حليف ضروري ومتعب

حليف ضروري ومتعب

حليف ضروري ومتعب

 عمان اليوم -

حليف ضروري ومتعب

غسان شربل

أميركا قوة هائلة وحسابات معقدة. هذا ما يعرفه الخصوم والأصدقاء معاً. كل دولة في العالم تكاد تشعر أن أميركا مقيمة قرب حدودها. وأن الظل الأميركي حاضر في حساباتها. وأنها تصطدم بأميركا في محاولة توسيع دورها. أو أنها تتكئ على أميركا للاحتماء من شراهة جار قوي. كأن دول العالم تسعى إلى اعتراف أميركي بدورها أو إلى ما يشبه شهادة حسن السلوك. ولا مبالغة في القول إن الهيبة الأميركية كانت السبب في ردع مغامرات كثيرة ومغامرين كثيرين.

لهذا السبب تتطلع دول العالم إلى بناء علاقات صداقة مع أميركا. وهذه الصداقة ليست بسيطة وسهلة خصوصاً في ضوء آلية صنع القرار في واشنطن. وكثيراً ما استغرب بعض الزوار أن سيد البيت الأبيض الذي يأمر أقوى جيش في العالم لا يستطيع أن يقدم التعهدات التي يسارع إلى قطعها رؤساء أصغر الدول.

لهذا تشهد الصداقة مع أميركا امتحانات دائمة خصوصاً لدى تبدل الإدارات وهبوب عواصف إقليمية أو دولية عاتية. الصداقة مع هذا النوع من الأقوياء مفيدة ومكلفة.

نجحت دول مجلس التعاون الخليجي في جعل قنبلة الدور الإقليمي لإيران حاضرة في كامب ديفيد. كانت تخشى قبل انعقاد القمة أن تقتصر اهتمامات الجانب الأميركي على قنبلة البرنامج النووي الإيراني. ظهر هذا النجاح من خلال ما أعلنه باراك أوباما خلال القمة ثم في حديثه إلى «العربية». لم تحصل دول المجلس على كل ما كانت تتمناه لكنها حصلت على ما يساعدها على التعامل من موقع أفضل مع سياسة زعزعة الاستقرار الإيرانية. أظهرت القمة أن العلاقات مع أميركا تحتاج إلى صيانة دائمة. إلى قراءة واقعية للمصالح المتبادلة والرياح المؤثرة على سيد البيت الأبيض. هذه المهمة ليست سهلة.

كان واضحاً في السنوات الماضية أن أوباما لا يريد التزامات تعيد الولايات المتحدة إلى صلب صراعات لا يمكن حسمها. لا يريد إضافة أعباء جديدة أو التسبب في حروب جديدة. ولهذا لم يتردد في مصارحة بعض زواره بأن أميركا لا تملك منفردة حلولاً سحرية لمشكلات العالم وأن على الدول في مسارح الأزمات ألا تراهن على دور أميركي نيابة عنها. أي أن أوباما يقدم أميركا في صورة الداعم والضامن لا في صورة المحارب والمتدخل.

راقبت دول المنطقة سلوك أوباما في مجموعة ملفات. الانسحاب من العراق والأوضاع في هذا البلد بعد الرحيل الأميركي. «الربيع العربي» وما أطلقه من آمال ثم من آلام وموقف أوباما من التجليات المختلفة لهذا الربيع. الحلقة السورية التي شهدت انتفاضة شعبية تحولت لاحقاً حرباً أهلية ومبارزة إقليمية ودولية تتميز باستباحة كاملة للأراضي السورية على أيدي المقاتلين الأجانب الموزعين على معسكري المواجهة هناك. الدور الإيراني في المنطقة وما يثيره من مخاوف لدى دول مجلس التعاون الخليجي. ولا مبالغة في القول إن دول المجلس استنتجت أن من حقها أن تقلق بسبب رهانات أوباما غير المضمونة على تغيير في السلوك الإيراني واتباعه سياسة مترددة يعتبرون أنها ساهمت في إطالة أمد المأساة السورية.
 
بعد كامب ديفيد تملك دول المجلس صورة واقعية عن استعدادات الحليف الأميركي ودوره في المرحلة المقبلة. العبء الأكبر يقع على دول المجلس في بلورة سياسات تخدم مصالحها وتلتقي مع الحسابات الأميركية. المعركة الأساسية هي معركة الإقليم وحدود الأدوار فيه. هذا يشمل اليمن والعراق وسورية ولبنان ومسارح أخرى. دول المجلس مطالبة باستجماع أكبر ثقل إقليمي ممكن لرسم حدود للدور الإيراني.

لإقامة توازن رادع سمح بالبحث عن نظام إقليمي جديد. قمة كامب ديفيد كانت محطة مهمة. المرحلة الأصعب تبدأ الآن. هل تنازلت إيران عن القنبلة النووية لتعزز امتلاكها قنبلة الدور الإقليمي؟ وكيف ترد دول المجلس وما هو موقع مصر وما هو دور تركيا؟ وهل يمكن بناء شبكة إقليمية ترغم إيران على إعادة النظر في هجومها الذي ساهم في إنهاك بعض خرائط الإقليم الضائعة أصلاً بين الشهيات الإيرانية وشراهة «داعش». وفي استجماع أوراق التأثير لا بد من الالتفات إلى حليف ضروري ومتعب اسمه أميركا خصوصاً إذا كان اسم رئيسها باراك أوباما.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حليف ضروري ومتعب حليف ضروري ومتعب



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab