معضلة فرنسا

معضلة فرنسا

معضلة فرنسا

 عمان اليوم -

معضلة فرنسا

بقلم:جمعة بوكليب

مخارجُ الطوارئ في المباني الكبيرة لم تكن معروفة إلا بعد حدوث كوارث وحرائق. ومنها تعلّم المسؤولون والمهندسون المعماريون الدرس، وحرصوا على أن تكون خرائط وتصاميم العمارات السكنية وغيرها تشمل مخارج للطوارئ لنجاة القاطنين.

في السياسة كذلك، يتعلم الساسة الدهاة الحرص على عدم قفل الأبواب وراءهم كلية، بترك أبواب مواربة عدة لدى تصميم مبادراتهم وبرامجهم السياسية تحسّباً لما قد يحدث، وبالتالي إمكانية النجاة. ويبدو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد سقوط رئيس الحكومة ميشال بارنييه، في تصويت برلماني على الثقة يوم الأربعاء الماضي، يبحث الآن عن مخرج لهذا الأمر.

سقطت الحكومة في باريس. قبلها سقطت الحكومة في برلين. ورغم اختلاف الحالتين، فإن الأمور في القارة العجوز لا تسير وفق المعتاد على مستويات عدة، لعل أبرزها عدم نمو اقتصاداتها، والعجز السكاني ممثلاً في تناقص أعداد المواليد، وانخفاض مستوى دخول الأفراد، والتحديات التي تواجهها الأحزاب التقليدية من بروز التيارات والأحزاب الفاشية والعنصرية المتطرفة، ولجوء المستثمرين إلى أميركا، خاصة بعد وصول ترمب للسلطة.

ومن المتوقع أن يغادر الاشتراكيون الديمقراطيون الألمان المسرح في انتخابات شهر فبراير (شباط) المقبلة، نتيجة فقدانهم ثقة الناخبين الألمان. وانعدام وجود مخرج طوارئ، من المحتمل جداً أن يؤدي إلى استمرار معضلة فرنسا السياسية والاقتصادية إلى حين انتهاء فترة حكم الرئيس ماكرون الثانية عام 2027، أو الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، كما يطالب قادة أحزاب المعارضة من اليسار واليمين. الأمر الذي أعلن الرئيس ماكرون رفضه في خطاب تلفزيوني ألقاه يوم الخميس الماضي.

سقوط حكومة ميشال بارنييه ليس مفاجأة. سقوطها كان متوقعاً منذ اليوم الأول لبدء مهامه في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وبعد شهرين من إجراء الانتخابات التشريعية. ولأنّه ليس جديداً على عالم السياسة، كان ميشال بارنييه يعلم مسبقاً أن قبوله بالمنصب لا يعدو أن يكون مغامرة قصيرة الأجل، لا تحتمل نجاحاً. وربما كان قبوله بها بغرض عدم تفويت فرصة نيل التشريف بالمنصب.

نجاح الحكومات في الديمقراطيات الغربية يتطلب أغلبية برلمانية. ووحزب الرئيس، منذ انتخابات الصيف الماضي التشريعية الطارئة، فقد أغلبيته البرلمانية، واستحوذ على مقاعد البرلمان خصومه من أقصى اليمين واليسار. وكانوا يتوقعون، كما تقتضي قواعد اللعبة، إسناد رئاسة الحكومة إلى أحد الفريقين، وتحديداً إلى اليسار لحصوله على النسبة الأكبر من أصوات الناخبين. لكن الرئيس ماكرون رفض الرضوخ للأمر الواقع، وغامر بتعيين السيد بارنييه رئيساً للحكومة.

التصويت بعدم الثقة جاء نتيجة محاولة بائسة ويائسة من بارنييه لتمرير قانون ميزانية تقشفية، تميزت بارتفاع الضرائب وتخفيض الإنفاق بقيمة 60 مليار يورو. ورفضت المعارضة تمرير الميزانية في البرلمان، فلجأ بارنييه إلى استخدام حقه الدستوري بوصفه رئيس حكومة، بتمرير القانون بقرار تنفيذي، متخطّياً بذلك المعارضة. ولم يترك أمام المعارضة سوى حل واحد، وهو اللجوء إلى إسقاطه بالتصويت على عدم الثقة به. وهي المرّة الأولى التي تشهدها فرنسا منذ عام 1962، ولم يستغرق بقاؤه في المنصب سوى 3 أشهر، وبذلك يعد أقصر رؤساء الوزراء الفرنسيين عمراً في المنصب.

ستظل هناك لفترة زمنية تطول أو تقصر حسب ما يقرره الرئيس وما يستجد من حلول. وليس أمامه حالياً سوى المسارعة باختيار رئيس حكومة آخر، بهدف عدم تعطيل الميزانية. وتعيين رئيس حكومة جديد، كما يؤكد المعلقون، لن يجعل الأمور أفضل، لأنّه لن يكون بإمكانه تمرير أي قوانين من دون أغلبية برلمانية، أو بقبوله مذعناً التعاون والتنسيق مع أحزاب المعارضة، وهو ما يرفضه الرئيس ماكرون. وبالتالي، سيؤدي الأمر بالمعارضة إلى تقديم طلب بتصويت على عدم الثقة. وهذا سيفضي إلى سقوطه، وتعيين رئيس حكومة آخر!

اللافت للاهتمام أن الرئيس ماكرون يعلم ويدرك ذلك، وليس أمامه من حلّ آخر. هذه الوضعية سيكون حزب «التجمع الوطني» الذي تترأسه مارين لوبان هو المستفيد منها في أي انتخابات مقبلة. لوبان هي الأخرى متورطة في قضية قضائية تتعلق بإنفاق أموال الاتحاد الأوروبي في غير أوجهها المخصصة لها. وإذا جانبها حسن الحظ وصدر ضدها حكم قضائي فسوف تحرم من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي حالة تجاوزها تلك العقبة فمن المحتمل جداً أن تكون الساكن المقبل في قصر الإليزيه عام 2027.

الرئيس ماكرون، راهن على حسابات معينة، بتقريره إجراء انتخابات تشريعية خاطفة في الصيف الماضي، أدت إلى فقدان حزبه أغلبيته، وفتحت أبواب البرلمان أمام المتطرفين من أحزاب اليسار واليمين للمرّة الأولى.

 

omantoday

GMT 20:15 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

GMT 20:12 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لا تعزية حيث لا عزاء

GMT 20:11 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

حطب الخرائط ووليمة التفاوض

GMT 20:10 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

خرافات العوامّ... أمس واليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لماذا فشلت أوسلو ويفشل وقف إطلاق النار؟

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

الخصوصية اللبنانية وتدوير الطروحات المستهلكة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معضلة فرنسا معضلة فرنسا



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 05:15 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

توازن بين حياتك الشخصية والمهنية

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تواجهك عراقيل لكن الحظ حليفك وتتخطاها بالصبر

GMT 04:06 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الأضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 04:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 15:48 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 21:30 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 04:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 05:19 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

القمر في منزل الحب يساعدك على التفاهم مع من تحب

GMT 20:16 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:26 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

القمر في برجك يمدك بكل الطاقة وتسحر قلوبمن حولك

GMT 23:29 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

عبارات مثيرة قوليها لزوجكِ خلال العلاقة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon