تحقق كل أهدافها. بالتأكيد لن يحقق القاتل انتصاراً مريحاً لكن الثمن ثقيل جداً وما تحقق مخيف، باستهدافه شطب الشعب الفلسطيني بما هو البيئة الحاضنة لكل أطياف المقاومة الفلسطينية. ما يجري مقلق ولا يدعو للاطمئنان والركون لنجاحات آنية تحققها المقاومة الصلبة، يرافقها غياب المبادرة السياسية من جانب السلطة المترهلة، ومنظمة التحرير التي تعاني من تكلس، والعزوف عن أي جهد حقيقي لتجاوز الانقسامات الفلسطينية، رغم أن الزمن المتغير الذي تمر به فلسطين والمنطقة لا سابق له حتى في الخيال، ومن الصعب توقع مآلاته!

مع متطرفين يعدّون إقامة دولة فلسطينية ما يعادل الانتحار لدولة إسرائيل، سيكون من الصعوبة بمكان حصر الحرب في حدود قطاع غزة وعليه. إنهم يتحينون الفرصة لتوسيع نطاقها؛ إنْ باتجاه الضفة الغربية لاستكمال التهجير، أو شمالاً باتجاه لبنان، بعدما كرر قادة العدو أنه إن لم تنجح المساعي الدبلوماسية لإبعاد «حزب الله» إلى ما بعد الليطاني فإن تل أبيب ستتولى هذه المهمة، وستطبق على لبنان وبيروت نموذج غزة. وأرفقت التهديد بخطوات إجرامية فدمرت أجزاء واسعة من بلدات عيترون وكفركلا وعيتا الشعب!

صحيح أنه لا ينبغي الركون كلية لتطمينات واشنطن التي تعد توسع الحرب لا يخدم مصالحها ومصالح حلفائها، فإنها صاحبة تاريخ في ازدواجية المعايير، وستنشغل، ومعها العالم، أكثر فأكثر بالوضع في البحر الأحمر والأخطار على الملاحة الدولية في باب المندب نتيجة تعديات الميليشيات الحوثية، ما قد يوفر مناخاً للعدو للدفع إلى الحرب خصوصاً مع رئيس حكومة يرى في اتساع المواجهة وإطالة أمدها فرصة لحماية مستقبله السياسي. رغم ذلك في خطاب «حزب الله» تمسك بـ«استنزاف» للعدو «مساندة» لغزة (...)، ويعلن النائب محمد رعد: «ما زلنا في بداية الطريق، ولم نستخدم ما جهزناه لحربنا ضد العدو ولا يرهبنا تهويله»! فهل بوسع «الحزب» تجاهل تبعات المسؤولية عن الدمار الآخذ بالاتساع في المنطقة الحدودية، ويعادل الآن دمار حرب يوليو (تموز) 2006؟ وإلى متى سيضرب بعرض الحائط مخاوف المواطنين وقلقهم والرفض الواسع للحرب؟ يبقى موقف طهران القلق من تعرض «الحزب» لخطر يهز مكانته وقدرته، فنظام الملالي بحاجة إليه للدفاع عن إيران، وعن مشروعها الإقليمي واحتمالات استهدافها من جانب إسرائيل، وهذا لا يمكن تجاهله!

عموم اللبنانيين يرفضون الحرب، وفرقاء نظام المحاصصة ولا سيما الحكومة أمام التحدي، وكفى استقالة من المسؤولية الوطنية. إن لم يرفعوا الصوت ويجاهروا برفض توريط لبنان، واستمر التصعيد المتدحرج وعدم التبصر بكل المشهد، فإن مصيراً قاتماً ينتظر الجميع، لأن اللعب بالنار يعرض البلد للانكسار. وزيرة الخارجية الفرنسية كولونا نبهت علناً من بيروت إلى أنه «إذا غرق لبنان في الحرب فلن يتعافى والوضع خطير جداً»... مضيفة أنه تم تمرير «رسائل إلى (حزب الله) بأنه يجب تطبيق القرار 1701 من الفريقين وهو ما لا يحصل».

الوضع خطير وكفى تذاكٍ وإدارة ظهر للمسؤولية التي يرتبها القرار الدولي 1701؛ إذ تحتم المصلحة الوطنية الالتزام به خصوصاً في عام الزلازل الذي توّجه زلزال غزة وتهدد تداعياته لبنان!

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة تتوّج عام الزلازل غزة تتوّج عام الزلازل



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab