ستارمر وثاتشر العنف بين زمنين

ستارمر وثاتشر... العنف بين زمنين

ستارمر وثاتشر... العنف بين زمنين

 عمان اليوم -

ستارمر وثاتشر العنف بين زمنين

بقلم:بكر عويضة

هارباً من أخبار مواجهات عنف اجتاحت عدداً من بلدات ومدن بريطانيا، ولم تزل، وجدتني، الأحد الماضي، أفر إلى قناة «بي بي سي» الثالثة؛ لأنها مختصة في بث مواد ثقافية - اجتماعية، أو تأريخية - وثائقية. رغم ذلك، فإنني فوجئت بها - عبر فيلم كان يُعرض على شاشتها ذاك المساء يحمل عنوان «الفَخَار» - تعيدني إلى مواجهات عنف شهدها شمال بريطانيا خلال شهر يونيو (حزيران) عام 1984، في أثناء حكم مارغريت ثاتشر، بين قوات الشرطة وعمال المناجم، الذين قرر قادتهم، ومن أبرزهم آنذاك آرثر سكارغيل، الإضراب عن العمل لمدة سنة، بغرض الإبقاء على وظائفهم، والحيلولة دون استقواء الحكومة عليهم بفرض قوانين عمل صارمة عدّوها ظالمة لهم.

مهم التأكيد أن القصد هنا ليس المقارنة، ولا المقاربة، فليس من قواسم تشابه تجمع بين ثاتشر، زعيمة حزب «المحافظين»، ذات القبضة الحديدية حتى في التعامل مع كبار رؤوس حزبها، فما بالك بالتعامل مع خصومها، وبين «العمالي» كير ستارمر، المتسلّم زعامة الحزب بقصد إجراء جراحة تجميل ضرورية لصورة «العمال»، ثم الفائز بالحكم الآن، بأمل إثبات أن «البليرية» - نسبة إلى الزعيم «العمالي» الأسبق توني بلير - لم تزل موجودة، ويمكن تطويرها ضمن قالب معاصر يتوافق مع زمن ثورة التكنولوجيا. إذنْ؛ ليس من تشابه يجيز مقاربة تقوم على المقارنة بين زمن ستارمر وزمن ثاتشر، إنما لعل من الجائز القول إن اختلاف أسباب العنف، وتباين الأشكال، لن يَحُولا دون إرجاع عدد من جذور موجات العنف التي اندلعت في الأسابيع الأولى من حكم ستارمر، إلى زمن ثاتشر.

أول جذر يصل عنف الزمنين يتمثل في خطر غض النظر عن أحاسيس القهر. ففي حالة انتفاض عمال المناجم على قوانين ثاتشر، كان انفجار التمرد نتيجة تراكم غليان الرفض رداً على إصرار حكومة ذاك الزمن على إهمال مطالب العمال المشروعة تماماً في نظرهم. كذلك هي الحال مع انفجار أعمال عنف الأسبوع الماضي، فهو أيضاً نتيجة تراكم أحقاد في صفوف المنتمين إلى تيار اليمين المتطرف في الديار البريطانية. بالتأكيد ليس هناك، بأي حال من الأحوال، ما يبرر لأي تيار، من أي شريحة كانت، اللجوء إلى أساليب «البلطجة» للتعبير عن موقف ما. لكن الاكتفاء بتوبيخ قوى اليمين المتطرف لن يوصل إلى حل لمشكلة تصرخ أنها قائمة بالفعل. ثم إن المتأمل في سجلات التاريخ سوف يعثر على كثير مما يؤكد أن إغماض العينين عن مشكل يتطلب المعالجة، أوصل دائماً إلى أسوأ من الواقع المُتجاهَل.

ضمن سياق ما سبق، من السهل الركون إلى عَدّ تيار اليمين المتطرف، في أوروبا عموماً، وليس في بريطانيا فحسب، يمثل نزعات عنصرية سوف تظل معادية بوضوح سافر لكل شرائح المهاجرين. ذلك فهم صحيح في حد ذاته، بيد أنه ليس كافياً للتعامل مع المشكل. ثمة جوانب عدة يجب النظر إليها من وجهة النظر اليمينية ذاتها، وفي مقدمها تخوفها من ازدياد متواصل في أعداد المهاجرين. أليس من الواضح أن إهمال مكامن الخوف التي تغذي تطرف اليمين خطر يفتح أبواب مزيد من العنف؟ بلى.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ستارمر وثاتشر العنف بين زمنين ستارمر وثاتشر العنف بين زمنين



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab