العودة للدولة ونهاية الميليشيات
أخر الأخبار

العودة للدولة ونهاية الميليشيات!

العودة للدولة ونهاية الميليشيات!

 عمان اليوم -

العودة للدولة ونهاية الميليشيات

بقلم: رضوان السيد

لا تزال تسيطر على عقول المحللين العرب أو أكثرهم أن «المقاومة» فكرة أو اعتقاد، وأنه يستحيل إخمادها بالقوة، بل لا بد من سردية بديلة مقنعة أو مثيرة للخيال والهمم! وهذه القصة في الأصل من صناعة دونالد رامسفيلد وزير دفاع الرئيس الأميركي جورج بوش الابن. وفي اعتقاده أن «القاعدة» و«داعش» وأمثالهما تمثل مذاهبَ اعتقادية يصعُبُ الخروج منها، ويتشبث بها أصحابها استناداً لاقتناعٍ عميق، فيسهل عليهم التضحية بأنفسهم في سبيله.

والواقع أنه كانت لهذا التوجه علّتان: الأولى تأتي من سوء الظن بالإسلام، والاعتقاد أنّ العنف متأصلٌ فيه. والعلة الثانية سوء الظن بالدولة في العالمين العربي والإسلامي، بحيث يُحلُّ هؤلاء «الجهاديون» أنفسهم في محلِّها، لأداء الواجبات التي عجزت عن إنجازها!

إنما اللافت للنظر أنّ المسلمين أنفسهم هم الذين قاتلوا المتطرفين إلى جانب المجتمع الدولي. وبالنسبة للعلة الثانية فأين هو الإنجاز الذي حقّقه «الجهاديون»، بحيث يغري ذلك الشبان باتباعهم؟

إنّ هذا الحديث يتجدد الآن في حالتَي «حماس» بفلسطين، و«حزب الله» في لبنان. ومع أنني أُحسُّ أن التحزب للتنظيمين يأتي غالباً من خارج مجتمعهما، فإنّ السؤال يظلُّ: ما الإغراء (حتى في الفكرة) بعد الهزائم المتوالية، وعشرات ألوف الضحايا، والخراب الهائل؟ ومتى حررت الميليشيات المسلحة أرضاً أو بنت سلطة تخدم ناسها الذين تسيطر عليهم؟ لا شك أنها تنظيمات متماسكة، ولدى البعض اعتقادات، لكنّ معظم الخاضعين مغلوبون على أمرهم، ولا يعتبرون الميليشيات أساساً لقيام نظامٍ صالحٍ يضمن الأمن والاستقرار وعيش الأطفال ومستقبلهم. بل كيف ينظر هؤلاء إلى أنفسهم وقد تسببوا في هلاك أطفالهم ونسائهم من دون أن يتحقق شيء من التحرُّر أو التحرير؟ يترجى العرب والمنظمات الإنسانية «حماس» الآن لكي تتخلى عن السيطرة في القطاع إبقاءً على حياة الملايين الذين هددتهم جميعاً حروبها. وسيقول قائل: لكن سلطة محمود عباس لا تعد بالتحرر وما عاد أحدٌ يفكر بإمكان الاستقلال بالسلم. لكنّ الاستقلال بالقوة ليس متاحاً، والأولوية ينبغي أن تكون لحفظ الحياة والنظر للمستقبل.

ولنمضِ إلى لبنان حيث ما عاد هناك غير خيارٍ واحد هو خيار الدولة. فقد وقّع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، باسم «حزب الله»، على الانسحاب من جنوب الليطاني، وانتهت الجبهة. فما الحاجة إلى هذا السلاح الكثيف بالداخل اللبناني؟ وما الحاجة إلى هذا الاستتباع لإيران الذي جلب كوارث على اللبنانيين وخصوصاً الشيعة من بينهم تكاد تضاهي ما جنته «حماس» على غزة والضفة، بل إنّ «حزب الله» والميليشيات الإيرانية المشابهة جلبت كوارث على سوريا والعراق واليمن وليس على لبنان فقط!

الدولة اللبنانية الآن ليست الخيار البديل، لأنّ ميليشيا الحزب ما كانت أبداً خياراً لمعظم اللبنانيين. فلنفترض أنّ الحزب كان بديلاً لفريقٍ من اللبنانيين، لكن لماذا يبقى كذلك بعد حروبٍ خاضها وخسرها جميعاً، وفي كل مرة تزداد المناطق المحتلة التي صار اللبنانيون جميعاً على يقين أنّ الحزب لن يستطيع - تماماً مثل «حماس» - إنجاز تحريرها.

يخوض اللبنانيون الآن تجربة جديدة لإقامة دولة للجميع تتمتع بالشرعية الدستورية والعربية والدولية. وهي تحاول بعد تكوين السلطات الدستورية، أن تخرج حتى في بيانها الوزاري من إسار الثالوث المعروف، وهو في الحقيقة قد مثّل دائماً سلطة أوحدية أضرَّت باللبنانيين أكثر بكثير مما أضرَّت بإسرائيل. قال لي عسكري سابق - هو صاحب أطروحة السردية: لكن الحزب تمكن من تهجير مائة ألف إسرائيلي، وهذا إنجازٌ بارز! قلت: لكن في المقابل تسبب في تهجير مليون لبناني وأكثر لا تستطيع كثرة منهم العودة إما بسبب الاحتلال أو بسبب خراب الديار!

إنّ قوة الشرعية تأتي ليس من الرسوم والشعائر المنظورة، فقد كانت موجودة من قبل. بل تأتي هذه المرة من الإرادة الجامعة للبنانيين، وهي الإرادة التي يتعيّن عليها أن تكون صلبة وفي غير حاجة للتبرير أو الاستدلال أو الاستسلام لفكرة أو اعتقاد أو سردية المقاومة. فالمقاومة ليست بديلاً عن الدولة، بل الدولة هي الخيار الأول والأخير. فحتى في فلسطين يبدو خيار الدولة الوطنية وإن تنكّر له الصهاينة هو الخيار الوحيد للحاضر والمستقبل - أو تبقى الميليشيات ويبقى انعدام الاستقرار، وقد يتقدم خيار التهجير الترمبي!

ما كانت تجارب الدول الوطنية ناجحة، وبخاصة الدول التي سيطر فيها الانقلابيون العسكريون، والأخرى التي سيطرت عليها قوى خارجية. وفي الحالتين صارت الميليشيات المسماة مقاومة هي السائدة وقد استخدمها العسكريون، كما استخدمتها القوى الخارجية.

عندما كنت أكتب هذه المقالة قرأت أنّ «حماس» تقبل الخروج من إدارة غزة. كما جاء في مسودة البيان الوزاري اللبناني انفراد الدولة بالسلاح وقرارات الحرب والسلم، و«السيادة» على الأرض. هل هي العودة للدولة ونهاية الميليشيات؟ هكذا الأمل!

 

omantoday

GMT 21:44 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

فاطمة دائماً

GMT 21:43 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

الخوف في كل مكان... وإيران تفاوض أميركا

GMT 21:42 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

طارق وأوراق وطوارق اليمن

GMT 21:40 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

عالم ترمب... مزيج من الخيال والواقع

GMT 21:37 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

ألعاب التعريفات النارية لترمب ناجحة

GMT 21:36 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

المرشد والمفاوضات والدراغونوف

GMT 19:05 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

الغياب عن مسقط

GMT 19:03 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

مناورة أم تحول حقيقي؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العودة للدولة ونهاية الميليشيات العودة للدولة ونهاية الميليشيات



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 04:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 05:08 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

برج الثور عليك أن تعمل بدقة وجدية لتحمي نفسك

GMT 04:59 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab