قوة التفاوض 22

قوة التفاوض (2-2)

قوة التفاوض (2-2)

 عمان اليوم -

قوة التفاوض 22

عمرو الشوبكي

أن تكون يونانياً أو إيرانياً فهذا يعنى أنك قادم من بلدين تقريبا مختلفين في كل شىء إلا في انتمائهما للحضارة الإنسانية بمعناها الواسع وبقيمها العامة، فإيران دولة إسلامية شيعية، واليونان بلد مسيحى أرثوذكسى، وإيران نظامها السياسى لا علاقة له بالنظام السياسى اليونانى، ولا قيم وفكر رئيس الجمهورية في إيران يمكن مقارنتها بقيم وفكر رئيس الوزراء اليونانى، ولا الثقافة السياسية في كلا البلدين بينهما قواسم مشتركة تُذكر إلا ما هو إنسانى يربط بين كل البشر.

ومع ذلك نجح اليونانيون بعد 17 ساعة، والإيرانيون بعد 21 ساعة من التفاوض المتصل والمضنى أن يوقعوا على اتفاق يحقق لكل منهم حداً معقولاً مما كانوا يطمحون إليه، بالقطع ليس كل ما تمنوه، ولكنهم أيضا لم يفقدوا كل ما سعوا إليه، لأنهم اعتبروا التفاوض مساراً تستدعى فيه المهنية والمهارة السياسية والدبلوماسية.

وقد عرفت مصر تجربة تفاوض مع إسرائيل، وكانت محل جدل من قبل الدبلوماسيين المصريين قبل الأجانب، واعترض على إدارتها السياسية اثنان من أهم وزراء الخارجية، وهما الراحلان إسماعيل فهمى ومحمد إبراهيم كامل.

والمؤكد أن التفاوض بين مصر وإسرائيل كان نتاج تحولات حدثت على الأرض بانتصار عسكرى مصرى في حرب 73، سمح لها بالتفاوض على تحرير سيناء بالكامل حتى لو اختلف الناس على الشروط التي وُضعت لعودتها لمصر.

والمؤكد أن تجارب التفاوض الناجحة هي التي سُمح فيها بتنوع داخلى وظف آراء المعارضين قبل المؤيدين في مسار التفاوض، فإيران حضر فيها صوت المتشددين والمحافظين في خلفية المفاوضات التي جرت مع الدول الست، أما اليونان فقد كان لـ61% من الشعب اليونانى ممن عارضوا شروط الاتحاد الأوروبى دور حاسم في مراجعة الاتفاق.

النجاح في إيجاد صيغة يتوافق عليها فرقاء الساحة السياسية الداخلية يقوى مركز أي دولة في التفاوض، فوجود إصلاحيين في مواجهة محافظين في إيران، وليس فقط مؤيدين ومهللين، ساعد في تقوية مركز إيران التفاوضى وتأثيرها الدولى. كما أن وجود يسار حاكم قوى وله جذور شعبية في اليونان لم يلغ وجود اليمين المؤثر، (صوّت بـ«نعم» في الاستفتاء الأخير)، وهو ما قوّى من مركزها التفاوضى مع الاتحاد الأوروبى.

والحقيقة أن مشكلتنا في مصر، منذ أيام الرئيس السادات، أننا لا نقبل أن نُسمع العالم الخارجى إلا صوتا داخليا واحدا يؤكد على معانى الاصطفاف الوطنى في قضايا هي بطبيعتها محل خلاف، فهل الاعتراض على اتفاقية كامب ديفيد كان حلالاً على بعض الأحزاب الإسرائيلية وحراماً على بعض القوى السياسية المصرية؟ ودفع بالرئيس السادات إلى حل مجلس الشعب في 1979 لأن هناك 13 نائبا اعترضوا على اتفاقية كامب ديفيد.

والحقيقة أن إضعاف الشروط الداخلية التي تؤدى إلى تعظيم نتائج التفاوض مع الخارج عادة متكررة في مصر، فمازال الكثيرون يعتبرون من الأصل أن التفاوض مع دولة منافسة أو خصم سياسى عيب أو نقيصة وتخلٍّ عن المبادئ، حتى لو كان الهدف هو الوصول إلى تسوية سياسية تُخرج البلاد من أزماتها، أو تضعها على بر الأمان، في حين أن كل تجارب النجاح التي عرفها العالم اعتمدت على فكرة الحوار والتفاوض وصناعة التسويات السياسية.

تجربتا اليونان وإيران في التفاوض تحتاجان إلى دراسة متأنية، خاصة ما يتعلق بتوظيف الخلافات والتباينات السياسية في الداخل كأوراق ضغط تساعد في تحقيق أقصى مكاسب ممكنة في عملية التفاوض، وهذا على عكس ما شهدناه في معظم الخبرات العربية والمصرية.

omantoday

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 09:17 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 09:16 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 09:15 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 09:14 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 09:13 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

GMT 09:12 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

في انتظار ترمب!

GMT 09:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قوة التفاوض 22 قوة التفاوض 22



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المجلس الأعلى للقضاء العماني يعقد اجتماعه الأول لعام 2025
 عمان اليوم - المجلس الأعلى للقضاء العماني يعقد اجتماعه الأول لعام 2025

GMT 16:54 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab