لودريان ــ بري ــ غاليليو ومعادلة «51  60»

لودريان ــ بري ــ غاليليو ومعادلة «51 = 60»

لودريان ــ بري ــ غاليليو ومعادلة «51 = 60»

 عمان اليوم -

لودريان ــ بري ــ غاليليو ومعادلة «51  60»

بقلم:مصطفى فحص

فقط في لبنان سيواجه المبعوث الخاص الفرنسي وزير الخارجية السابق جون إيف لودريان خلال مباحثاته مع بعض الأطراف السياسية المُعطلة للاستحقاقات الدستورية محاولة إقناعه سياسياً بمعادلة رقمية مختلفة عن المعادلات الرقمية كافة التي عرفتها البشرية منذ تطور علم الحساب، فهناك طرف لبناني «ثنائي» (حركة أمل وحزب الله) لا يقبل القسمة مع أحد، سيقدم مطالعة سياسية طويلة للوزير المبعوث في محاولة لإقناعه من دون كلل بأن 51 صوتاً التي نالها مرشح الهيمنة الوزير السابق سليمان فرنجية متساوية عددياً مع 60 صوتاً نالها مرشح التقاطع الوزير السابق جهاد أزعور، فعلى الرغم مما تحمله نتائج الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس لبنان من تحولات سياسية وتموضعات لا يمكن إنكارها، فإن «الثنائي» مُصرّ على إنكار أن مرشحه حصل على أقصى عدد من الأصوات التي يمكن أن تعطى له، في حين ثبّت جهاد أزعور عدد الأصوات التي يمكن أن ينطلق منها.

استهل لودريان زياراته اللبنانية من قصر عين التينة، مقرّ رئيس مجلس النواب نبيه بري مهندس هذه المعادلة، الذي يُسجل له أن تمكن من إضاعة أحد أصوات النواب المقترعين في جلسة انتخاب الرئيس الأخيرة ثم جيّره لأحد المرشحين غير المنافسين، كما أضاع النِصاب في 14 جلسة مخصصة لانتخاب الرئيس في سابقة حسابية لم تشهدها الحياة البرلمانية اللبنانية منذ الاستقلال، والأرجح أن «الثنائي» مستعد لإضاعة مزيد من الوقت على أمل أن يحقق شيئاً ما من معادلته، فمهمة لودريان الصعبة مع هذا «الثنائي» في محاولة إقناعه بخطأ حساباته وبأنه لم يعد وحده مركز الثقل السياسي في لبنان والمنطقة بعدما قوضت انتفاضة «17 تشرين» 2019 إطباقه على النظام السياسي منذ 2016، ونجحت جلسة الانتخاب الرئاسية في 14 الحالي من إنهاء مفاعيل 7 مايو (أيار) السياسية.

فعلياً مهمة لودريان في إقناع «الثنائي» أنه لم يعد وحده مركز القرار ستجعله أمام معضلة أشبه بتلك التي واجهها الفيلسوف عالم الفلك الإيطالي غاليليو الذي قضى جزءاً من وقته الثمين في محاولة إقناع نخب عاصرته بنظرية «كوبرنيكوس» المعروفة بمركزية الشمس مقابل من كان يتبنى مركزية الأرض والتي كانت تلقى دعم الكنيسة حينها؛ ما أدى إلى مثول غاليليو مرتين أمام محكمة التفتيش.

ما لا يدركه لودريان أن أصحاب معادلة (51 = 60) باتوا يتعاملون معها بصفتها جزءاً من مركزيتهم التي يجب على الداخل والخارج أن يدور من حولها، وهي محطة جديدة في مسلسل انتصاراتهم الدائمة التي يحتاج إليها «الثنائي» من أجل إقناع أتباعه بأنه لم يزل قادراً على تغيير حتى الأرقام، ولا يمكن أن يغير أو يتغير، فوعوده بالنصر دائماً قد فرضت نفسها على النتائج الحسابية لجلسة انتخاب الرئيس الأخيرة، وهي معادلة يقينية عقائدية منحها معتنقوها شرعية سماوية وصفوها بالانتصارات الإلهية، ستحاول فرض رأيها في أي معادلة مقبلة ولن تتردد بتهديد الداخل والخارج بمحكمة التفتيش إذا لزم الأمر.

هذا الطرح سيكون كفيلاً بأن يعود لودريان عشرات المرات إلى بيروت حتى يتمكن من إقناع من يتبناه بالتراجع عن معادلته الخاطئة، والأخطر أنه قد يستهلك هذا المحور وقتاً طويلاً حتى يقتنع بالتراجع كما استهلك راعيه الإقليمي وقتاً طويلاً من أجل الاقتناع بأن محاولة فرض نفوذه بالقوة على المنطقة فشل وتسبب في استنزافه، فمن يتقدم في المواجهة ليس بالضرورة أن يتقدم في السِلم، وتحقيق النفوذ يعتمد على القوة العسكرية، في حين الدور يحتاج إلى القوة الناعمة، وهذا غير متوافر لدى «الثنائي» ولا لدى راعيه الإقليمي الذي يحاول لملمة حضوره الإقليمي من خلال الرهان على تسويات كبرى مع أطراف إقليمية فاعلة تحقق في السلم ما لم تحققه في المواجهة.

وعليه، من غاليليو إلى لودريان مروراً بنظرية كوبرنيكوس ومحاكم التفتيش يبدو أن أمد الفراغ طويل إلى أن يستوعب «الثنائي» لغة الأرقام ويستوعب حدود مركزيته.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لودريان ــ بري ــ غاليليو ومعادلة «51  60» لودريان ــ بري ــ غاليليو ومعادلة «51  60»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab