شاهد على مصر والقضية الفلسطينية 10

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (10)

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (10)

 عمان اليوم -

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية 10

بقلم - هدي الحسيني

 

د. محمد السيد سعيد، رحمه الله، وأنا ذهبنا لمقابلة «أبو مازن» فى واحدة من أمسيات ربيع ١٩٨٩، بناء على طلب من الأستاذ لطفى الخولى رحمه الله وتوصية من الرئيس ياسر عرفات بأنه الشخص المناسب الذى يتحدث معنا عن الاستراتيجية الفلسطينية، ونتحدث معه ونعطيه الدراسة التى قمنا بها عن تجارب حركات التحرر الوطنى الجارية فى العالم.

كنا قد حضرنا ذكرى استشهاد أبو جهاد أو خليل الوزير، وهناك قابلنا لأول مرة منذ ثورة الطلبة المصريين فى مطلع السبعينيات د. سمير غطاس الذى صار اسمه محمد حمزة فى غمرة الكفاح الفلسطينى. كان الموعد المحدد لنا هو منتصف الليل تقريبا فى مبنى رقيق الحال فى العاصمة التونسية، وما إن دخلنا حتى وجدنا خلية نحل لا تعرف فارقا بين الليل والنهار.

جلس معنا من صار بعد ذلك خليفة لعرفات تحت اسمه الأصلى «محمود عباس»، ومعه حزمة من العقول الفلسطينية الدارسة للعلوم السياسية والعارفة بالكثير من النظريات الاستراتيجية والمختلفة من حيث «القماشة» الدراسية و«النوعية» «الجهادية» عن تلك التى تحدثنا معها واستمعنا إليها خلال الأيام الماضية. فى هذا المبنى كانت هناك طائفة فلسطينية تجعل الصراع مع إسرائيل عملية عقلية صبورة وليست حريق كلمات حماسية عن مستقبل موعود.

وهكذا دار الحوار وسلمنا الدراسة التى لم يكن منها إلا نسخة وحيدة للأسف؛ وعند مطلع الفجر وفى طريق العودة إلى الفندق كنا أكثر اطمئنانا وأقل سخطا على «القضية الفلسطينية»، وكان باديا أن الانتفاضة الفلسطينية لم تفرز جيلا جديدا من القيادات الفلسطينية فقط وإنما ولدت معها فكرا جديدا يقوم على اختراق العالم ومعه إسرائيل. المجموعة كانت أكثر فهما وأكثر قدرة على استيعاب ما قام به الرئيس السادات من قبل.

عدنا من تونس على وعد بلقاءات أخرى سوف تحدث بعد ذلك، وهو ما لم يتحقق كما هى العادة، ولم يكن ذلك لإهمال وإنما لأنه مع مطلع عقد التسعينيات كان العالم العربى قد تعرض لأكبر محنة عرفها فى العصر الحديث: الغزو العراقى للكويت. كان الرئيس صدام حسين قد اختطف دولة عربية أخرى ذات سيادة، وأعلن أنه طالما أن إسرائيل تحتل فلسطين فإن من حقه احتلال الكويت ولا يستطيع الجلاء عنها إلا بعد جلاء إسرائيل.

الحرب شهدت إطلاق الصواريخ العربية على تل أبيب من بغداد، ومعها جرى إطلاقها على الرياض فى المملكة العربية السعودية. خرج الفلسطينيون فى الضفة الغربية وقطاع غزة يرقصون احتفالا بضرب إسرائيل دون أسف على ضرب بلد عربى آخر. الطريف والحزين وقتها كان أن اجتمع عدد من الجماعات المعارضة العربية- من اليسار واليمين- على بقاء الاحتلال مع التغطية على ذلك بحل عربى للقضية، رغم معرفة الجميع أن ذلك لن يحدث أبدا. فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية كان هناك اثنان فقط اللذان سارا فى هذا الاتجاه، أما الغالبية فقد اختارت أن مصالح مصر العليا والمصلحة العربية هى ضرورة رفض المغامرة العراقية الكارثية.

تسببت الحرب فى حالة من الانقسام داخل كل المنظمات العربية التى عرفت بالدفاع عن القضية الفلسطينية من منطلقات عروبية، ومن ناحيتى أصبحت خارج الصف بالنسبة لمركز دراسات الوحدة العربية، ولأول مرة جرى شق لعلاقة كانت تزداد وثوقا مع أستاذ جيلنا محمد حسنين هيكل. لكن فى الوقت الذى بدا فيه أن الغزو العراقى للكويت قد أزاح القضية الفلسطينية بعيدا، بدا فى الواقع أنها سوف تكون فاتحة انفراجة على القضية التى استعصت على الاقتراب الجدى طوال عقود سابقة. وظهرت الانفراجة عندما أخذت الولايات المتحدة على عاتقها أن تنتهز فرصة الحرب وتحولها إلى فرصة لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط.

وبعد ثمانى جولات مكوكية فى المنطقة حصل جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكى على موافقة كافة الأطراف المعنية بما فيها الاتحاد السوفيتى والاتحاد الأوروبى ودول مجلس التعاون الخليجى ومصر والأردن وسوريا ولبنان، وإسرائيل بالطبع. كانت العقدة المتبقية هى كيف يمكن تمثيل الفلسطينيين فى المؤتمر، فتحققت الفكرة التى اقترحتها مصر والأردن وهى أن يكون هناك وفد مشترك من الأردن ومنظمة التحرير ينقسم إلى وفدين وبعدها يصير كل وفد مسؤولا عن نفسه.

جرى تذليل كل العقبات أمام مؤتمر مدريد الذى بزغت فيه قيادات الداخل الفلسطينى مثل حنان عشراوى وصائب عريقات رحمه الله. بات مؤتمر مدريد نقطة فارقة فى فقه المفاوضات؛ حيث لم ينقسم فقط إلى مفاوضات مباشرة، وإنما أضيف لها مفاوضات متعددة الأطراف، وكان لكل منهم قصة تُحكى.

omantoday

GMT 05:48 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

المُنقضي والمُرتجَى

GMT 05:46 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

«طوفان الأقصى» و«ردع العدوان»: إغلاق النقاش وفتحه...

GMT 05:44 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

عام ليس ككل الأعوام

GMT 05:42 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 05:38 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

البحث عن المشروع العربي!

GMT 05:36 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

2025... العالم بين التوقعات والتنبؤات

GMT 05:30 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النقاش مستمر

GMT 05:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا نملك إلا الأمل في عام 2025

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية 10 شاهد على مصر والقضية الفلسطينية 10



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى
 عمان اليوم - إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم
 عمان اليوم - أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
 عمان اليوم - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
 عمان اليوم - طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
 عمان اليوم - كريم عبد العزيز يتحدث عن الرقم واحد وهذا ما قاله عن هنا الزاهد

GMT 10:02 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 عمان اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab