الولوج إلى الجمهور

الولوج إلى الجمهور

الولوج إلى الجمهور

 عمان اليوم -

الولوج إلى الجمهور

بقلم:أسامة غريب

أعتقد أن جانبًا كبيرًا مما يجهد الأدباء والفنانون أنفسهم فى تقديمه لا يشعر به أحد، وهذا فى رأيى هو مأساة المبدعين فى مصر، ويمكن ملاحظة الأمر فى كل أوجه العمل المتصل بالكلمة المقروءة، صحافة أو أدبًا، وكذلك الفنون كالسينما والمسرح والموسيقى. إن المبدع الحقيقى يجهد نفسه فى البحث عن التميز والجدة والطرافة والعمق، وفى النهاية لا يصل ما ينتجه إلا إلى حفنة قليلة من المتلقين، وهم فى الغالب مثله من المشتغلين بالفن أو بالكتابة أو من الجمهور الأكثر وعيًا وثقافة. وتحضرنى خبرات وتجارب أكدت لى على مدى العمر أن عددًا قليلًا لا يتجاوز فى أحسن الأحوال ثلاثة آلاف من المصريين، هم المستهلكون للقصة والرواية والفيلم الجاد وديوان الشعر والمقال الصحفى المتقن.

كنت أجلس ذات يوم مع الأديب الراحل إسماعيل ولى الدين، وكان سعيدًا بفيلم «حمام الملاطيلى»، الذى كان يعاد عرضه وقتها فى إحدى سينمات عماد الدين، وذلك بعد عرضه الأول بخمسة عشر عامًا. ذكر لى أن أفلام صلاح أبوسيف لم يحقق أى منها مثل هذا النجاح الذى عزاه إلى جودة الرواية التى اتكأ عليها الفيلم. لم يعجبه ردّى بأن هذا النجاح الساحق سببه مشاهد الجنس التى ملأ بها أبوسيف فيلمه، ربما لأنه زهد فى الإشادات النقدية التى احتفت بأفلام مثل: «بين السما والأرض» و«القاهرة 30» و«الزوجة الثانية»، بينما خلت مقاعد السينما من الجمهور فى تلك الأفلام المهمة، وربما أنه تاق إلى النجاح الجماهيرى الذى يأتى ومعه المال أيضًا!. وإذا كان يوسف شاهين قد عاش عمره يفخر بفيلم «باب الحديد» ويظنه تحفة فنية، فإن ما دعا الجمهور لمشاهدته هو وجود ملكة الإغراء هند رستم وملك الترسو فريد شوقى، أما حدوتة قناوى المجنون فيمكن حذفها ببساطة دون أن يتأثر الفيلم وشباك التذاكر!. وربما أن مثل هذه الحقيقة هى التى دعت المخرج داوود عبدالسيد عندما أقدم على إخراج رواية «مالك الحزين» لإبراهيم أصلان إلى تغيير الاسم إلى «الكيت كات»، وذلك حتى يتصور جمهور السينما أنه يقدم فيلمًا خفيفًا على طريقة أفلام «الدرب الأحمر» و«الباطنية» و«فتوات الحسينية»، فيُقبلون على دور العرض!. وأظن أن هذا ما يمنع سينمائيين مبدعين من تقديم أفضل ما لديهم، فيطوون أدراجهم وجوانحهم على أعمال بديعة ويكتفون فقط بتقديم ما هو فى الإمكان.. ويبدو أن السينما قد أصبحت هى الأخرى مثل السياسة.. فن الممكن!.

المشكلة الحقيقية هى تدنى مستوى المتلقى، مما يجعل أى جهد إبداعى هو حرثٌ فى الماء. وأنا هنا لا أتحدث عن قراءة لوحة فى معرض فنون تشكيلية، والتوحد مع مفرداتها، أو الاستماع إلى عزف موسيقى سيمفونى، فهذه الأشياء بطبيعتها قليلة الجمهور، إنما أتحدث عن الأعمال الفنية والأدبية التى يحاول مبدعها أن يوحى للجمهور بأنها مُسفّة، مثلما فعلت أنا شخصيًا فى اختيار بعض عناوين كتبى، وذلك حتى يتصور القارئ أنها تافهة فيشتريها!.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الولوج إلى الجمهور الولوج إلى الجمهور



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab