ربيع عربي شتاء إسلامي وصيف عسكري

ربيع عربي.. شتاء إسلامي وصيف عسكري؟

ربيع عربي.. شتاء إسلامي وصيف عسكري؟

 عمان اليوم -

ربيع عربي شتاء إسلامي وصيف عسكري

أمير طاهري

حتى قبل أن يجري بشكل كامل، كان بعض المحللين الغربيين ينظرون إلى الربيع العربي باعتباره مقدمة لشتاء إسلامي. وكان المعنى الضمني بأن على العرب الاختيار بين الديكتاتورية العسكرية والاستبداد باسم الدين. أما التغيير الذي حدث بالأمس ضد الرئيس محمد فيشير إلى احتمال ثالث وهو «صيف عسكري منم الفوضى». كان التكهن بشأن أسباب الفوضى مستمرا منذ ثلاثة أسابيع، حيث يصور مرسي كشخصية محورية، تتعرض لانتقادات من ثلاث جبهات. يزعم معارضوه من غير الإسلاميين، بما في ذلك «فلول» النظام السابق، أنه يحاول إقامة خلافة إسلامية. وأن مرسي، بحسبهم، يضع التابعين لجماعة الإخوان المسلمين في العديد من المناصب الرئيسة في الدولة قدر الإمكان في الوقت الذي أضعف فيه المؤسسات مثل المحاكم المختلفة التي تتحدى خياراته. الانتقاد الثاني جاء من الليبراليين، الذين قالوا إن مرسي كان دمية في يد مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، وإنه يتهرب من مشكلات البلاد الحقيقية مثل البطالة المقنعة وتعطل الخدمات العامة، بزعم القتال ضد متآمرين وهميين على مصر. أما الانتقاد الثالث فجاء من بعض الإسلاميين، بما في ذلك آلة الدعاية الخمينية في إيران. ووفقا لهم، فقد فشل مرسي لأنه لم يكن «إسلاميا بما يكفي». وقد وجهت صحيفة «كيهان»، التي ينشرها مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي، يوم الثلاثاء، انتقادات إلى مرسي بتضييعه «فرصا ثورية». وقالت افتتاحية الصحيفة إنه كان ينبغي على مرسي إنشاء لجنة تنسيق ثورية، على غرار تلك التي أنشأها آية الله الخميني خلال الثورة ضد الشاه. ففي النظام الخميني يجري إعدام أو سجن أو نفي كل منتقدي النظام، ويجري النظام انتخابات مزورة ويقرر من يترشح ومن يفوز. المشكلة في التحليلات التي تتمحور حول مفاهيم «الربيع العربي» أو «الشتاء الإسلامي» هي أنها تركز على الطريقة التي يجري بها تشكيل حكومة. لكن الأزمة المصرية الراهنة تفرض تساؤلا مختلفا، وربما أكثر أهمية، حول كيف يجري تغيير الحكومة. ولعل نظرة على التاريخ المعاصر لمعظم الدول العربية تكشف عن أهمية هذا السؤال. ففي معظم الحالات حدث تغيير الحكومة بثلاث طرق.. إحداها عبر اغتيال الحاكم، وهو أسلوب قديم يعود تاريخه إلى قرون الإسلام الأولى لكنه بلغ ذروته في عهد العباسيين. الوسيلة الثانية تأتي عبر انقلاب عسكري. وهذا الأسلوب، أيضا، له تاريخ طويل في التاريخ العربي والإسلامي، في العديد من العصور، بما في ذلك الفاطمي، والديلميون، والسلاجقة، والمماليك الذين استولوا على السلطة بسبب سيطرتهم على الجماعات المسلحة داخل أو على هامش النظام. ومع تحلل الإمبراطورية العثمانية وظهور عدة دول عربية جديدة مرتكزة على الجيوش التي أنشئت حديثا، أصبح تغيير الحكومات عبر الانقلابات العسكرية الوسيلة المعمول بها. ومنذ عشرينات القرن الماضي، شهدت الدول العربية نحو 40 انقلابا بدءا من اليمن إلى الجزائر ومرورا بسوريا ومصر. كان سقوط زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر نتيجة للطريقة ذاتها، عندما سحب الجيشان التونسي والمصري البساط من تحت الرئيسين المطاح بهما في كل من الدولتين. أما الطريقة الثالثة لتغيير حكومة عربية فهي من خلال الغزو الأجنبي، وأبرز الأمثلة على ذلك كان إسقاط نظام صدام حسين في العراق عام 2003. وقد أوجد «الربيع العربي» الأمل في طريقة أخرى لتغيير الحكومة من خلال انتخابات نظيفة ومقبولة. قبل «الربيع العربي» كان العراق الدولة العربية الوحيدة التي خاضت تجربة تغيير الحكومة من خلال هذه الطريقة الجديدة. فبعد سقوط نظام صدام حسين، تمكن العراقيون من تغيير الحكومة ثلاث مرات عبر الانتخابات. لكني لا أعتقد أنهم سيتمكنون اليوم من القيام بذلك مرة رابعة. ولنعد إلى مصر، فإن الخيار الأفضل والأضمن على المدى البعيد يتمثل بجعل مسألة تغيير الحكومات جزءا من الثقافة السياسية للبلاد. هذا يعني السماح لمرسي بإكمال فترته الرئاسية، وإذا ما أخفق في إقناع غالبية المصريين بتأييده يصار إلى ملاحقته وإسقاطه في الانتخابات التالية. إن الحشود في الشوارع، وحتى في ميدان التحرير، لن تنجح في تشكيل أو تغيير حكومة من تلقاء نفسها. فالحشود وحوش متقلبة تستطيع كل أنواع الشخصيات البغيضة امتطاء ظهورها، لتحولها في كثير من الأحيان إلى غوغاء، وتنتج حكومة من الدهماء، يحكمها أسوأ عناصر المجتمع. الآن نجد أنه أطيح بمرسي لأن القوات المسلحة ومعها الشرطة وأجهزة الاستخبارات قررت أنه من مصلحتها أن يذهب مرسي، وهذا في الواقع انتصار للفريق عبد الفتاح السيسي وشركائه في القيادة العليا وليس لأصحاب الهتافات العاطفية في ميدان التحرير. تنحية مرسي تحت الضغط المشترك للحشود والجيش قد تكون نكسة لآمال مصر بوجود تغيير حقيقي. ومثل هذه النتيجة ستقنع المصريين بأن الطريقة الوحيدة لتغيير الحكومة التي لا يريدونها ستكون عبر انقلاب عسكري، وهو ما من شأنه أن يجعل الدولة المصرية برمتها مجرد فرع من الجيش بدلا من العكس. وستعود مصر مرة أخرى إلى عام 1952 عندما بدأ عبد الناصر بناء ديكتاتورية عسكرية له. أرجو ألا تسيئوا فهمي، فأنا لا أدافع عن طريقة حكم مرسي، أو فشله في الحكم. كل ما أدافع عنه هو حقه، بل واجبه، أن يحكم بموجب الشرعية. ومن الواضح أن هناك شريحة كبيرة من المجتمع المصري، قد تكون حتى أغلبية، ترفض ما يمثله مرسي. لكن هذا الرفض يجب أن يأتي عبر انتخابات حيرة ونزيهة، لا مظاهرات غاضبة مدعومة من قبل قادة الجيش. نقلا عن جريدة الشرق الاوسط 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربيع عربي شتاء إسلامي وصيف عسكري ربيع عربي شتاء إسلامي وصيف عسكري



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab