هل يمكن إنتاج أوبريت «ترمب في طهران»
أخر الأخبار

هل يمكن إنتاج أوبريت «ترمب في طهران»؟

هل يمكن إنتاج أوبريت «ترمب في طهران»؟

 عمان اليوم -

هل يمكن إنتاج أوبريت «ترمب في طهران»

بقلم : أمير طاهري

«ترمب في طهران!»... هذا اسم أوبريت تخيله بعض أنصار «الواقعية السياسية» الأميركيين، والذين أطلقوا على أنفسهم اسم «مجلس العلاقات الخارجية»، بدلاً عن اللقب الذي اقترحه جي كي تشيسترتون: «نادي المهن الغريبة».

المثير أن الجزء «الواقعي» من ذلك الكليشيه الإنجليزي - الألماني مضلل للغاية؛ فما يجري طرحه هنا لا علاقة له بالواقع، بل هو محض خيال.

الحقيقة أن أنصار الواقعية السياسية عادة ما ينظرون إلى بلد ما، ويقررون من «الشخصية الأهم» في أي وقت معين، ويحاولون عقد صفقة معه، بغض النظر عن الاعتبارات الأخلاقية والمثالية وحتى الجيوستراتيجية.

كان هانز مورغنثاو، الأكاديمي الألماني - الأميركي، أحد أبرز أنصار هذا النهج. وعلى غرار زميله الألماني كارل ماركس الذي بحث عن «قوانين التاريخ»، حاول مورغنثاو العثور على «قوانين السياسة»، حسبما تتجلى على صعيد العلاقات الدولية. وفي رؤيته للعالم، شكّل مفهوم القوة الهدف الأسمى في العلاقات الدولية، بحسب ما تحدده المصالح الوطنية.

ووجد تحليل مورغنثاو أصداء له في إدارة الرئيس فرانكلين روزفلت، حتى في المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية. وبنفس الروح، حاول روزفلت، عبر ما كان من المقرر تسويقه بوصفه دبلوماسية المسار الثاني، إيجاد بدائل لأدولف هتلر داخل ألمانيا النازية. وفي وقت لاحق، شكلت الواقعية السياسية مصدر إلهام كل من جورج كينان وهنري كيسنجر. وبالفعل، تحولت جولة كيسنجر الساعية للتهدئة مع الإمبراطورية السوفياتية وجمهورية الصين الشعبية، إلى نموذج للواقعية السياسية الناجحة. كما استُخدم النهج ذاته «لحل» ما يسمى بالمشكلة الفلسطينية، وكبح جماح عصابة كيم في بيونغ يانغ، وإقناع ملالي طهران بالسير في ركاب باقي دول المجتمع الدولي، بدعوة من الرئيس باراك أوباما، وخلق المشكلات من الداخل.

وفيما يتعلق بمروجي السياسة الواقعية، أصبحت تجربة كيسنجر في الصين، بمثابة نقطة مرجعية للدبلوماسية الناجحة. وتحول أوبريت «نيكسون في الصين» إلى السرد المسرحي الأول لهذا الفريق. وتبعاً للأوبريت، نسي الرئيس الأميركي وغفر ما يقرب من نصف قرن من العداوة، وذهب إلى بكين، وأجرى بضع جولات برفقة «القائد الأعلى»، وجعل بذلك العالم مكاناً أكثر أماناً للجميع، بما في ذلك أميركا.

وعلى المنوال نفسه، يتساءل البعض، اليوم: لماذا لا يذهب رئيس أميركي آخر إلى طهران ليحتسي بعض المياه الغازية مع المرشد الأعلى، وينهي فصلاً تاريخياً طويلاً امتد لخمسين عاماً من احتجاز الرهائن، والإرهاب، والدعاية الخبيثة، والعقوبات والمواجهة العسكرية؟

اللافت أن هذا التساؤل أثير للمرة الأولى في أثناء ولاية أوباما، مع انهماك بعض المتطفلين مثل جون كيري في رسم ملامح أوبريت «أوباما في طهران»، الذي من شأنه أن يلقي بأوبريت «نيكسون في الصين» إلى غياهب النسيان.

الملاحظ أن عرض الأوبريت المسرحي لـ«نيكسون في الصين» خضع لتقنية التسريع. لذلك، فإنه لدى مشاهدته، قد يظن المرء أن نيكسون طار إلى بكين في لمح البصر، ولوّح بعصا سحرية، لتتحول الصين الحمراء إلى لون أبيض ناصع كالثلج!

إلا أن هذا ليس ما حدث.

لقد جرى أول اتصال بين إدارة نيكسون والصين الحمراء، بمساعدة إيران وباكستان، أوائل عام 1970، وأثمر زيارة كيسنجر الأولى لبكين عام 1971. وتبع ذلك زيارة نيكسون عام 1972.

وأرسل نيكسون أحد أبرز دبلوماسييه، الرئيس المستقبلي جورج دبليو. بوش، إلى بكين بوصفه مبعوثاً شبه رسمي لمدة عام، لمراقبة امتثال بكين للاتفاقات المبرمة بين الجانبين، خطوة بخطوة. ولم يصدر الاعتراف الدبلوماسي الكامل وإعلان العلاقات الطبيعية مع جمهورية الصين الشعبية، إلا في نهاية فترة اختبار استمرت سبع سنوات حتى عام 1979.

على مدار تلك السنوات، تغيرت الصين على النحو الذي أرادته الولايات المتحدة. إن الخوف من ظهور زمرة عسكرية متشددة بوصفها خليفة ماو، بدأ يتلاشى مع الإقصاء «العرضي» للمشير لين بياو، في غضون ستة أشهر فقط من زيارة كيسنجر السرية إلى بكين.

في عام 1971، وفي أثناء تغطيتي لزيارة الإمبراطورة فرح ورئيس الوزراء الإيراني أمير عباس هويدا للصين، أتيحت لي الفرصة للتحدث إلى السيدة ماو في بكين وياو وينيوان في شنغهاي، وكلاهما كان لا يزال مصراً على أن «الإمبريالية الأميركية» ستُمنى بالهزيمة في جميع أنحاء العالم.

عبر تلك السنوات السبع المملوءة بالأحداث، ابتعدت الصين بشكل مطرد عن مكانتها بوصفها وسيلة للثورة العالمية. وبدلاً عن ذلك، تحركت نحو إعادة رسم صورتها باعتبارها دولة طبيعية.

من جهتها، رغبت الولايات المتحدة في أن تتخلى الصين عن وكلائها في أنغولا وموزمبيق وجنوب غربي أفريقيا وجنوب اليمن، الأمر الذي فعلته القيادة الصينية بأسرع ما يمكن. وقد ساعد ذلك إيران في سحق العصابات المسلحة العاملة تحت مسمى «الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل».

ومع تولي هوا جيوفينغ منصب رئيس الوزراء، وظهور دينغ شياوبينغ كرجل قوي، تبنت بكين صورة مؤيدة لواشنطن بشكل واضح، مع اعتبار الدولتين الاتحاد السوفياتي منافساً، إن لم يكن تهديداً حقيقياً.

وبذلك يتضح أن مغامرة نيكسون في الصين دارت حول الدبلوماسية القاسية، التي لم يكن لها علاقة بالسياسة الواقعية.

لقد قال الأميركيون للصينيين: إذا كنتم تريدون منا أن نفعل شيئاً تريدونه، فعليكم أولاً أن تقدموا لنا ما نريده. وبالفعل، استجاب الصينيون، ونالوا المكافأة.

وعليه، فإن تطبيق النموذج الصيني على التطبيع مع النظام الإيراني، لا بد أن يبدأ بقائمة طويلة من المطالب، التي يتعين على إيران أن تتعامل معها، في مجالات السياسة الداخلية والخارجية.

وهنا، تطرح تساؤلات نفسها: هل المرشد الأعلى علي خامنئي مستعد لخوض محنة على مدار سبع سنوات، على أمل ضمان الخلاص، نهاية المطاف؟ وهل يتمتع بنفوذ مكافئ لما كان يتمتع به ماو، عندما وافق على تغيير المسار بشكل كبير؟ وهل سيصمد حتى انتهاء هذه المدة الطويلة؟

omantoday

GMT 23:27 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

كيف يمكن استقبال الجديد؟

GMT 23:26 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

ماذا ستقول “الحركة” لأهل غزّة؟

GMT 23:24 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

خولة... لا سيف الدولة

GMT 23:23 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

انتصارُ أميركا على الحوثي لا يكفي

GMT 23:22 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

عُشَّاقُ المُتَنَبّي... وورثةُ جنائنِه!

GMT 23:21 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

أميركا وإيران... سياسة «حافة الهاوية»

GMT 23:19 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

وزارة تشبه سوريا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يمكن إنتاج أوبريت «ترمب في طهران» هل يمكن إنتاج أوبريت «ترمب في طهران»



إطلالات هدى المفتي تجمع بين الأناقة العصرية والبساطة

القاهرة - عمان اليوم

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 02:18 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

كيف تختار مدرسة تتناسب مع قدرات ابنك ؟

GMT 21:21 2016 الثلاثاء ,19 إبريل / نيسان

كيف تُساعدين طفلك على التخلص من الخوف ؟

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab