على الأرضِ السلام وبالناس المسرّة

على الأرضِ السلام... وبالناس المسرّة

على الأرضِ السلام... وبالناس المسرّة

 عمان اليوم -

على الأرضِ السلام وبالناس المسرّة

بقلم: فاطمة ناعوت

السلامُ غائبٌ عن وجه الأرض الآن، والمسرّةُ غادرتِ القلوبَ بسبب ما يجرى من ويلاتٍ ومذابحَ على أرض فلسطين الحبيبة، لكن الرجاءَ في وجه الله لا يغيب. «المجدُ لله في الأعالى، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرّة»، هكذا بدأ الأبُ «ممدوح شهاب»، رئيسُ الآباء الفرنسيسكان، كلمتَه في بداية الحفل السنوى الذي يقدّمه «كورال كنيسة سان جوزيف الكاثوليك» احتفالًا بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية، ويحرص على حضوره وفودٌ من رجال الدولة والإعلاميين والأدباء والفنانين لكى نُنصتَ إلى ترانيم الميلاد وأغنيات العام الجديد مصحوبة بالموسيقى الأوبرالية الجميلة بقيادة المايسترا «ماجدولين ميشيل»، وعزف أوركسترا «سان جوزيف»، مع بيانو وتوزيع الأب الفنان «بطرس دانيال». الكاثوليك عباقرةٌ في الفنون الموسيقية، مثلما هم عباقرةٌ في التعليم في مدارس الراهبات والرهبان الكاثوليك، تلك التي تقدّم أرقى تعليم أكاديمى وتربوى في مصر. ودائمًا ما أقرنُ «التربوىَّ» بـ«الأكاديمىِّ» لأن التعليم الأكاديمى إن لم يصحبه تعليمٌ أخلاقى، فلا قيمةَ له، بل قد يغدو نقمةً ولعنة. لهذا يتهافتُ الناسُ على إلحاق أولادهم بمدارس الكاثوليك، حيث يضمنون أن ينشأ أطفالُهم على القيم الأخلاقية الرفيعة، إضافة إلى المادة العلمية الرفيعة، إضافة إلى اكتشاف الموهوبين منهم للأخذ بيدهم نحو التميّز.

إذا حضرتِ الموسيقى، ذهبَ الشرُّ وزال الهمُّ من القلوب، وحلَّ الفرحُ، ودانتِ المحبةُ. أما لو امتزجتِ الموسيقى بنجوى الله ودعائه بأن يسبِلَ رحماتِه على الدنيا ويعُمَّ السلامُ والفرحُ بين البشر، هنا تكونُ المعادلةُ السحرية والرقمُ الصعب في اكتمال الجمال.

أغنياتٌ وترانيمُ بالإنجليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية، والدارجة المصرية والدارجة اللبنانية، شدا بها كورال «سان جوزيف» من الكبار ومن الأطفال. العزفُ مضبوطٌ على إيقاع الكمال، والحناجرُ مُدَوْزَنةٌ على نوتة شدو الملائكة، والعيون ناظرةٌ نحو السماء تناجى الله، والوجوه باسمةٌ مستبشرة إيمانًا منها بأن الله يُنصتُ إلى تضرعاتنا وأنه مجيبٌ الدعاء في غدٍ قريب، صافٍ مشرقٍ ونقىٍّ، لا حروبَ فيه ولا ظلمَ ولا اقتتال ولا احتلال ولا غشم ولا طفل صريع برصاص البغضاء ولا أسرة شاردة دون مأوى.

«أنصتوا!، أصيخوا السمعَ: إن الملائكةَ تُغنّى». هذه واحدةٌ من ترانيم الميلاد التي أبهجت أرواحَنا، أمس الأول، على «مسرح النيل». لا شىء أجمل من الموسيقى إلا أن تُضفرَ بمناجاة الرحمن الرحيم. الموسيقى هي صوتُ الملائكة تُغنى وهى تسكبُ قنانى الفرح على الأرض كلَّ صباح لكى نتنفس. صدّقوا الموسيقى واذهبوا إليها؛ فهى الدليلُ على أننا نتنفس. بالموسيقى ونجوى الله نودِّعُ عامًا قاسيًا قتل فيه الظالمون أطفالًا وشيوخًا ونساءً مسالمين عُزّلًا في بيوتهم ومدارسهم ومشافيهم. بالموسيقى نستعدُّ لاستقبال عامٍ جديد من حقيبة الزمان، ندعو اللهَ أن يكون واعدًا بالسلام والمحبة والأمن والرغد للوطن العزيز مصرَ، ولفلسطين الطيبة، وللعالم بأسره.

في لحظات العُسر والشدّة، ندعو الله في مساجدنا وكنائسنا أن يمدَّ يده الطيبة بالسلام لأشقائنا في غزّة، وأن تنعم فلسطينُ المحتلّة عمّا قريب بوطن مستقل حرٍّ لا احتلال فيه ولا دماء ولا خراب. ونحن على مشارف عامٍ جديد ندعو لمصر الطيبة أن يحميها اللهُ، فهى العزيزة التي كرّمها الإنجيلُ: «مباركٌ شعبى مصر»، مثلما كرّمها القرآن: «ادخلوا مصرَ إن شاءَ اللهُ آمنين»، وأن يحفظ نيلَنا العظيم وجيشنا الباسل ورئيسنا المحترم «عبدالفتاح السيسى»، الذي يصلُ الليلَ بالنهار للنهوض بالوطن رغم الظروف الطاحنة التي يمرُّ بها العالمُ بأسره. مع نهايات هذا العام نُزيّن مع أشقائنا المسيحيين أشجارَ الكريسماس الخضراء، ونشبكُ في أغصانها النجومَ وثمرات التفاح ونُدفَ الجليد والأجراس الملونة، وندعو الله أن يجعل العام القادم عام فرح وسلام، آمين.

بالموسيقى نرسمُ ما لا تقدرُ اللغةُ أن ترسمه بالكلمات!. بوسع الأديب أن يصف: تمثالًا أو شجرة أو لوحة تشكيلية أو بناية معمارية. ولكن كيف له أن يصفَ شدو الكروان أو خرير الماء أو حفيف الشجر أو صوت طفلة تُغنّى؟!. الأدبُ هنا يعترفُ بعجزه، لكن الموسيقى تستطيع. بوسع الموسيقى أن تغسلَ أرواحَنا وتذهب بهمومنا، التي راكمتها الأيامُ في حجرات قلوبنا على مدار العام، الذي يوشك أن يرحل، مُفسحًا الطريق لعام جديد نأمل أن يكون أجمل من سلفِه. مع أغنيات العام الجديد وترانيم عيد الميلاد، نسترجع طفولتنا ونستعيدُ ذكرياتنا في المدرسة مع احتفالات رأس السنة، ونحن ننتظرُ بشغف زيارة «بابا نويل» أو «سانتا كلوز»، قادمًا على عربة خشبية تجرها الغزلان، مُحمَّلة بالهدايا واللعب والأمل في تحقيق أحلامنا الصغيرة.

نحن موقنون أن الله يحبُّنا رغم ما نرتكبُ نحن البشر من شرور وخطايا، ويصبر علينا حتى نتعلّم «درسَ الحبّ»، الذي كتبه علينا وسطره في جميع كتبه وعلى ألسن رُسله. ما أحوجنا إلى التشبّث بدرس المحبة، التي لا تسقط أبدًا. «المجدُ لله في الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرّة». ميرى كريسماس.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على الأرضِ السلام وبالناس المسرّة على الأرضِ السلام وبالناس المسرّة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab