الخروج من الأزمة المركبة

الخروج من الأزمة المركبة

الخروج من الأزمة المركبة

 عمان اليوم -

الخروج من الأزمة المركبة

بقلم: عبد المنعم سعيد

لا أدري ما ستكون عليه الحال في الشرق الأوسط وقت نشر هذا المقال؛ ما هو حادث وقت كتابته كان الاستعدادات الإسرائيلية للرد على الضربة الإيرانية، بينما قامت بضرب قلب بيروت وشنّ هجمات متتالية على الجنوب، وقبل ذلك حلقت طائراتها فوق البحر الأحمر لتسجيل غارة حارقة على الحديدة في اليمن. ما لفتنا النظر إليه طوال الأسابيع الماضية هو أن «التصعيد» يزداد في مواجهة مفاوضات وقف إطلاق النار. الآن لم تعد هناك مفاوضات، وإن كانت هناك مفاوضات على المفاوضات. وما لفتنا النظر إليه أيضاً هو أنه لا يوجد لدينا إلا أنفسنا، التي نعتمد عليها في مواجهة موقف بدأ على شكل نوع من الحرب الدورية التي تجري بين «حماس» وإسرائيل، وحملت اسم «حرب غزة الخامسة»؛ ولكنه انتهى الآن على شكل حرب إقليمية تتورط فيها إيران وتوابعها في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن. تصوُّر أن الحرب تجري من أجل القضية الفلسطينية فيه كثير من التبسيط، وفيه ما هو أكثر من الخداع. إسرائيل تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية نتيجة استمرار احتلالها، وازدياد مستوطناتها، والعنت والظلم والعنصرية في مواجهة عرب وفلسطينيين. ولكننا، أي الدول العربية، من ناحية أخرى نتحمل مسؤولية مَن تَصَوَّرَ أن شرر النيران في الجيرة لن يقترب منه، ثم بعدها تشتعل النيران التي لا قِبل لنا بها. «الربيع العربي» يتحمل مسؤولية الضعف الاستراتيجي الذي ألمَّ بالمنطقة، وجعل دول الجوار، خصوصاً إيران وإسرائيل، تتوحش بتدمير الدولة الوطنية في بلدان عربية، من خلال ميليشيات حملت علم المقاومة فحلت الميليشيات محل السلطة السياسية في اتخاذ قرارات الحرب والسلام.

وفي اليمن، جاءت الميليشيات الحوثية لكي تقسِّم اليمن إلى 3 دول، وتعتدي على الدول العربية المجاورة مع تهديد التجارة الدولية والإضرار الاقتصادي بمصر.

جرى ذلك أمام أعيننا خلال السنوات الأخيرة، حتى انفجرت كلها مرة واحدة في بوادر لنشوب حرب إقليمية شرسة تفوق في العنف كل ما سبقها من أحداث. إسرائيل بلغ بها النصر مبلغه إلى الدرجة التي تريد بها ضرب كل من أصابها بصاروخ، ويسبق الضرب اغتيال القيادات المسؤولة الذي يتم بطريقة فيها قدر غير قليل من المهانة، كما حدث في إيران مع اغتيال إسماعيل هنية، وفي لبنان مع قتل السيد حسن نصر الله مع رفاقه الكُثر. إيران من ناحيتها تريد أن تحافظ على مكانتها «الثورية» ونظامها السياسي في الداخل الإيراني من خلال انتصارات زائفة في الخارج. هذه الثنائية العنيفة تدوس على دول عربية استبدت بها الميليشيات، وعلى القضية الفلسطينية بجرِّها إلى مزيد من الظلم والاحتلال. الآن وقد قامت المملكة العربية السعودية بالدعوة لتحالف دولي يسعى من أجل حل الدولتين، ويضع الهدف الاستراتيجي في المقدمة، ويدعو في الوقت نفسه الرفاق العرب والمسلمين والأوروبيين إلى تحقيق انطلاقة في هذا السعي. هذه الخطوة المباشرة تحتاج إلى قوة دافعة ذات مصداقية لا يمكن أن تكون إلا عربية متصلة بجميع الأطراف، ولديها من السوابق الداخلية في المشروع الوطني ما يؤدي إلى خلق مشروع إقليمي للأمن والسلام والتنمية.

هناك أمران ضروريان في هذا السياق، أولهما أنه مع الأهمية الكبيرة للولايات المتحدة، فإنه لا يمكن الاعتماد عليها في فض الأزمة المركبة من أزمات متنوعة، إلا إذا كان لهذه الأزمة مكون إقليمي واضح. الولايات المتحدة تظهر بعد أن تكون القوى الإقليمية قد قامت بواجباتها، واتخذت قرارات صعبة، والتخلص من تقاليد مرضية موروثة. وثانيهما أن حل القضية الفلسطينية، وإعادة الاحترام والتقدير للدولة العربية، واستعادتها الحازمة لقدرة اتخاذ قرارات الحرب والسلام هي أول الطريق وليس آخره لاسترداد الاستقرار والأمن للمنطقة، وتخلصها من فزع الحروب والأزمات. الدعوة هنا تقوم على ائتلاف عربي من السعودية ومصر والإمارات والأردن بوضع استراتيجية شاملة للتعامل مع الأزمة الأم وباقي الأزمات المتفرعة منها، من خلال وضع أهداف واضحة، واستخدام أدوات السياسة والاقتصاد والدبلوماسية والإعلام للتعامل مع الأزمة المركبة.

وبصراحة، فإن «تحالف» وليس «ائتلاف» المقاومة والممانعة تَسَبَّبَ في حالة مرعبة من عدم الاستقرار في المنطقة بيابسها وبحارها مع تدمير دول قومية طال زمان استمرار تمزُّقها وتحوُّلها إلى منصات مولِّدة للإرهاب والأزمات. دول الإقليم، خصوصاً إيران وإسرائيل، تحتاج لتعاملات خاصة واستراتيجية تدفع في اتجاه الأمن الإقليمي، وتحقيق المصالح المشتركة في السلام والأمن والتنمية، والبعد عن السلاح النووي. حل الدولتين خطوة مهمة وجوهرية، وهي من المنظور الإقليمي أولى الخطوات وليس آخرها.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخروج من الأزمة المركبة الخروج من الأزمة المركبة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab