مستقبل غزة «على الهواء» ودروس مستفادة

مستقبل غزة «على الهواء» ودروس مستفادة

مستقبل غزة «على الهواء» ودروس مستفادة

 عمان اليوم -

مستقبل غزة «على الهواء» ودروس مستفادة

بقلم - أمينة خيرى

 

ماذا سيحدث فى غزة ولأهل غزة ومن يحيطون بغزة وأهلها ومن وجدوا أنفسهم مجبرين على معالجة سيناريوهات «اليوم التالى» دون أن يشاورهم أحد فى اختيارات اليوم السابق؟

الأسئلة التى ظلت تُطرَح على مدار الأشهر الماضية، وتحديداً منذ السابع من أكتوبر الماضى، أصبحت أمراً مُعاشاً. صحيح أن المعرفة اليقينية لما سيجرى فى القطاع وكيفية التصرف مع سكانه المكتظين فى مساحة اكتسبت اسم «أكبر سجن فى العالم» ليست متاحة، ولن تكون متاحة، على الأقل فى المستقبل القريب، إلا أن العالم بأسره يعمل جاهداً على تصور السيناريوهات منذ اندلاع الحرب.

المؤكد أن غزة بعد الحرب الحالية لن تكون كغزة قبل الحرب. والمؤكد أن الفاعلين من غير الفلسطينيين فى غزة بعد انتهاء إسرائيل مما تنوى عمله سيصبح لهم حضور شبه دائم لتأمين ما يتم الاتفاق عليه. لكن الأسئلة الخاصة بمستقبل القطاع وأهله والأطراف المسيطرة عليه، ومن ثم وضع محيط القطاع من دول جوار وقضايا أمنية وغيرها، أمور تظل معلقة فى الهواء.

وعلى سيرة الهواء، فإن «على الهواء مباشرة» عبارة يعرفها كل متابع للتليفزيون. ويبدو أن هذه المعرفة أصبحت حكراً على الأكبر سناً. الأحداث تتوالى على مدار الساعة، يلتصق المشاهد بشاشة التليفزيون، تخبره القنوات أن ما يراه ويسمعه هو «على الهواء مباشرة»، حيث مراسل يتحدث من أمام موقع الحدث، وضيف يحلل ما قاله المراسل، ومذيع يسأل المزيد ليحاول استيضاح نقطة أو مسألة، ويعتقد الجميع أن ما يجرى من بث أخبار وشرحها هو الترجمة الفعلية الوحيدة لـ«على الهواء مباشرة».

واقع الحال، لا سيما فى السنوات القليلة الماضية، وحرب القطاع فى القلب منها، يشير إلى أن «على الهواء مباشرة» هو على الأرجح ما يتم بثه عبر منصات السوشيال ميديا المختلفة، سواء من خلال عدسة مواطن تصادف وجوده فى موقع التفجير، أو موظف إغاثة كان شاهد عيان على قصف موقع نزوح، أو أفراد احترفوا نقل ما يجرى فى محيطهم، ولكن من زاوية بعينها ولغرض دون غيره وبشكل يخدم أهدافاً غير معلنة، فى القلب منها تطويع الرأى العام وتشكيله والتحكم فى مساره.

الآثار العرضية لهذا النوع من الهواء المباشر هو بالطبع غياب المصداقية وضبابية الرؤية الإعلامية مع جاذبية فكرة الأسبقية لدرجة تضع المتلقين فى خانة المتلقى السلبى الذى يصبح إسفنجة تمتص ما يُعرض عليه دون شرط المهنية أو المصداقية أو معقولية الخبر.

مرة أخرى، المتلقى العادى لم ولن يُخضع المحتوى العنكبوتى الذى يتعرض له من فيديوهات وتدوينات وتغريدات للتدقيق، وفى الأغلب سيتعامل معه باعتباره «على الهواء مباشرة» دون شرط التدقيق.

تذكرت ذلك بينما أحاول التأكد من تاريخ وصحة فيديو بثه موقع خبرى له اسمه ومكانته فى عالم الصحافة والإعلام عن بدء القصف المكثف لرفح الفلسطينية. وبينما أدقق وأقارن وأتأكد من مصداقية فيديو يعرض قصف معبر رفح على الجانب الفلسطينى، إذ بأشخاص من حولى يتشاركون منذ فترة فيديوهات مرسلة لهم من أصدقاء غير موثقة المصدر وغير معلومة التاريخ، ويتعاملون معها باعتبارها الأحداث التى تجرى «على الهواء مباشرة».

الإعلام فى حالة تغير حاد ومستمر، والحاجة إلى الاستعداد والتعامل والقفز قُدماً لتوليد الجديد لا انتظار ما سيسفر عنه القديم لم تعد اختياراً، إنها احتياج رئيسى لمواجهة طوفان الأكاذيب والأخبار والفيديوهات المفبركة والتلاعب بالرأى العام.

الرأى العام فى العالم منقسم حول الفعاليات الاحتجاجية التى تجتاح جامعات عدة فى الغرب. أعداد متزايدة من طلاب الجامعات ينظمون وقفات احتجاجية واعتصامات وتظاهرات لدعم غزة والمطالبة بقطع علاقات الجامعات بإسرائيل وأى من جامعاتها أو أقسامها المختلفة.

الرأى العام فيه جزء مؤيد لإسرائيل على طول الخط مهما فعلت، ودون شرط احترام قانون دولى أو قيم إنسانية. وفيه أيضاً جزء معارض لما تقترفه أية قوة غاشمة دون وجه حق، سواء كانت إسرائيل أو غيرها.

الاحتجاجات فى الجامعات فى دول غربية بدأت محدودة، ثم أخذت تتوسع لأسباب عدة. فمن جهة، لجوء إسرائيل لسلاح الإبادة الجماعية، واتباعها منهج «أذن من طين والأخرى من عجين» أمام المناشدات والقرارات الأممية، وعنادها وسكوت العالم، جميعها أمور فاقمت من حجم الغضب الطلابى.

ومن جهة أخرى، أدى لجوء إدارات بعض هذه الجامعات للقوة لتفريق هذه الاحتجاجات إلى المزيد منها وتوسيع قاعدتها، كما حدث فى جامعة أمستردام على سبيل المثال لا الحصر. هناك، وبعد استخدام القوة لتفريق الطلاب المحتجين وإلقاء القبض على عدد منهم، انضم المزيد من الطلاب للفعاليات الاحتجاجية، وهدد أساتذة بالاعتصام والتوقف عن العمل، وهو رد فعل معروف فى مثل تلك الحالات، لا سيما فى المجتمعات الطلابية. إنها دروس مستفادة.

وطالما الدروس مستفادة، أعود إلى حيث بدأت، وتحديداً ما يجرى فى قطاع غزة ومعبر رفح، وسيناريوهات اليوم التالى، وأقول: كان الله فى عونك يا مصر.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستقبل غزة «على الهواء» ودروس مستفادة مستقبل غزة «على الهواء» ودروس مستفادة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab