الدنيا ليست محلًا للسعادة  بل للإنجاز

الدنيا ليست محلًا للسعادة ... بل للإنجاز

الدنيا ليست محلًا للسعادة ... بل للإنجاز

 عمان اليوم -

الدنيا ليست محلًا للسعادة  بل للإنجاز

معتز بالله عبد الفتاح

كتب الأستاذ محمد مصطفى أبوشامة كلاماً مهماً عن مفهوم السعادة من وجهة نظر الراحل على سالم.

يقول الأستاذ أبوشامة فى جريدة «الشرق الأوسط»: يحدث أن تلتصق عبارة بشخص ما وتأسره فيرددها دون أن يقصد فى كل مناسبة، والعبارة -العنوان- «الدنيا ليست محلاً للسعادة، بل للإنجاز»، هى فى الأصل للفيلسوف الألمانى أرتور شوبنهاور، سمعتها للمرة الأولى من الكاتب الراحل على سالم قبل عشرين عاماً فى أول لقاء جمعنى به عام 1995. وقبل وفاته استوقفنى تكرارها فى مقالاته وحواراته الصحفية والتليفزيونية الأخيرة.

بالطبع هى مفارقة أن تحمل هذه العبارة وجهة نظر على سالم فى الدنيا، الذى كانت رحلته فيها من أجل نشر السعادة والبهجة والفرحة، فقد كان أسمى ما يحلم به أشهر كُتاب الكوميديا العرب فى كل مسرحياته التى كتبها تحت ستار «الضحك»، هو إسعاد الجمهور بهذه النصوص المتنوعة والغزيرة -27 نصاً مسرحياً- والتى ظلمها النجاح الفذ لأشهرها «مدرسة المشاغبين»، التى كانت علامة فارقة فى تاريخ المسرح المصرى والعربى.

فى لقائى مع الراحل الكبير، الذى جاء بعد شهور من معركته القاسية والمصيرية التى سببتها رحلته الشهيرة إلى إسرائيل عام 1994، حاولت أن أستوضح منه المعنى عندما استشهد بها فى كلامه، فضحك بعد أن سحب أنفاساً من سيجارته وانطلق فى حديث فلسفى لا يصل بك إلى إجابة وإنما يبحر بك فى دوامات المعانى، فتغرق فى عشرات الأسئلة.

وكنت وقتها -قبل عشرين عاماً- أصغر فكرياً من أن أباريه وأطرح عليه ما أشقانى من هذه الأسئلة، ولم يطل حوارنا الفلسفى، فقد جنحنا لما هو أكثر سخونة، وتفاصيل الرحلة إلى تل أبيب، والتى كانت سبب اللقاء، فقد جئته لأدعوه ليكون ضيفاً على شباب الجامعات المصرية فى ملتقاهم الفكرى الأول الذى كان تحت عنوان «الصراع العربى الإسرائيلى.. سلام أم مواجهة!».

لقد عرفت على سالم الكاتب المسرحى وقرأت الكثير من أعماله المسرحية، وتابعت بدأب معظم ما نشره من مقالات، وخلصت إلى نتيجة تفسر التصاقه اللافت بعبارة شوبنهاور، وهى أنه عاش حياته على النقيض من هذه العبارة، لقد أفنى عمره يبحث عن «خرافة السعادة»، كما وصفها فى مقالاته، واجتهد فى نشرها بين البشر، وأهمل الكثير مما كان يحلم بأن ينجزه، فأصبحت العبارة بمثابة خلاصة لتجربة حياته.

إن موهبة على سالم كانت أكبر من كل ما كتبه، فى رأيى أن الراحل كان مشروع «أديب عظيم» سرقته الحياة بمعاركها الزائفة وغررت به بعيداً عن طريقه الرئيسى إلى شوارع جانبية، أضاعت منه فرصة الإنجاز الذى تمناه وحلم به، الإنجاز الذى يساوى موهبته، وهى أزمة تواجه كثيراً من المبدعين، فيصلون إلى نهاية العمر، ويقفون أمام منصة التقييم غير راضين.. ومحبطين.

ليست مصادفة أن ينشر على سالم قبل وفاته بأسابيع قليلة مقالين فى «الشرق الأوسط» و«المصرى اليوم»، مفتتحاً كلاً منهما بنفس العبارة، فالراحل يقدم العبارة فى المقالين كما لو كان يتمنى أن يكون هو كاتبها، فتشعر أنها نابعة من أعماق وجدانه.

والفقرة الأولى من المقال الثانى تختصر فلسفة صاحب السعادة على سالم فى الدنيا وتمثل خلاصة تجربته ويقول فيها: «(الدنيا ليست محلاً للسعادة، بل للإنجاز) الكلمات ليست لى بل لشوبنهاور. هكذا تكون عملية البحث عن السعادة بتصور أنها موجودة هناك فى مكان ما علينا أن نصل إليه، خرافة من أكبر خرافات الإنسان. لا يوجد على الأرض ما يسمى السعادة وإن كان نقيضها موجوداً بوفرة وهو الشعور بالتعاسة. وطلبنا للسعادة راجع لما نعرفه عنها من أنها أعظم ينابيع الفرحة. غير أن الواقع المعاش يثبت لنا أن الإحساس بالفرحة ليس ممتد المفعول كبعض الأدوية. الفرحة مجرد لحظات تعقب الإنجاز».

انتهى كلام الأستاذ أبوشامة، وألخص ما فهمته: اجعل الإنجاز هو الهدف، وستكون السعادة هى النتيجة. قولوا يارب.

omantoday

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 09:17 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 09:16 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 09:15 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 09:14 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 09:13 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

GMT 09:12 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

في انتظار ترمب!

GMT 09:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدنيا ليست محلًا للسعادة  بل للإنجاز الدنيا ليست محلًا للسعادة  بل للإنجاز



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المجلس الأعلى للقضاء العماني يعقد اجتماعه الأول لعام 2025
 عمان اليوم - المجلس الأعلى للقضاء العماني يعقد اجتماعه الأول لعام 2025

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab