أرقام الخريف العربي

أرقام الخريف العربي

أرقام الخريف العربي

 عمان اليوم -

أرقام الخريف العربي

غسان شربل

< مطلوب جهة محايدة وموثوقة. هيئة تمتلك الرصانة العلمية الضرورية. لا تخلط الأرقام بالتمنيات أو الأوهام. هيئة جدّية ومحترمة. تعمل بشفافية ونزاهة، ثم تضع حصيلة جهودها أمام القارئ العربي.
من حقّنا أن نعرف. كم عدد الرؤوس التي قُطِعت على يد تنظيم «داعش». ويُستحسن ان يُرفَق العدد بلائحة تُظهِر انتماءات من فُصِلت رؤوسهم عن أجسادهم. طبعاً مع الإشارة الى الذُّنوب التي ارتَكَبوا حتى استحقّوا هذا النوع من العقاب الذي كادت البشرية أن تنساه.
من حقّنا أن نعرف أيضاً التزايد المريع في عدد الأرامل في مسارح ما اصطُلِح على تسميته «الربيع العربي». ومن هي الجهة الموكلة إليها رعاية الأرامل الجديدات؟ وهل يحظَيْن برعاية نفسية وطبية، وهل يحصَلْن على شيء من التعويضات؟
من حقّنا ان نتعرف إلى جيوش الأيتام الجدد. أين يقيمون ومَنْ يتولى إعادة تأهيلهم ومن يوفّر لهم الحد الأدنى الضروري، لئلا يكونوا حطباً جاهزاً للتنظيم الذي سيخلف «داعش» في السنوات المقبلة.
من حقّنا أن نسأل عن عدد العرب الذين يقيمون الآن في الخيام، بعدما اقتُلِعوا من منازلهم بفعل الرعب من التنظيم المتوحش أو قذائف الميليشيات او براميل الجيوش. وماذا عن اوضاع مَنْ فاضت بهم بلادهم ودفعتهم الى الدول المجاورة، ينتظرون صَدَقات المحسنين؟ وهل صحيح ان بعض أطفالهم مات من شدة الصقيع وشدة الجوع؟
من حقّنا أن نعرف عدد الذين ماتوا تحت وطأة التعذيب، على حواجز الميليشيات أو في أقبية أجهزة الاستخبارات. ويُستحسن أن نعرف كيف لفَظوا أنفَاسَهم الأخيرة، ذلك أن الأنباء تتحدث عن فنون جديدة في الإجهاز على الخونة والعملاء والجواسيس، وهم في النهاية شريحة كبرى من شعوبنا.
من حقّنا ان نسأل عما حلّ بالأقليات، إذ تتحدث الأنباء عن تبخُّر بعضها وهجرة أقليات أخرى. وإذا كان إنقاذ الأقليات متعذّراً وسط امواج التسامح السائدة، فلتُعلَن نهايتها على الأقل ليتولى من بقي حياً تنظيم وداع شبه لائق لِمَنْ جرفتهم أمواج الكراهية العاتية.
من حقّنا أن نسأل عن عدد العرب الذين قضوا في قوارب الموت، وهم يحاولون عبثاً الوصول الى أرضٍ غير عربية، علّهم يظفرون بكسرة خبز وكسرة كرامة. ويمكن الإشارة هنا الى عدد مَنْ نجحوا في الوصول الى إيطاليا وإسبانيا، ثم نجحوا في التسلُّل عبر حاويات الى فرنسا وبريطانيا.
من حقّنا ان نسأل أيضاً عن عدد «المجاهدين» الذين تسربوا إلى الأرض العربية السائبة، ليفرضوا فيها قوانينهم ويُقيموا محاكمهم ويطلقوا النار على بعض السكان الأصليين. يُستحسن تصنيفهم وفق بلدانهم الأصلية، خصوصاً بعدما تبيّن أنهم تجشَّموا عناء السفر من بلدان بعيدة، بينها افغانستان والصين والشيشان وداغستان وأستراليا.
من حقّنا أن نستفسر عن الثروات الهائلة التي أُنفِقَت على جيوش فشِلت في الدفاع عن الحدود الدولية والعواصم والمدن، وتُباهي الآن بالسباحة في مياه الميليشيات والخبرات غير المحلية، بعدما نجحت في مصادرة حناجر المواطنين وطحن اجزاء من الخريطة.
من حقّنا ان نسأل عن عدد السُيَّاح الذين اغتيلوا على أرضنا، بعدما ضُبِطوا متلبِّسين بجرم التجسس على متاحفنا وبحرنا وأشجارنا، وبعدما افسدوا هناء عيشنا بكاميراتهم الصغيرة ومحاولتهم تشويش ثقافة أطفالنا بألوان ثيابهم وضحكاتهم.
من حقّنا ان نسأل عن عدد جلسات الحوار الوطني لتبديد سوء التفاهم العابر بين المكونات في هذا القطر أو ذاك، خصوصاً أننا نرفض بإباء وشَمَم تسمية الحروب الأهلية، ونحمّل الرّجعية والاستعمار مسؤولية التّرويج لهذه المفردات البعيدة عن تراثنا وثقافتنا.
ومن حقّنا أن نعرف ماذا طرأ على معدّلات البطالة والفقر وتكاليف إعادة الإعمار، حين تتعب القبائل من ولائمها.
يُستحسن أيضاً وضع لائحة صريحة بالبلدان العربية التي تفكّكت حتى الآن، وتلك المرشحة للتصدُّع، ويُفضَّل إرفاق اللائحة بخرائط الأمر الواقع ليبدأ العربي في الاعتياد عليها، بدل البقاء في حال البكاء على الخرائط القديمة.
مطلوب هيئة محايدة لإنجاز هذه المهمة القومية. وليت اللائحة تكون جاهزة لوضعها في تصرف نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، ليتمكّن من إطلاع القمة المُقترِبة على الأرقام الفعلية للخريف العربي المديد.

omantoday

GMT 20:15 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

GMT 20:12 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لا تعزية حيث لا عزاء

GMT 20:11 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

حطب الخرائط ووليمة التفاوض

GMT 20:10 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

خرافات العوامّ... أمس واليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لماذا فشلت أوسلو ويفشل وقف إطلاق النار؟

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

الخصوصية اللبنانية وتدوير الطروحات المستهلكة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أرقام الخريف العربي أرقام الخريف العربي



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 20:35 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon