موسيقانا وموسيقاهم

موسيقانا وموسيقاهم

موسيقانا وموسيقاهم

 عمان اليوم -

موسيقانا وموسيقاهم

بقلم:أسامة غريب

يمكن للعربى أن يزهو بتراث كبير من الفن الشعرى تركه له الأقدمون، وما زال ينمو ويتدعم على مر العصور. يستطيع كذلك أن يتحدث عن إنجازات ملموسة فى الفن القصصى والروائى، فضلًا عن تراث عالى القيمة فى الفنون التشكيلية. ومع ذلك فإن المنجز العربى فى فن الموسيقى هزيل أشد الهزال. وإذا تحدثنا عن الموسيقى الكلاسيكية الغربية التى بلغت آفاقًا عالية فيمكن القول إنها نشأت بالأساس كترانيم فى الكنائس ثم انتقلت بعد ذلك إلى المسارح ودور الأوبرا، وربما كان للنشأة الدينية لهذه الموسيقى دور فى حالة الإصغاء التى تقترب من التقديس عند عزف المقطوعة الموسيقية لدرجة أنه لو اضطر أحد الحضور لأن يسعل أثناء العزف لتوجهت إليه الأنظار اللائمة بحيث يشعر بالخجل ويكتم سعلته التالية!. وبسبب تراكم الطبقات اللحنية وتعددها فى الموسيقى الكلاسيك فإن المستمع يحتاج للتركيز الشديد حتى يتابع التصاعد والتراجع والتقطيع والمضى ولا يتوه منه اللحن، وهذا سبب آخر للهدوء بقاعة المسرح. أما بالنسبة للموسيقى العربية فإنها لم تنشأ فى دور العبادة وإنما على العكس نشأت فى مجالس الأنس والفرفشة عند الخلفاء والأمراء والوجهاء، وكان العزف يقترن بالغناء الراقص أو بالرقص فقط، وفى مثل هذا النوع من الفن فإن أبطاله كانوا من الجوارى والقيان حيث اختلط الفن بإثارة الغرائز فى وجود الشراب وباقى متطلبات الكيف.

ولهذا ظلت الموسيقى العربية لقرون طويلة مقترنة فى الأذهان بالخلاعة والمجون، ورغم أنها كانت مطلوبة على الدوام فى الأعراس والمناسبات السعيدة إلا أنها لم تحظ هى وأصحابها بالكثير من الاحترام. وحتى فى القرن العشرين ومع عصر أم كلثوم وكوكبة الموسيقيين الذين لحنوا لها فقد ظلت الموسيقى مرتبطة بالصوت الغنائى، ولم يتح للموسيقى الخالصة أن تجد لها مكانًا طبيعيًا على مائدة الفنون العربية. ويلاحظ أنه وعلى عكس خشوع المستمع الغربى عند سماعه المقطوعات الكلاسيكية فإن المستمع العربى يصخب من أول دخوله المسرح، وقبل حتى أن يتخذ مقعده، ثم يجلس ومعه قرطاس اللب ويظل طوال العرض يهتف بما شاء له مزاجه قائلًا أشياء مثل: يا كريمة يا ست أو بص شوف فلانة بتعمل إيه!. كما يلاحظ أن الجمهور حتى فى القصائد الصعبة ومع الموسيقى المعبرة عن الكلمات يشارك المطرب الغناء والتصفيق والهتاف!. وبرغم وجود أنواع عديدة من الموسيقى يستمع إليها الجمهور فى الغرب حاليًا مثل الموسيقى الشعبية والموسيقى الراقصة والإيقاعات المستقاة من فنون الأفارقة الزنوج فى أمريكا، فإن الموسيقى الكلاسيك تظل هى الإنجاز الأكبر للحضارة الغربية. ونحن هنا لا نغمط الموسيقار العربى حقه، فقد كان لسيد درويش وعبد الوهاب والسنباطى والرحبانية تجاربهم الثرية فى الألحان، ولكن طبيعة الجمهور لم تساعدهم على إنتاج الموسيقى الخالصة إلا فى تجارب محدودة لا يقف عندها أحد، كما أن ارتباط الموسيقى فى الذهن العربى بالمجون والتسلية وقف حائلًا بينها وبين التطور.. ولن نتحدث هنا عن عاصفة تحريم الفنون التى ضربت عالمنا العربى، فهذا موضوع آخر

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسيقانا وموسيقاهم موسيقانا وموسيقاهم



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab