هل كان أبي وأُمِّي شِيعِيَّين

هل كان أبي وأُمِّي شِيعِيَّين ؟

هل كان أبي وأُمِّي شِيعِيَّين ؟

 عمان اليوم -

هل كان أبي وأُمِّي شِيعِيَّين

حسن البطل

لا تسأل طفلاً في الثامنة عن فقه المذاهب الأربعة في الإسلام.. لكنني سألت والدي بعد صلاة في "الجامع الكبير" بدوما السورية، فعرفت أنني على المذهب الشافعي، الذي عليه والدي. لماذا سألت؟ بعض المُصلِّين كان يُسبِل اصبع السبَّابة مرّات، وأبي لا يُسبِلها. سألت، فأوضح لي الأب: هؤلاء من مذهب آخر. على كبر سأعرف أن معظم الفلسطينيين السُنَّة من مذهب الإمام الغّزِّي الشافعي، ومعظم السوريّين السُنَّة من مذهب الإمام ابن حنبل. وفي البيت؟ أبي المسلم السُنِّي الشافعي كان يُعلِّقُ على الحيطان رسوماً للإمام علي، وحده أو يتوسّط نجليه: الحسن والحسين. الثلاثة يجلسون مُترَّبِعِين، وينتعلون أحذية ذات نهاية "معقوفة"، كما السيف ذي الشعبتين في حضن الإمام علي. إلى جانب صور الإمام ونجليه، كانت صورة وجه امرأة حسناء، قيل لي إنها الأجمل بين نساء الأرض. لاحقاً، بعد وفاة والدي سأذهب مرّتين وربما ثلاثاً مع أُمِّي إلى مقام "الستّ زينب" جنوب دمشق، وسأسأل أُمِّي وتُجيبني عن سبب وضع مصلين آخرين قطعة مربعة تحت جباههم أثناء السجود. ليس في دوما، كبرى قرى دمشق التي صارت، الآن مدينة، سوى مسلمين سُنَّة، ومع هذا كانوا أوائل عقد الخمسينات من القرن المنصرم يمثّلون موقعة كربلاء (كرب وبلاء!). أولاً، بالنسبة إلى ذكريات طفولتي في دوما، فإن أبي وأُمِّي وسائر الناس، كانوا ـ وما زالوا؟ ـ يُجِلُّون إمام البلاغة والفروسية والشجاعة، أكثر من احترامهم لدهاء معاوية، علماً أن هذا الخليفة الأُموي هو المؤسِّس الحقيقي والأول للإمبراطورية الإسلامية (في دمشق ساحة الأمويّين وأخرى ساحة العبّاسيين). ثانياً، مناسبة هذا الكلام تفصيل آخر محزن من المحنة السورية الراهنة، حيث شيعة عراقيون ولبنانيون وسوريون قلة يحمون بسلاحهم مقام "الست زينب" من "جبهة النصرة". يعنيني من المحنة السورية، بشكل خاص، أن ضحايا اللاجئين الفلسطينيين بلغوا ألف قتيل من بين خمسمائة ألف. هذا يعني، بالنسبة والتناسب، أن ضحايانا في المحنة السورية يكافئون أو يزيدون على شهداء الفلسطينيين في الانتفاضتين.. ربما! إن كنت لا أنسى رسوم الإمام علي وولديه على جدران بيت والدي، فلن أنسى صورة منكرة من مخيم اليرموك، حيث علّق "الجيش الحر" هذا اثنين من الفلسطينيين على جذوع الأشجار (كما كان يفعل البيض العنصريون بالسود في أميركا، أو أشقياء "فتح الغرب" الأميركي). وإن كنت لا أنسى ملحمة صمود وسقوط "تل الزعتر" شرقي بيروت، فكيف أنسى استغاثة أهل "مخيم النيرب" المحاصر قرب حلب وهم أكثر من 40 ألف فلسطيني يفتقدون الرغيف منذ عدة أيّام، علماً أن نصف اللاجئين في سورية (250 ألفا من 500 ألف) صاروا لاجئين داخل سورية وخارجها. *** في مستهلّ الحرب الأهلية اللبنانية كانوا هناك يتخوّفون من "البلقنة"، ولاحقاً سقط العراق بما هو أدهى من "اللبننة".. والآن يخافون في العراق ولبنان من "السورنة"؟ "السورنة" الجارية هي نكبة العروبة في بلد العروبة ونكبة السوريين في سورية العزيزة، ولكنها قبل هذا وذاك نكبة اللاجئين الفلسطينيين هناك. واحد من المشنوقين في مخيم اليرموك من بيت آل راشد، أي من قريتي طيرة حيفا، وعندما زرت مسقط رأسي 1995 صوّرت بيت العائلة وأرسلت الصورة لمن يعنيهم الأمر في سورية (وهناك من يعنيهم الأمر في الأردن وفي حيفا) وهذا قبل أن يغطي موقع "الطيرة ـ نت" تفاصيل القرية بيوتاً وحقولاً. *** لم يكن أبي إلاّ فلسطينياً مسلماً سُنِّيَّاً تقيّاً يُؤدّي الصلوات الخمس ومثله أُمِّي، وقد رحلا قبل هذا الزمن الأكثر رداءة، وفيه لن يُلبّي أحد استغاثة أهل مخيم النيرب من حصار "الجيش الحر" أو يرفع المحنة عن مخيم اليرموك الذي يحتله هذا الجيش. في إحدى قصائده كتب محمود درويش: "ليس للكردي إلاّ الرِّيح" ولكن الأكراد الجميلين الباسلين يعيشون على أرضهم. وفي إحدى قصائده أثناء حصار "تل الزعتر" كتب مُعين بسيسو: "أقطع كفي وأرسلها برقية لك يا تل الزعتر". .. وفي خطابه وداع سورية بعد الانفصال عن مصر قال عبد الناصر: أعان الله سورية الحبيبة على أمورها، وسدّد خطاها، وبارك شعبها؟! قسيس تعقيباً على عمود، الأمس، الاثنين: Amjad Alahmad (مدير في وزارة المالية) : بتقديري أن الدكتور قسيس "ليس الرجل المناسب في المكان المناسب"، كما قلت، لأن الرجل المناسب عليه التحمُّل ومقاومة الخطأ بكلّ السبل، وآخر سلاح عليه استخدامه هو الاستقالة. ولكي أُنصف الرجل: نعم، من الناحية المهنية هو الرجل المناسب في المكان المناسب، لكن من الناحية المعنوية، بتقديري أنه غير مناسب، لأنه اختار أقصر الطرق للخروج من المتاهة المالية، وهذه المتاهة لم تفارق خزينة السلطة منذ زمن بعيد.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل كان أبي وأُمِّي شِيعِيَّين هل كان أبي وأُمِّي شِيعِيَّين



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab