الاتفاق حمّال التباسات

الاتفاق "حمّال التباسات"!

الاتفاق "حمّال التباسات"!

 عمان اليوم -

الاتفاق حمّال التباسات

حسن البطل

متشيّخ مأفون وجد تفسيره لآية في سورة "المائدة"؛ وتفسيره يثني على التفسير الديني اليهودي لـ "أرض إسرائيل". لبعض الإسلامويين "الجهاديين" تفسير نقيض يستند، مثلاً، إلى آيات كثيرة في سورة "الأنفال" التي استشهد بها صدام حسين "العلماني" في حربه الوخيمة على إيران. سنقول ما قاله الإمام البليغ علي، وفحواه أن "الراسخين في العلم" وحدهم يفسرون أو يؤوّلون سور وآيات القرآن الكريم. لعلّ خلاف وجدل وسجال "إطار الاتفاق" الذي فهمته المفاوضة ليفني "اتفاق الاطار" يعطي نموذجاً من تفاسير مختلفة لـ "الاتفاق النهائي"، وعلى وجه الخصوص، موقع "يهودية دولة إسرائيل" من الاطار والاتفاق النهائي. ما لم أجده في ثنايا أخبار الصحف حول هذا الخلاف والجدال والسجال، وجدته في تفسير البروفسور داني غوطفاين في قسم "تاريخ إسرائيل" في مقابلة خاصة مع ملحق "المشهد الإسرائيلي" نصف الشهري الصادر بالعربية من مركز "مدار" للدراسات الإسرائيلية، وتنشره جريدة "الأيام" بانتظام. كان زعيم حزب "العمل" اسحاق هيرتسوغ، الذي التقى رئيس السلطة الفلسطينية، قد محض تأييداً لمطلب نتنياهو وجماعته بصدد شرط يهودية إسرائيل، علماً أن هذا المطلب كانت قد اخترعته، في العام 2008 المفاوضة تسيفي ليفني، عندما كانت وزيرة خارجية حكومة "كاديما" وعارضه فيها رئيس الحزب والحكومة ايهود اولمرت. البروفسور، عضو حزب "العمل" يرى فارقاً ما بين الاعتراف بـ "يهودية دولة إسرائيل" وما قصده رئيس الحزب من أن إسرائيل هي "الدولة القومية للشعب اليهودي" مثلما فلسطين "الدولة القومية للشعب الفلسطيني". هذا التفسير هو صيغة مقترح جون كيري، الذي يستند على قرار تقسيم فلسطين دولتين: واحدة "يهودية" والثانية "عربية".. ويرى غوطفاين أن "الدولة القومية" تحتمل وجود "أقلية قومية" فيها، وفرنسا، مثلاً، دولة قومية للشعب الفرنسي. هل هذا سجال جوهري، أم هدفه إحباط العملية السياسية، كما يتساءل البروفسور؟ صيغة كيري لا تتحدث عن "دولة عربية" بل "فلسطينية"، ربما لأن الصيغة الإنكليزية للاطار وللاتفاق النهائي لا تجد تمييزاً بين الوطنية والقومية خلاف اللغة العربية. تقودنا الصيغة الإنكليزية، التي ستكون ملزمة، إلى إطار اتفاق كامب ديفيد المصري ـ الإسرائيلي ـ الأميركي، الذي تحدث بالإنكليزية عن "الشعب الفلسطيني" وعن "حقوقه السياسية" بينما في النص العبري جاء "عرب أرض ـ إسرائيل في يهودا والسامرة". من يتحدث، اليوم، عن "عرب إسرائيل" لا عن "عرب أرض ـ إسرائيل" سوى أنهم جزء قومي من الشعب الفلسطيني، أو هم الشعب القومي الفلسطيني، دون أن نتحدث الآن عن "دولة فلسطينية" وليس عن "حكم ذاتي ـ إداري" كما ورد في النص العبري للإطار الفلسطيني للاتفاق المصري ـ الإسرائيلي. "الدولة اليهودية" تحتمل يهوداً مثل "ناطوري كارتا" أو يهوداً مثل أتباع "البيت اليهودي" أو "صهاينة" مثل بيريس أو "إسرائيليين" فقط مثلما يعرّف أتباع يائير لبيد هوية شعب "دولة إسرائيل". أما الدولة القومية للشعب الفلسطيني (أي الوطنية حسب منطوق اللغة العربية) فهي لا تنكر عروبته أو أن غالبية المنتمين إليه يدينون بالإسلام، وتريد إسرائيل أن تحتوي الدولة القومية الفلسطينية على أقلية يهودية.. فهل تقبل هذه الأقلية بشروط مواطنية فلسطينية تكون كشرط المواطنية الإسرائيلية لفلسطينييها؟ هذا سؤال سهل لكن جوابه صعب ومعقّد كثيراً.. كل المستوطنات مسوّرة وكل القرى والمدن الفلسطينية مفتوحة الأبواب. خلاف آخر، أو جدال وسجال حول حدود الدولتين القوميتين. الفلسطينيون يقولون: على خطوط 1967 مع تعديلات جغرافية متساوية المساحة ومتكافئة القيمة. صيغة نتنياهو لهذا هي كالتالي: على أساس خطوط 1967 مع الأخذ بالاعتبار التغييرات الديمغرافية التي حصلت خلال عشرات السنوات. هذا يشمل، حتماً الكتل الاستيطانية، ويشمل ضمناً بعض المستوطنات شرقي الجدار. لماذا بعض؟ لأن "بيت إيل" و"عوفرا" لن يخيّر سكانهما البقاء تحت سيادة فلسطينية، بل تريد إسرائيل نتنياهو الاحتفاظ بهما بذريعة أسباب دينية توراتية، أي تريد ترتيب وضع لهما يشبه وضع "الجامعة العبرية" بين حربي 1948 و1967. ما الفرق بين "على خطوط 1967" و"على أساس خطوط 1967" إذا كانت هناك "تعديلات حدودية ستكون عميقة إذا كانت مساحة الكتل الاستيطانية والمستوطنات المنفردة خارج الجدار كبيرة؟ فإسرائيل تطالب بـ 6-10% من مساحة الضفة؛ والفلسطينيون يقترحون 2-3% فقط.. والمحصّلة الأميركية للتبادلات هي أن تكون مساحة الدولة الفلسطينية مكافئة لمساحة الأراضي الفلسطينية المحتلة. يتحدثون، الآن، عن تحفظات متبادلة، أو تفسيرات مختلفة، أو تأويلات لغوية متباينة. هذه قصة قديمة في مشاريع التسوية والحل كما في القرار 242 لعام 1967 الذي تحدث عن انسحاب إسرائيل "إلى حدود آمنة ومعترف بها". إسرائيل كانت تقصد ضم قلقيلية وطولكرم لتسمين خصرها، وصارت تطلب ضم لسان "أرئيل" يتطاول (20كم في عمق الضفة) أو ترى أن الحدود الآمنة على نهر الأردن! من المنتظر أن يرمي نتنياهو كرته بالسلة الأميركية ويوافق، مبدئياً، على نقاط كيري، وقصده أن يسجل هدفاً في مرمى أبو مازن. هناك شيء في السياسة يقول: العالم يستوعب التنازلات ويهمل التحفظات (والتفسيرات والتأويلات والالتباسات) المرفقة بها.

omantoday

GMT 17:26 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 17:25 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 17:24 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 17:22 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

GMT 17:21 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 17:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عيد الميلاد المجيد... محرابٌ ومَذبح

GMT 17:19 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المسافات الآمنة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاتفاق حمّال التباسات الاتفاق حمّال التباسات



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab