«ثريدز» سطو أم ابتكار

«ثريدز» سطو أم ابتكار؟

«ثريدز» سطو أم ابتكار؟

 عمان اليوم -

«ثريدز» سطو أم ابتكار

بقلم:سوسن الأبطح

العيون على أعداد الجيوش الجرارة التي تلتحق بتطبيق مارك زوكربيرغ السحري الجديد «ثريدز»، وكيف أنه يتمكن من جذب مليون مشترك كل ساعة، منذ تدشين العمل به قبل أسبوع. وإعجاب المعلقين يأتي أيضاً من أن هذا التطبيق تمكن حتى من تجاوز «جي بي شات» الروبوت المعجزة، في النمو السريع لعدد متابعيه، الذين يكادون يتجاوزون متابعي «تيك توك» بعد أن فاق عددهم الـ100 مليون خلال الأسبوع الأول من عمره.

ولا بد أن يستغرب العاقل من صمت جمهور الناس المطبق، والمريب أمام سرقة موصوفة، وتشجيعها، والالتحاق بالمقلد، ويكاد البعض يشيد بمهارة زوكربيرغ وحيويته التجارية، ومهارته في حصد رضا الجماهير. مع أن «ثريدز» لمن يزوره، يبدو مجرد نسخة ناقصة وباهتة من «تويتر». لا بل إن الجميع يتفرج بمتعة على المبارزة الحرة، بين مليارديرين، يدعو أحدهما الآخر إلى حلبة واقعية يتبارزان فيها في الفنون القتالية، بعد أن استنفدا مبارزاتهما اللفظية على وسائل التواصل، من دون أن يتوصل أي منهما لإثبات أنه صاحب الحق.

وبعد أن تصدّعت رؤوسنا من كثرة التبشير باحترام الملكيات الفكرية والأدبية، وكيف أن تقدم الشعوب يقاس بمدى احترامها لجهد الآخرين، وإبداعهم، وأن العالم العربي كي يلحق بالحضارة عليه أن ينضم لقافلة المحترمين لحقوق الخلق والابتكار، ها نحن نرى إيلون ماسك بعد أن دفع 44 مليار دولار، قد يكون سرق في وضح النهار وعلى مرأى من الكوكب بأسره، ولم ينبر الجمهور الكريم للدفاع عنه، وكل هذا يدور في بلاد حقوق الإنسان. أكثر من ذلك أن كل نجاح «ثريدز» من حيث سرعة نمو متابعيه القياسي متأت من ربطه بتطبيق آخر هو «إنستغرام»، بحيث يكفيك أن تكون على الثاني وتقوم بثلاث خطوات سريعة لتصبح من أعضاء «ثريدز» وكل أصدقائك على «إنستغرام» يصبحون أصدقاءك على التطبيق الجديد. هكذا يستعير زوكربيرغ «تويتر» مع تعديل ببعض التفاصيل الصغيرة، وينقل بياناتك كاملة من «إنستغرام»، من بعد إذنك، طبعاً، ويتشكل عندك عالم جديد لامع وسحري، مع أنه «بزل» بعض قطعه استباحة حتى يثبت العكس.

ولا نضيف جديداً حين نقول إن ثمة من يتهم زوكربيرغ بأنه لم ينصف زملاءه أو شركاءه حين استأثر بـ«فيسبوك» لوحده وهو لا يزال طالباً، ثم إنه أضاف الفيديوهات على «إنستغرام» بعد أن طار نجاحها على «تيك توك» كنوع من التقليد، عدا الاتهامات الكثيرة التي وجهت إليه بانتهاكه البيانات، وتسريبها، وبيعها، وممارسته المنع، وحذف ما لا يروق له ولميول التطبيق.

وماسك في حربه ضد غريمه، يعتقد أن الهدف الأهم في استحواذه على «تويتر»، ليس إمساكه بسلطة كونية الطابع، بل الحفاظ على «حرية التعبير»، التي لم يحترمها زوكربيرغ، حتى إن ماسك يتساءل: ماذا لو أن زوكربيرغ تفرد بالسيطرة على وسائل التواصل؟

لن نصدق أن قضية أثرى رجال في العالم، هي الحرية، وسعادة البشرية، وإنما جمع المزيد من المال والشهرة.

يتهم إيلون ماسك زميله زوكربيرغ بأنه استفاد من الموظفين الذين طردهم من «تويتر» وبعض هؤلاء لديهم معلومات سرية، وبيانات، ومعدات، وأن زوكربيرغ تقصّد توظيفهم، متعمداً الإفادة منهم والبناء على ما في جعبتهم. ولا يملك العبد الضعيف أمثالنا، سوى انتظار ما سيقوله القضاء في قضية معقدة، تحتاج إثباتات ومتابعة سنين، إلى حينها يكون «ثريدز» إما حلّق وصار له مئات ملايين المتابعين، أو يكون قد ذبل بمفرده، وهذا هو المرجح.

بالعودة إلى «ثريدز» فإن الأهم من الانضمام إلى التطبيق، هو التفاعل. طبيعي، وأن لزوكربيرغ ما له من رصيد في عالم التواصل الاجتماعي ويقبض على «فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب» معاً، أن تشعر وسائل الإعلام، ونجوم السينما، والمؤثرون، بأن عليهم اللحاق به، كي يحجزوا مقعدهم باكراً في تطبيقه الجديد، لكنهم لن يبقوا على حماسهم، إن لم يجدوا الجمهور المنضم إلى هذا النادي الافتراضي، نابضاً وحيوياً. فكل منا على تليفونه الكثير من التطبيقات التي لا يزورها، وقد يصبح «ثريدز» واحداً منها.

المهم بالنسبة للسلطات الأميركية في هذه الحرب، لا أن يربح زوكربيرغ أو أن يخسر ماسك، وإنما جذب أكبر عدد ممكن من الأميركيين وسرقتهم من «تيك توك»، هذه اللعنة التي لا تعرف كيف تتخلص منها. فقد بات هذا التطبيق وبالاً، وإن كان منعه ضرورة، فإن من سيفرض هذا على المواطنين الشباب لن يغفروا له خطيئته، ولن يضعوا له صوتاً في صندوق في حياتهم، بحسب دراسة حديثة.

ومع أن «تيك توك» عدد متابعيه لا يعدّ خارقاً، بعد سبع سنوات على ولادته، غير أن سره، في سهولة الدخول إليه، وبساطة استخدامه، وهو ما حاول أن يوفره زوكربيرغ في «ثريدز»، وفي العبقرية المركبة لخوارزمياته التي تبدو بالنسبة لصناع التكنولوجيا الأميركيين أشبه بلغز يتوجب حلّه.

خوارزميات «تيك توك» تأخذ في الاعتبار تفاعلات المستخدم مع مقاطع الفيديو التي تعجبه أو يشاركها، والحسابات التي يتابعها، والتعليقات التي ينشرها، والمحتوى الذي ينشئه، وما يتضمنه من تفاصيل مثل أسماء وأصوات وعلامات. ولكن أيضاً يخضع التطبيق رواده لاختبارات بحيث يعرض على ذائقتهم فيديوهات بمحتويات متنوعة، ليكتشف رغباتهم الدفينة. ويقول عالمون في المجال، إن لهذا التطبيق، الخوارزميات الأكثر تعقيداً وتركيباً بين وسائل التواصل التي نعرفها، لهذا ليس غريباً أن يكون متوسط الجلوس أمامه ساعة ونصف الساعة يومياً بينما لا يتجاوز بقاء الفرد على «فيسبوك» أكثر من 45 دقيقة، ويهجره الشباب إلى غير رجعه، ويحاول صاحبه أن يجد حلولاً لكنه يدخل في متاهات.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ثريدز» سطو أم ابتكار «ثريدز» سطو أم ابتكار



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab