عن النجدة الروسية لسورية في السياسة والحرب

عن النجدة الروسية لسورية في السياسة والحرب..

عن النجدة الروسية لسورية في السياسة والحرب..

 عمان اليوم -

عن النجدة الروسية لسورية في السياسة والحرب

بقلم : طلال سلمان

وبعد سنة دموية خامسة لعلها الأطول والأثقل وطأة في تاريخ الحرب في سوريا وعليها، تمكنت موسكو ـ بوتين، وبعد تقديم نجدة مؤثرة لجيش النظام السوري (وحلفائه)، من إقناع واشنطن ـ أوباما بضرورة عقد «هدنة» تشمل مناطق الاشتباك المفتوح في مختلف أنحاء سوريا... كمدخل إجباري إلى مشروع تسوية سياسية في هذه الدولة التي تنزف أهلها الذين كانوا دائماً أهلها، وهي التي كانت الأمنع استقراراً في هذه المنطقة المضطربة إلى حد الضياع عن هويتها وتاريخها ومستقبلها.

من البديهي أن ينهمر القلق شلالاً من الأسئلة حول «المتغيرات» التي جعلت التوافق على الهدنة ممكنا، بعد ان كان متعذراً من قبل، مما أسقط خمس عشرة «هدنة» سابقة لم يقدّر لأي منها أن تستمر إلا ساعات معدودة، وفي هذه «الجبهة» أو تلك، وليس على امتداد البلاد التي تكاد تغرق في دماء من تبقى من أهلها فيها، بعد ان نزح منها حوالي الثلث من عائلاتها رجالاً ونساءً وأطفالاً وأجنّة كتب عليهم أن يولدوا في الغربة، أو في بحر الطريق إليها.. إذا لم يغرقوا فيه.

ولقد تطلبت هذه «الهدنة» جهوداً مضنية وعبر لقاءات متوالية بين الوزيرين اللذين باتا «صديقين» لكثرة ما التقيا فتناقشا وتجادلا واختلفا واتفقا وافترقا مختلفين ولكن على موعد للقاء جديد، وواجها ضغوطاً متبادلة من «إخوة» و «أصدقاء» سابقين، وكذلك من زمن يتسرّب من بين أصابعهما فيغرق في لجّة جديدة من دماء السوريين...

لكن السؤال يتجاوز هوية «المنتصر» في مفاوضات الهدنة إلى ما بعدها، أي إلى إمكان نجاح جولة التفاوض المقبلة بين النظام في سوريا و «معارضاته» المدعومة من دول عدة، معظمها «عربية» المنشأ والملبس وبعضها «إسلامية» الراية ولكنها معادية لسوريا واستقرارها وما كان لها من منعة في مواجهة العدو الإسرائيلي... والقائمة تضم إلى السعودية وقطر والامارات تركيا التي لم تتأخر عن استغلال مفاوضات الهدنة للتوغل عسكرياً داخل سوريا واقتطاع الشريط المحاذي لحدودها بطول مئات الكيلومترات بذريعة مكافحة النزعة الاستقلالية أو الانفصالية عند أكراد سوريا معززة بموجبات قتال مفترض لتنظيم «داعش».

ولقد حققت روسيا ـ بوتين مكاسب سياسية واقتصادية ملحوظة، وانفتحت أمامها أبواب كانت موصدة، تاريخياً، أبرزها باب السعودية (وبعض الخليج)، وتعززت بتلاقي المصالح (نفط وغاز)، من دون أن يمنع ذلك من توطيد علاقتها مع إسرائيل نتنياهو... بل ومن إعادة بناء «علاقات الصداقة» مع تركيا اردوغان، لا سيما بعد محاولة الانقلاب المكشوف والذي تسبب في تعكير علاقة التحالف بين أنقرة وواشنطن.

البعض ينسب بعض الفضل في المكاسب الروسية إلى تمسك الرئيس الأميركي الذي يمضي الأسابيع الأخيرة له في البيت الأبيض، باراك أوباما، بسياسة «الانسحاب» ـ أقله عسكريا ـ من «منطقة الشرق الأوسط»، أو بالأحرى من المشرق العربي، عموماً، بعد التجربة المرة في العراق... واندفاع السعودية إلى المغامرة العسكرية، كما في اليمن، مستدرجة معها بعض الدول الناشئة في الخليج العربي التي ارتدى حكامها ثياب الماريشالات وقرروا «استعمار» بل و «احتلال» دولة عريقة كاليمن، والتوسع في التدخل في الشؤون الداخلية لدول ذات تاريخ كالعراق، وسوريا، وصولا إلى ليبيا وتونس فضلاً عن السودان الذي يجرّه رئيسه إلى مغامرات عسكرية مدفوعة الأجر، بغير أن تكون لشعبه الطيب أية علاقة بمواضيع الصراع، بل لعله في داخله ضد هذه المغامرات وضد الأنظمة التي يهبّ رئيسه لنجدتها... بالثمن!

إن محاولة إحصاء المكاسب الروسية ستكون معقدة، لكن إحصاء خسائر «العرب» من «اقتتال الإخوة» يظل أسهل، وهي في أي حال خسائر عظيمة جداً.
إن قوات تركية تحتل أجزاء من سوريا الآن (وإن قيل: حتى إشعار آخر)، وقوات غربية بالقيادة الأميركية تتزايد عدداً وعدة في العراق تحت عنوان «تحرير» الموصل من «داعش».. وتركيا تحاول أن تحقق مكاسب إضافية فيها، أيضاً... كذلك فإن قواعد عسكرية للمعسكر الغربي بالقيادة الأميركية قد أعلنت عن وجودها في العديد من أقطار الخليج، بما فيها السعودية، تحت ستار «التدريب» تارة، أو تحت ستار «مواجهة التهديد الإيراني» تارة أخرى.

وصحيح أن النجدة الروسية للنظام السوري كانت ضرورية لمواجهة حشد خصومه، الذين اجتمع في معسكرهم العديد من قادة «العرب» مع تركيا، فضلاً عن إسرائيل التي فتحت معسكرات التدريب لأصناف من شتى المعارضات ذات الشعار الإسلامي «كالنصرة» ـ وهي ـ «القاعدة» ـ فضلاً عن «داعش»...
لكن الصحيح أيضاً أن حسم الحرب في سوريا وعليها يحتاج الى ما لا يستطيع أحد تقديمه إلا النظام السوري نفسه، وهذا هو جوهر المسألة.

omantoday

GMT 06:02 2017 السبت ,20 أيار / مايو

رصاص على حرف النون

GMT 06:10 2016 الأربعاء ,28 أيلول / سبتمبر

الرئاسة بالصوت اللبناني.. ولو كره الكارهون!

GMT 05:50 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

رحيل مناضل بلا صورة..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن النجدة الروسية لسورية في السياسة والحرب عن النجدة الروسية لسورية في السياسة والحرب



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab