ثقافة النميمة

ثقافة النميمة

ثقافة النميمة

 عمان اليوم -

ثقافة النميمة

بقلم: كريمة كمال

عندما أشاهد بعض برامج التليفزيون التى تستضيف النجوم، أتعجب بشدة من حالنا؛ كل هذه البرامج تقوم على النميمة وكشف الأسرار واقتحام الحياة الشخصية للنجم.. فإذا ما كانت النجمة مطلّقة، فلابد من السؤال عن أسباب الطلاق وطبيعة الخلافات، ولا يهم أن هذه أسرار خاصة، ولا يهم أن هناك أبناءً قد يشعرون بالضرر من مثل هذا الحديث.. وإذا ما كانت هناك شائعات قد ترددت عن علاقة نجم ما بنجمة، فيكون السؤال عن حقيقة هذه العلاقة، وما إذا كانت النجمة قد أحبته فعلا، رغم أن النجمة التى يوجه لها السؤال حول علاقة قديمة متزوجة فى الوقت الحالى ومثل هذا الحديث يضر بحياتها الزوجية.

المشكلة الحقيقية أن مثل هذا النوع من البرامج كان قد بدأ فى رمضان، لتسلية المشاهدين، ثم صار أسلوب العديد من البرامج التى تقدم فى كل الأوقات.

عندما أتذكر برامج ليلى رستم التى كانت تستضيف عمالقة الثقافة والأدب فى مصر، أتحسر حقًّا على حالنا، فنادرًا ما نجد برامج تليفزيونية تستضيف قامات أدبية أو ثقافية للمناقشة حول الثقافة.. بتنا حقًّا نسعى للانتشار على حساب المحتوى وعلى حساب الهدف من البرامج، فلم تعد البرامج تسعى لتثقيف المشاهد أو توعيته، بل الأهم أن تسعى لتسليته.

ولا يوجد مجال للتسلية سوى النميمة والحديث فى الحياة الخاصة.. وإذا ما ربطنا ذلك بما يتم تداوله على السوشيال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعى والتى تتبارى ليس فقط فى نشر الأسرار والشائعات حول النجوم والفنانين، بل خلق هذه الأسرار والشائعات وفبركتها، حيث لا يكون هناك أى صحة لها.. كل ذلك من أجل الانتشار وخلق تريند مزيف، دون الأخذ فى الاعتبار حياة الناس وخصوصياتهم، وحتى حقهم فى الإعلان عما يريدون الإعلان عنه أو عدم الإعلان عما يريدون الاحتفاظ به سرًّا، فمن حق الناس أن يحافظوا على أسرارهم.

وليس من حق أحد اختراق هذه الخصوصية.. لكن لأن السائد هو اختراق حياة الناس، فقد بات من الطبيعى أن تخرج علينا ممثلة تطالب باقتحام منزل الفنان الكبير، حيث ترى أن أسرته تسجنه وتمنعه من الخروج.. فهل تتصور هذه الممثلة أنها أكثر حرصًا من أسرة الفنان الكبير؟ وهل هى أحن عليه من أبنائه وزوجته؟.. إذا ما اختار هذا الفنان عدم الظهور، فهذا حقه وحق أسرته وليس من حق أحد أن يتدخل فى حياته، لكننا بتنا لا ندرك الأساسيات البديهية؛ لأن البرامج وصفحات السوشيال ميديا قد رسخت فكرة اقتحام الحياة الخاصة.

الأهم من ذلك: ما الذى يهمنى أنا كمشاهد للبرامج التليفزيونية أو متصفح لمواقع التواصل الاجتماعى؟.. ما الذى يهمنى فى علاقة نجم بنجمة أو طلاق نجمة أو خلفيات العلاقة الخاصة لنجمين من النجوم؟!.. إن مثل هذه القصص سواء كانت حقيقية أو مفبركة لا يخلق ثقافة، بل يخلق تدنيًا فى عقلية المتابع بدلا من أن يستفيد من حوار عميق أو عقلانى مع مثقف بارز أو فنان لديه ما يضيفه حقًا للمتلقى. إن السعى للانتشار على حساب المحتوى قد تسبب فى تدنى العقليات وغياب الاهتمامات الحقيقية عنها؛ لذلك فنحن نلاحظ كثيرًا من التردّى فى مستوى الاهتمامات وتوارى الثقافة الحقيقية والمواضيع الأجدر بالمناقشة والتداول.

أتمنى أن تعود البرامج الثقافية الحقيقية التى تبرز العقول البارزة لدينا والتى تسهم فى تطوير عقلية المشاهد.. هذا فيما يخص البرامج التليفزيونية، أما صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، فأتمنى ألا يشجع رواد هذه المواقع مثل هذه الصفحات الرخيصة وإلا فإنهم يساهمون فى انتشارها بالدخول عليها، بل يجب مقاطعتها.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثقافة النميمة ثقافة النميمة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab