من يحاسب

من يحاسب؟

من يحاسب؟

 عمان اليوم -

من يحاسب

عمرو الشوبكي

حين يسقط 22 قتيلا فى عمر الزهور بسبب مباراة كرة قدم، وحين يبدو سوء الأداء وانعدام المهنية نمط حياة فى كل مؤسسات الدولة، يصبح السؤال الكبير: من يحاسب المخطئين من رجال الشرطة، وهل يمكن قبول أن يسقط هذا العدد من القتلى بسبب التدافع فى مباراة كرة قدم؟ وهل هناك حد أدنى من المهنية تعلم فيها رجل الشرطة كيف يتعامل مع شغب شباب أو مع تدافع على أبواب مدرجات، أم هى خبرات ناقصة لا يهتم أحد باكتسابها نتيجة استسهال استخدام القوة وفرض العضلات، لأنه لا يوجد حساب من أى نوع للمخطئ؟!

وقد قال لى أحد المصورين الذين غطوا المباراة إن كمية قنابل الغاز التى ألقيت على الشباب كانت هائلة، وسببت هذا التدافع والكرّ والفرّ وسقوط هذا العدد من الضحايا، فى حين أنه كان يكفى إلقاء قنبلة أو اثنتين لتفرقة عشرات المتدافعين.

أخطاء الداخلية كثيرة ومتكررة ويغطيها خطاب من نوع «البلد فى حالة حرب على الإرهاب»، وكأن محاسبة المخطئين ستعطل من حربنا ضد الإرهاب، مع أن العكس هو الصحيح، فلن ننتصر فى حربنا ضد الإرهاب إلا بمحاسبة المخطئين، ولن نوقف نزيف شهداء الشرطة إلا بتطوير أداء الداخلية ومواجهة السلبيات الكثيرة المتعلقة بأدائها.

مشكلة الشرطة لها جانبان: الأول يتعلق بانتهاكات يمارسها بعض أفراد الجهاز بحق سياسيين أو مواطنين عاديين، والثانى مهنى يتعلق بالتدريب قبل التسليح، وأيضا وجود عدد هائل غير مدرب من جنود الأمن المركزى، والغياب الكامل لشرطة مكافحة الشغب المحترفة لأسباب مادية، لأن الأول هم جنود يؤدون الخدمة الوطنية والثانى يستلزم دفع رواتب كبيرة لهم، لا توجد لها ميزانية حتى الآن، وهو أمر يحتاج إلى مراجعة.

الإشكالية المهنية معقّدة، فالمطلوب من رجل الشرطة فضّ المظاهرة أو التجمهر غير القانونى، ولكن الأهم كيف وبأى ثمن؟ يظل غير مهم. هل شاهدنا مرة استخداماً متدرجاً للقوة- كما ينص القانون: مكبرات للصوت، خراطيم مياه، أم كما هى العادة قنابل غاز وخرطوش وضحايا بالعشرات.

لا أحد يقيّم أداء الضباط على أساس الإنجاز الكيفى وليس الكمى، فالقائد الذى ينجح فى فض تجمهر دون وقوع ضحايا هو الذى يستلزم الشكر والترقية، وليس الفض بأى عدد من الضحايا، وحين تجد أن ضابطاً قام بعمل أكثر من عملية ضبط وتحرير محاضر ثم تقضى المحكمة بالبراءة للجميع، لو كان هناك منهج لتقييم أداء هذا الضابط على عمله لحوسب، لأن القضية ليست فى كم القضايا إنما فى صحتها.

ما جرى أمس الأول مأساة سياسية وإنسانية مكتملة الأركان، وإن غياب نظام للمحاسبة والثواب والعقاب لن يقدمنا خطوة واحدة للأمام، إنما سيرجعنا خطوات للوراء، وإن الهروب من حل مشاكلنا بشماعة المؤامرات الكونية ومسؤولية الإخوان لن يفيد، فالمؤامرات تنجح فى تربة مأزومة ومتردية، ولا يرغب المسؤولون فيها فى تغييرها أو إصلاحها.

إذا لم يفتح ملف إصلاح مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الداخلية، متجاوزين منطق تصفية الحسابات والانتقام، فإن مصر ستظل تنزف شهداء أبرياء مثل من سقطوا أمس الأول فى مباراة كرة، وشهداء للشرطة طوال الوقت، لأن الإصلاح والتطوير يعنى فى المقام الأول خدمة للعاملين فى هذه المؤسسات وعلى رأسها الشرطة، لأنه سيكون فى صالح من يعمل ويكد ويدفع الثمن، وليس فى صالح من يجور على زملائه بالواسطة فيأخذ الكثير، حتى لو كان لا يعمل ويجور على خلق الله من المواطنين ولا يحاسب.

رحم الله شباب أولتراس الزمالك، ونتمنى مرة أن يحاسب المسؤول عن موتهم.

omantoday

GMT 05:25 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 05:24 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

«وشاح النيل»

GMT 05:23 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وَمَا الفَقْرُ بِالإِقْلالِ!

GMT 05:22 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الزمن اللولبي

GMT 05:21 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 05:20 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

جنين... اقتتال داخل سجن مغلق

GMT 05:19 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 05:18 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الكونغرس... وإشكالية تثبيت فوز ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يحاسب من يحاسب



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 15:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 عمان اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab