لبنان ما بعد الكارثة هل سيختلف عمّا قبلها

لبنان ما بعد الكارثة هل سيختلف عمّا قبلها

لبنان ما بعد الكارثة هل سيختلف عمّا قبلها

 عمان اليوم -

لبنان ما بعد الكارثة هل سيختلف عمّا قبلها

بقلم : عريب الرنتاوي

اعتاد اللبنانيون عند وقوع «أمرٍ جلل» على اقول بأن «ما بعد الحدث ليس كما قبله»...أمس سمعت العبارة ذاتها تتكرر على ألسنة لبنانيين كثر، مواطنين ونخباً من مشارب وانتماءات شتّى...هول الكارثة، التي حلّت بعاصمتهم، وأحالها إلى واحدة من مدن الحرب العالمية الثانية، جعلت كثيرين منهم يرددون العبارة ذاتها، من دون تفكير...فالأصل، ألا يبقى شيء على حاله، وأن يكون الرابع من آب/أغسطس، نقطة تحول وانعطاف في مجرى الأحداث اللبنانية...بيد أن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: هل هذا ما سيحصل حقاً؟...هل سيختلف «ما بعد الزلزال عمّا قبله»؟...هل ستتطاير شظايا الطبقة السياسية الفاسدة، مع الشظايا التي أصابت كل بيت في بيروت ولبنان؟

أخشى ما أخشاه، أن تقديراً كهذا قد يكون متفائلاً «زيادة عن اللزوم»، بل وسابق لأوانه، مع أن الحاجة للإطاحة بأمراء الحرب والطوائف والمليشيات، سابقة للكارثة...أخشى أن «تذهب السكرة وتأتي الفكرة، فيستفيق اللبنانيون من جديد، على الوجوه الكالحة ذاتها، من دون تغيير أو تبديل...أخشى أنهم سينجرفون من جديد، إلى حروب الاتهامات المتبادلة، وإلى المتاريس المذهبية والطائفية، وأن يعيدوا انتاج الطبقة ذاتها، بالتمديد والتجديد والتوريث.

لقد نجحت الطبقة السياسية المتحكمة بمفاصل لبنان ومصائر اللبنانيين، في اجتياز اختبار «الحرب الأهلية»، حرب السنوات الخمس عشرة، وهي نجحت في اجتياز امتحانين عسيرين: الوصاية السورية والاحتلال الإسرائيلي...وفي كل مرة كانت قادرة على تبديد أعظم منجزات هذا الشعب الصغير في تعداده، الكبير في قدرته على الإنجاز والإبداع والحياة.

«المعجزة الاقتصادية»، التي جعلت من لبنان «سويسرا الشرق»، بددها الفاسدون والمؤتمرون بأوامر العواصم المُستَتبعين لها، لبنان قبل كارثة «تشيرنوبيل 2»، كان على حافة الإفلاس والانهيار، الجوع يتفشى ومعه الفقر والبطالة، والمصارف أغلقت خزائنها على أموال اللبنانيين وجنى حيواتهم، أما عملتهم الوطنية، فكانت في مهب المضاربة والمضاربين.

اللبنانيون وحدهم سجلوا «السابقة الوحيدة» في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي، إذ طردوا الاحتلال وحرورا بلادهم من دون قيد أو شرط، من دون صلح أو تفاوض أو اعتراف...لكن نصر أيار 2000، ستبدده انقساماتهم المذهبية والطائفية، وحروب المحاور والوكالة التي تشن على بلدهم، وبدل أن يصبح هذا الانتصار مصدر فخار واعتزاز وطنيين، صار سبباً للانقسام، ودافعاً لمزيد من الفرقة والتشرذم.

واللبنانيون استبقوا الربيع العربي، بثوراته وانتفاضاته، وسجلوا في 14 آذار 2005 علامة فارقة في تاريخهم، بانتفاضتهم المليونية ضد «الوصاية السورية»، التي يعترف حتى أصدقاء دمشق وأعوانها، بأنها كانت وبالاً على اللبنانيين جميعاً...لكن سرعان ما جرى تبديد هذا المنجز، ليعاود اللبنانيون انقسامهم بين فريقي (14 و8 آذار) وبقية القصة معروفة.

واللبنانيون دشنوا في 17 أكتوبر الفائت، الموجة الثانية من ثورات الربيع العربي، خرجوا من كل المدن والبلدات والطوائف والمذاهب، في ثورة شعبية سلمية رائدة، شعارها محاربة الفساد وإسقاط الطبقة الفاسدة، وبناء الدولة المدنية العادلة...لكن عبث الطبقة الفاسدة بالثورة وشوارعها وطوائفها، كاد يضع اللبنانيين مجدداً، قبالة بعضهم البعض، على خطوط التماس القديمة التي ترتبط بها، أبشع ذكريات الحرب الأهلية والانقسام المذهبي.

ليس ثمة من ضمانة بأن الطبقة الفاسدة، التي ألحقت الكارثة ببيروت ولبنان، قد فقدت قدرتها على اللعب بأوراقها وأدواتها القديمة، أو أنها فقدت «لياقتها» في العزف على أوتار الطوائف والمذاهب، أو أنها ستعجز عن «الاستثمار» في أوجاع اللبنانيين واحتياجاتهم المتزايدة، لضمان اصطفافهم خلف «أمرائهم» و»زعمائهم» من جديد...ليس ثمة من ضمانة بأن «»ما بعد الرابع من آب» لن يكون كما قبله...قليل من الوقت، وربما «تذهب السكرة وتأتي الفكرة».

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان ما بعد الكارثة هل سيختلف عمّا قبلها لبنان ما بعد الكارثة هل سيختلف عمّا قبلها



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab