شجـر وعقـيـق

شجـر وعقـيـق !

شجـر وعقـيـق !

 عمان اليوم -

شجـر وعقـيـق

بقلم - حسن البطل

يسمون عظام الشجر سيللوز، وللسنديان عظام من العاج، ولشجرة الأرز عظام من البرونز.. وهذه شجرة الحور لها عظام من غضاريف؛ ولها رقصة الجارية إذا نفخ الريح على أوراقها، صارت ترقص كأنها جارية حسناء ترتدي قميص نوم شفيفاً - هفيفاً.
تلبس السنديانة كما ترتدي الأميرة، وتعتمر الأرزة تاج الغاب.. ولشجرة الحور أسمال ذات الخدور. ترقص الشجرة مع نسمات الريح كما ترقص الجارية للأمير، فإذا رقصت مع الريح صارت أسمال ثوبها الأخضر - الأبيض في رقة قماشة «اللانجري».
العروسات الصغيرات، البضّات، يأتينك الى المخدع بهذا «اللانجري» الهفيف - الشفيف.. وأما شجرة الحور فتنتظرك في حديقة الدار، لأن خشب سريرك من سنديان، ولأن لجلد حبيبتك لون البرونز. لأوراقها، ذات الأصابع الثلاث، شكل قدم الإوزّة، ولرقصتها طيران الوطواط. ولها رحلة غجرية من أول الربيع الى آخر الخريف. هذه السنديانة أميرة. وهذه الأرزة ملكة، ولهذه الشجرة رقصة الجارية التي ترتدي، من الربيع الى الخريف، ثياب النوم الفاضحة في حديقة الدار. إنها «بنت الناس» اذا خطبتها لحديقة الدار.. حملت لك مروحة الهواء، فإذا جاء الشتاء خلعت أسمالها كلها، وتركت ضوء الشمس كله يتخلل جذعها وأغصانها وعيدانها ويرسم ظل موتها على عشب الأرض اليانع. .. ومع أول الربيع تأتيك، من جديد، فتاة كاعب لتبدأ رقصتها مع نسيم الريح.. طوال فصل الصيف.
الأرزة التي رأت الفينيقيين يبحرون بها، على شكل سفينة، مع الأبجدية ولون الأرجوان، رأت الفراعنة يبنون خوفو وخفرع ومنقرع. هذه بلاد الأرز وتلك بلاد الأهرامات، والأرزة هرم أخضر من حياة، والهرم أرزة من حجر لوهم حياة بعد الحياة. لم يبقَ في بلاد الأرز غير غابتي أرز، في الشمال قرب بْشرِّي، وفي الوسط قرب نبع الباروك. الأرزات اللواتي عشن عصر اكتشاف لون الأرجوان، وعصر بناء الهرم، بلغن من العمر عتياً. يقولون: «أرز الرَّب».
اذا اجتمعت مئات وآلاف من شجرات الأرز، شكلت مظلة خضراء سميكة، قلّما يتخللها شعاع شمس. الأديم تحت فروع كثيفة لأشجار الأرز محروم حرماناً أبدياً من قبلة الشمس للتراب.
في هجير الصيف، مثل هذا الهجير في هذا الصيف، يهربون الى الساحل الأزرق، أو يدلفون الى غابة «أرز الباروك».لا تتغلغل في عمق الغابة، فإذا تغلغلت عليك أن ترتدي قميصاً شتوياً، أو سترة ربيعية. هنا ينتظرك برد الشتاء في عزّ الصيف. إن لم تحترس فستصاب بالزكام. مرض غريب ضرب غابة الأرز الكبيرة، التي تتربع قريباً من «القرنة السوداء «، أعلى ذرى لبنان وبلاد الشام. الأشجار تموت واقفة. لكن، كان الزمن يشيخ وتبقى أشجار الأرز صبيّة.
مرتان أو ثلاث تتغلغل في الغابة، تكفيانك عشرين عاماً أو ثلاثين عاماً لتتذكر أن كل مكيّفات الهواء الكهربائية لن تجعل للهواء معادلة الندى والبراد التي صاغتها في دفيئتها أشجار غابة أرز الباروك.
.. وليس لأي نبع آخر، في بلاد الشام، برودة نبع مياه الباروك.. إلا ذلك النبع في «عين الخضراء» الذي يسكب ماء في برودة الجليد الذائب. في عروق نهر بردى.

عقيـق
هل العقيق ياقوت عكر؟ أم أن الياقوت عقيق مصفـّى؟ أم أن العقيق والياقوت هو الخَبَثُ الذي يطفو على سطح طنجرة تطبخ فيها الأرض أحجارها الكريمة لتصنع الماس، وتلقي بفضلات العقيق والياقوت؟
هل هذا الزمرّد الأزرق بروفة سعير جوف الأرض، فلا تنجح البروفة، إذا تعمد الصخر بحجر كريم، وتعمد الحجر الكريم بالماس.
للعقيق لون النار الخامدة، أو له لون التمر من البني المشرق الى البني الداكن. أسواق صنعاء العتيقة ملأى بالأحجار الكريمة التي ترصّع «الجنبيّة»، أو يرصّعون الخواتم بها، أو يجعلونها حبّات سُبْحَة.
بمشورة صديق يماني اخترت سُبحة من 99 حبّة عقيق، وبشطارة الصديق أنزل البائع السعر الى النصف؛ ثم نصف النصف. سبحة عقيق للوالدة في الشام، كانت ناقصة ثلاث حبات ضاعت عندما انفرط العقد. تعبوا في الشام حتى وجدوا ثلاث حبات تحاول أن تضاهيها.
.. وتسألني أن تعيد لي خاتم فضة يمانية؛ والفضة اليمانية نقية خفيفة.. تزداد لمعاناً فضياً مع الزمن.

omantoday

GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شجـر وعقـيـق شجـر وعقـيـق



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab