الأسـوار الطبقيـة

الأسـوار الطبقيـة

الأسـوار الطبقيـة

 عمان اليوم -

الأسـوار الطبقيـة

د. وحيد عبدالمجيد

يا لها من أسوار آخذة فى الارتفاع تلك التى تفصل أغنى أغنياء مصر عن أفقر فقرائها خصوصا، وعن باقى المجتمع عموما. وهذه أسوار حقيقية من أسمنت وحديد، وليست فقط الأسوار الرمزية التى تحمل معنى التفاوت الاجتماعى حين يبلغ أعلى مبلغ والانفصال الطبقى حين يجعل المجتمع اثنين أو أكثر.

فهناك عالم خاص جدا لأغنى الأغنياء يزداد انفصاله عن المجتمع، فى مواجهة عالم المحكوم عليهم بالفقر المدقع. يزداد عالم أغنى الأغنياء انغلاقا بالمعنى المادى، وليس فقط معنويا ونفسيا. عالم يغلق الأبواب من نفسه، وتحتكر فيه قلة ضئيلة ثروات المجتمع.تتحصن هذه القلة فى منتجعات سكنية جديدة يحمل كثير منها أسماء أجنبية. وهذه ظاهرة جديدة لم تعرفها مصر قبل ثورة 1952، التى كان احتكار «نصف فى المائة» من المجتمع الثروة فيه أحد أهم أسبابها.

وكانت هذه النسبة تساوى حينئذ نحو 20 ألف شخص على الأكثر. وتساوى النسبة نفسها الآن ما يقرب من مائة ألف شخص، بعد أن ازداد عدد السكان بأكثر من أربعة أمثال.

فلم يكن أغنى الأغنياء فى عصر «النصف فى المائة» قبل ثورة 1952 معزولين عن المجتمع. فكان من وُصفوا بأنهم إقطاعيون يعيشون فى قراهم. وكان المقيمون منهم فى القاهرة والإسكندرية يعيشون فى قلب المدينتين، ويذهبون إلى بلداتهم بانتظام.

غير أن الكثير من أغنى أغنياء هذا العصر هجروا المجتمع الذى يجمعهم بفئات أخرى، وليس فقط بالفقراء، وأقاموا أسوارا عالية تعزل منتجعاتهم عنه. ولا تقتصر أخطار هذا الانفصال الطبقى على ما يؤدى إليه من اضطراب اجتماعى يجعل النار تحت الرماد. فالأخطر من ذلك هو أن قطاعا من أغنى الأغنياء لا يبقى معنيا بأى إصلاح فى البلاد بسبب اللجوء إلى الخارج فى العلاج وتعليم الأبناء وغيرها من الخدمات التى تتدهور فى مصر. لا يجد هؤلاء حاجة إلى إصلاح التعليم، أو تطوير المنظومة الصحية، لأن لديهم البدائل والقدرة على إيجادها. وليس هذا إلا مثالا واحدا على بعض تداعيات الانقسام الطبقى حين يصل إلى مستوى الانفصال.

وهكذا يتوازى هذا الانقسام مع استقطاب سياسى تجاوز سطح المجتمع إلى أعماقه.وإذا كان خطر الاستقطاب السياسى هو الأكثر وضوحا الآن لاقترانه بعنف وإرهاب يهددان البلاد، فليتنا نعى أن خطر الانقسام الاجتماعى أعمق وأطول أمدا.

 

omantoday

GMT 10:14 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 10:13 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 10:12 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 10:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 10:09 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

GMT 10:08 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تسييس الجوع والغذاء

GMT 10:07 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

إيران: مواءمة قطع الأحجية الخاطئة الراهنة

GMT 10:05 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان بين إعادتين: تعويم أو تركيب السلطة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسـوار الطبقيـة الأسـوار الطبقيـة



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab