غزة ـ إسرائيل حرب خامسة وليست أخيرة

غزة ـ إسرائيل: حرب خامسة.. وليست أخيرة

غزة ـ إسرائيل: حرب خامسة.. وليست أخيرة

 عمان اليوم -

غزة ـ إسرائيل حرب خامسة وليست أخيرة

بكر عويضة

منذ أيام ردد الناس، وكتبت أقلام، وزعقت أصوات عبر فضائيات وإذاعات، ما خلاصته أن إسرائيل قررت شن ثالث حروبها على قطاع غزة بعد حربي نوفمبر 2008 وديسمبر 2012. لكن التاريخ يقول إن هذه خامس حروب الإسرائيليين على قطاع غزة. الأولى أكتوبر 1956 عشت لحظاتها صبيا، فذقت طعم الخوف، وعرفت إحساس الطمأنينة بين ذراعي الأم إذ تقرأ آية الكرسي، تريد دفع أزيز الطائرات وفحيح قنابل المدافع، طوال ليالي ونهارات ما عرف بحرب السويس. الثانية عشت تفاصيلها طالبا بجامعة القاهرة، وكنت منذ الساعات الأولى لصباح خامس يونيو 1967 كما ملايين العرب واثقا من نصر مبين، لكني اختلفت عنهم أجمعين، إذ كنت مستبشرا بعودة إلى مدينة غزة عبر حيفا، لا معبر رفح. لكن ذلك لم يحصل. ها أنذا أكتب هذه المقالة نهار عاشر رمضان، الذي توافق قبل واحد وأربعين عاما مع سادس أكتوبر 1973. ذلك اليوم الأغر، الذي يوافق في التقويم العبري «يوم كيبور»، فأُخِذَ فيه جيش «الدفاع» الإسرائيلي على حين غرة، ومع انهيار خط بارليف، انهارت أسطورة «الجيش الذي لا يُهزم»، وعشت تفاصيل ذلك العبور من الهزيمة إلى الانتصار وتابعته صحافيا بجريدة «البلاغ» الليبية في طرابلس، وما أزال أذكر كيف فوجئنا بـ«الأخ العقيد» يخطب ثاني أيام الحرب عبر الإذاعات، بما فيها المصرية، زاعقا أن ما يجري هو «حرب تحريك» للحل السلمي وليس بحرب تحرير للأرض. كل من سمع معمر القذافي يومذاك لم يصدّق ما كان يسمع، الكل ردد التساؤل: حتى لو كان ما قاله هو حق بالفعل، ألم يكن بالوسع الانتظار حتى يكتمل تحقيق أهداف الحرب على الجبهات، فتدخل مصر معركة طاولات التفاوض من موقع المنتصر، بلا أي تشكيك مسبق، خصوصا من جانب شريك في دولة «اتحاد الجمهوريات العربية»؟
حسنا، المنطق – إن كان ما يزال له ثمة مكان - يقول إن تشكيك القذافي آنذاك شكل خدمة لإسرائيل، يمكن القول إنها بمثابة «هدية» لم تكن تتوقعها. غزة لم تكن مشمولة بحرب رمضان، لكنها كانت تأمل أن العبور المصري سيعبر بها إلى التحرر من الاحتلال. ذلك أيضا لم يحصل. الآن، تصرخ وسائل إعلام داخل فلسطين وخارجها بما خلاصته أن التاريخ يعيد نفسه فتعُد المواجهة الحالية، خصوصا إطلاق صواريخ من غزة تصل إلى عمق إسرائيل، بمثابة «هدية» من المقاومة، بقيادة حركة «حماس» في ذكرى انتصار حرب رمضان.
كلام مبهج للنفوس، بلا شك، وله بالتأكيد ما يبرره في خضم الحرب النفسية والدعائية. إنما لو تساءل أحد مَنْ يهدي مَنْ ماذا، ومتى، ولأي غرض، فالأرجح أن ينهض أغلب الجمهور راعدا بغضب: هذا تشكيك، وأغلبهم معذور، بلا جدال، إذ ماذا تنتظر ممن يتلقون حمم القنابل ويُصْلون بحميم القذائف، سوى التعلق بأمل أن حرب يوليو 2014 ستبلغهم ما لم تحقق «حرب الفرقان» أو «حرب سجيل»؟ لا شيء، سوى الغضب فالغضب ثم الغضب، ومن الخطأ انتظار أي شيء مختلف. إنما هل يجوز احتكار حق الغضب أيضا؟ كلا، لكن التعبير عنه سيختلف لو تغير المكان. نعم، لو كنت أكتب من داخل غزة لكنت أكثر جرأة في الجهر بالمساءلة. لكن أقل ما يجب قوله هو أن القيادات الفلسطينية بأطيافها كافة، وعبر مراحل مختلفة، ارتكبت من أخطاء الحساب السياسي ما حمّل الفلسطينيين في الداخل وبمخيمات الشتات، فوق ما يجب أن يتحملوه، حتى ضمن ما يمليه عليهم واجب المقاومة وتحرير أرضهم من الاحتلال.
ترى هل من أمل أن تكف القيادات الفلسطينية عن استنزاف حقوق مشروعة للفلسطينيين ليست بحاجة إلى تزكية من أي أحد، فقط لتبرير استمرار نزيف الدم؟ أليس من المثير للحيرة، على الأقل، أن تواصل القيادات الفلسطينية خداع التوصل لاتفاق مصالحة، وهي في العمق تبيّت نيّة الطلاق؟ لماذا لا تقول حركة «حماس» بصريح القول إنها لن تغيّر على الإطلاق أي بند في ميثاقها، وبالتالي لن تدخل في أي اتفاق مع حركة «فتح»؟ هذا حقها، ومن حق «فتح» بالمقابل، بل من واجبها، أن تلملم صراعاتها الداخلية، وأن ترتفع قياداتها إلى مستوى المسؤولية، فتضع حدا لكل تفاهات المعارك الشخصية، ويصبح من الواضح لكل العالم أن حركة «فتح» جسم واحد، يتحدث اللغة ذاتها، ويعتمد المنهج نفسه؟ هل ثمة أمل أن يحصل ذلك؟ كلا. لماذا تكراره إذن؟ لأن التذكير ربما يفيد، ولو القليل من الناس. في هذا السياق، هل ثمة حاجة لإنعاش الذاكرة بأن نتنياهو ليس راغبا بأي سلام مع الفلسطينيين، وأن ساسة إسرائيل الذين هم على يمين سياساته يزايدون على تعنته، لكي يزداد سعار الحرب والكراهية نعيقا؟ كلا، إنما يجب التذكير أن الشارع الإسرائيلي عموما يتجه نحو مزيد من التطرف، خصوصا مع تصاعد ما يُزرع من مخاوف إزاء تمدد حركات ما يوصف بالجهاد. لقد ولّت أزمان أتاحت فرص تحقيق أمن للمنطقة وأمان للجميع.
تهاون بعض من كان بإمكانهم فرض ذلك الأمن ولو بالقوة، وتهرّب بعض من كان واجبهم أن يقدموا مستقبل مواطنيهم على صورة ماضيهم، وأوغل بالكذب والمراوغة ساسة زعموا أنهم يريدون سلاما، واستمرأ إظهار عكس ما يبطنون قادة يشجعهم إعجاب الجمهور بهم، فماذا يكون المنتظر في تلك المنطقة غير الفتن والحروب؟ لا شيء حتى تتغير أشياء ومفاهيم.

 

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة ـ إسرائيل حرب خامسة وليست أخيرة غزة ـ إسرائيل حرب خامسة وليست أخيرة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab