«١٠٠ سنة غنا» التأريخ الفنى للوطن ٢

«١٠٠ سنة غنا».. التأريخ الفنى للوطن (٢)

«١٠٠ سنة غنا».. التأريخ الفنى للوطن (٢)

 عمان اليوم -

«١٠٠ سنة غنا» التأريخ الفنى للوطن ٢

بقلم: فاطمة ناعوت

أستأنفُ معكم اليومَ ما بدأتُه الخميسَ الماضى في مقال: «على الحجار.. ١٠٠ سنة غُنا»، حول بداية تبرعم ذلك الحُلم في قلب الفنان «على الحجار» حول التأريخ الفنى لتراثنا الموسيقى الثرىّ واستعادته من غبار الأراشيف العريقة، وإحيائه بتوزيعات جديدة تحافظ على أصالة القديم وتمسُّه بريشة العصر، بصوت الفنان المثقف «على الحجار» وأصوات جديدة تشرّبت حلاوة الفن المصرى الخالد. إنه وعىُ الفنان المثقف بأن الفنَّ الرفيع قادرٌ على تأريخ حضارة الوطن، ما جعله يبدأ في دراسة مشروع جادّ لإحياء تاريخنا الموسيقى بدءًا من الروّاد العظام رفيعى المقام: «محمد عثمان، عبده الحمولى، أبوالعلا محمد، سلامة حجازى، سيد درويش، زكريا أحمد»، وجميع مَن سبقوا كان «الحجار» قد غنّى لهم في فرقة «إحياء التراث الموسيقى»، ثم نفتح قوسًا جديدًا لنستأنف أسماء عظماء من الجيل التالى، مثل: «محمد القصبجى، محمد عبدالوهاب، رياض السنباطى، أحمد صدقى، محمود الشريف»، ونغلقُ القوسَ لنفتح قوسًا جديدًا من جيل أحدث، مثل رفيعى المقام: «محمد الموجى، كمال الطويل، بليغ حمدى»، ثم عظماء من جيل أحدث مثل الأساتذة الكبار: «عمار الشريعى، عمر خيرت، ياسر عبدالرحمن، أحمد الحجار، خليل مصطفى، هانى شنودة». جميع مَن سبق من أساطين الموسيقى والتلحين، عكف «على الحجار» على دراستهم بعمق، بمساعدة اثنين من أصدقائه، أحدهما يمتلك كنزًا موسوعيًّا من التسجيلات القديمة لأولئك الرواد الكبار، والثانى مؤرخ موسيقى كان يوثّق تواريخ إصدار كل عمل من تلك الخوالد الفنية وربطها بالأحوال الاجتماعية والسياسية لمصر في كل حقبة زمنية مرّت بها. وبعد اختمار فكرة المشروع وخطة العمل في ذهن الفنان الشابّ «على الحجار»، ذهب «على الحجار» عام ٢٠٠٢ إلى وزير الثقافة آنذاك الفنان «فاروق حسنى»، وطلب الموافقة على تقديم مشروع «١٠٠ سنة غُنا» على سبعة شرائط كاسيت، كبداية للمشروع الكبير، واختبار جماهيرى لمدى نجاحه. لو كتب اللهُ النجاحَ لتلك الألبومات، واستقبلها الناسُ بشكل جميل، كان هذا إيذانًا باستئناف العمل والبدء في سبعة ألبومات أخرى، وهكذا، حتى يكتمل المشروعُ الكبير بتخليد تراثنا الفنى خلال مائة عام. وبالفعل تحمّس الفنان «فاروق حسنى» للفكرة، وحوّل المشروع إلى صندوق التنمية الثقافية. وذهب «الحجار» بالدراسة كاملة متضمنة ميزانية المشروع وأجور الموزعين والموسيقيين والكورال، وأسعار استئجار الاستديوهات ومهندسى الصوت. ولم يضع لنفسه أجرًا، وطلب تعيين مدير إنتاج متخصص من صندوق التنمية لمتابعة المصروفات والميزانية والأمور المالية الخاصة بالمشروع. وحين سُئل: «لماذا لم تحدد لنفسك أجرًا؟!»، أجاب «على الحجار» بأن ذلك المشروع هو حُلم حياته، ولن يتقاضى عن حُلمه أجرًا مهما كان الجهد، فهو عملٌ قومى للوطن، لا يؤخذ عليه أجرٌ. وقال إن هذا المشروع لو تم كما حَلُم به، فسوف يكون بمثابة درجة علمية ورسالة أكاديمية أنجزها. وفجأة توقف حماسُ المسؤولين لاستكمال المشروع دون أسباب معلنة!، لكن الحلمَ في قلب «على الحجار» لم يمت. قدّم اقتراحًا جديدًا للدكتور «أنس الفقى»، وزير الإعلام آنذاك، حول تقديم مشروعه خلال برنامج تلفزيونى أسبوعى يستضيف خلاله في كل حلقة مطربًا أو مطربة، بحيث ينقسم الاستديو إلى ديكورين، في أحدهما أتيليه يقوم فيه «على الحجار» برسم لوحة لبطل الحلقة الموسيقى «سيد درويش» مثلًا، أثناء الحديث عن تاريخ ذلك الفنان وأسلوبه الموسيقى ومدرسته الفنية. وهنا علىَّ أن أُذكّركم بأن الفنان الكبير «على الحجار» يجيد الرسم، فهو فنان تشكيلى، وخريج كلية «الفنون الجميلة». ثم يخرج الضيوف إلى قاعة أكبر ويدخل المطرب أو المطربة مع بريتيكابل على عجل يحمل عازفى التخت الشرقى القديم: (قانون- عود- ناى- رق- عازف كمان واحد + المذهبجية أو الكورال) يعزفون اللحن بصورته القديمة، ومن الجهة المقابلة يدخل بريتيكابل آخر عليه أوركسترا حديث يبدأ في عزف المقدمة الموسيقية بالتوزيع الجديد بروح العصر ومن نفس نسيج الأغنية الأصلية القديمة التي قُدمت قبل برهة بالتخت القديم، ثم يتقدم المطرب الضيف ليغنى الأغنية ذاتها بالتوزيع الجديد. ثم يدخل المؤرخ الموسيقى المستضاف ليحكى عن الأغنية وتاريخها وأحوال مصر خلال صدور الأغنية. بعد ذلك يقول «الحجار» للضيوف: «عاوز أسمّعكم صوت جميل جديد»، ويدخل مطرب أو مطربة من جيل الشباب، يقوم بأداء المذهب في ثوبه القديم، ثم تُعاد المقدمة الموسيقية بالتوزيع الجديد، ليُكمل المطرب الشاب الأغنية القديمة بالمعالجة الموسيقية الحديثة.

هكذا نقفُ على مدى رسوخ «١٠٠ سنة غُنا» كمشروع متكامل وحلم قديم جديد لا يموت ولا يخفُت في قلب وعقل صوت مصر المثقف «على الحجار». وأتمنى أن تتصدى وزيرةُ الثقافة الجميلة «نيفين الكيلانى» لتنفيذ هذا المشروع الثقافى الفنى، إحياءً لتراثنا الفنى الخالد

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«١٠٠ سنة غنا» التأريخ الفنى للوطن ٢ «١٠٠ سنة غنا» التأريخ الفنى للوطن ٢



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab