الإمام الطيب بين ثوابت العقيدة وزهد التصوف
أخر الأخبار

الإمام الطيب.. بين ثوابت العقيدة وزهد التصوف

الإمام الطيب.. بين ثوابت العقيدة وزهد التصوف

 عمان اليوم -

الإمام الطيب بين ثوابت العقيدة وزهد التصوف

بقلم:فاروق جويدة

 عرفته سنوات طويلة وهو ينتقل بين المسئوليات فى المؤسسة العريقة، كان فى كل مراحل عمله وحياته نموذجا فى الحكمة والترفع كما كان دائما يتمسك بثوابت العقيدة، فلم يجنح تحت أى ظرف من الظروف.

كنت ومازلت أعتز بهذا العالم الجليل والمتصوف الزاهد والمفكر الذى يعتز بعقيدته ويفخر بدينه د. أحمد الطيب الإمام الأكبر وشيخ الجامع الأزهر أقدم جامعات مصر وأكثرها شهرة وبريقا.

 

ــــ فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، رجل زاهد فى كل شيء، وهو محب لدينه، يملك عقلًا مستنيرًا بلا تعصب، ومؤمن بلا تجاوز.. شخصية دينية مرموقة تحظى باحترام واسع على المستويين المحلى والدولي.. عُرف بمواقفه المعتدلة الداعية إلى الحوار والتسامح بين الأديان، مؤكدًا دائمًا أهمية الوسطية ونبذ العنف والتطرف.. كما يبذل جهودًا كبيرة فى تعزيز قيم السلام والعدالة، سواء من خلال مشيخة الأزهر أو عبر لقاءاته ومؤتمراته العالمية..كان دائما يمثل رمزًا للعلم والدين، ويواصل العمل على توحيد الصفوف وتقريب وجهات النظر بين الشعوب المختلفة. وهو يدرك قيمة المسئولية تجاه أمته، ويعتبر نفسه صوتًا من أصوات الحق والحكمة.. ويضع أهمية خاصة لقضايا المسلمين فى كل دول العالم، شرقًا وغربًا.

ــــ الإمام الأكبر أعاد الزى الأزهرى التقليدى إلى علماء الأزهر والمعاهد الدينية، ليس كشكلٍ خارجى فحسب، بل كعودةٍ إلى الجوهر والأصول.. لقد نجح هذا القرار فى مواجهة موجات «الزى الغريب» الذى تسلل إلى المؤسسات الدينية، وحوَّل المساجد والفضائيات إلى ساحاتٍ ابتعدت عن الذوق المصرى البسيط.. لم تكن العودة مجرد قرار إداري، بل تأكيدا لهوية الأزهر كحصنٍ للعلم والوسطية، ودعوة لاستعادة الدور الريادى للمؤسسة فى ترسيخ القيم الإسلامية السمحة.. هى خطوة تعكس حرص الإمام الأكبر على ترسيخ هوية الأزهر وأن العودة إلى الزى ليست مجرد عودة للشكل، بل هى عودة للجوهر والثوابت.

ــــ فى خضم الجدل حول زيارة القدس تبنى الإمام موقفٌا ثابتا فى زمن الرياح العاتية وأقام مؤتمرا تاريخيا ناقش قضية القدس، بحضور قداسة البابا تواضروس الثانى والرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن»، وعدد من العلماء والسياسيين.. أوضح الإمام الطيب أن زيارة القدس فى ظل الاحتلال الإسرائيلى تثير جدلًا واسعًا، بين من يرى أن زيارتها تبقيها عربية إسلامية، ومن يعتبر أن ذلك تطبيع غير مباشر، وأن الظروف الحالية تستدعى الحذر.. إسرائيل تسعى لاستغلال مثل هذه الزيارات، لتظهر أمام العالم أنها لا تمنع المسلمين والمسيحيين من زيارة القدس، بينما الواقع يكشف أنها تريد دمج العرب تدريجيًا لتمرير مخططاتها التوسعية.

ــــ تحمل الإمام الأكبر ضغوطًا هائلة خلال حكم الإخوان لمصر، حيث تعرض الأزهر لهجومٍ شرسٍ، هدف إلى تشويه مناهجه ورموزه.. لكن القيادة الحكيمة للطيب صمدت، وأصدرت وثيقة حقوق الإنسان التى واجهت الإرهاب بالفكر المستنير والتى أكدت حقوق الإنسان، حرية الفكر، ومواجهة الإرهاب باسم الدين.. وحررت الخطاب الدينى من براثن التطرف  ولم تكن المعركة سهلة.. وبعد سقوط الإخوان، استمر الإمام الطيب فى معركته لتصحيح المفاهيم وتقديم خطاب دينى مستنير، من خلال عقد المؤتمرات والندوات التى أكدت وسطية الأزهر ورفضه التطرف وترسيخ الفكر الوسطى، مؤكدًا أن الهجوم على الأزهر هدمٌ للوطن وللإسلام نفسه.. رغم هذا الجهد، تعرض الأزهر فى فترات لاحقة لهجوم إعلامى حاد، أثار استياء الإمام الطيب الذى عبّر عن عتابه قائلا: «لماذا هذا الهجوم الضارى على مؤسسة عريقة تمثل إحدى أهم وأقدم مؤسسات الدولة المصرية؟، وأكد أن الحوار لا يعنى التجاوز، والاختلاف لا يبرر التطاول.

لقد حمل الأزهر على عاتقه مهمة نشر الفكر المستنير، ومع ذلك، يتعرض لحملات تهدف إلى النيل من مكانته.. ومهما حاولت بعض المنصات الإعلامية الإساءة، يبقى الأزهر صرحًا شامخًا، يحمل لواء العلم والدين الوسطى.

ــــ لا تكتمل صورة الإمام الأكبر دون ذكر تحالفه الإستراتيجى مع قداسة البابا تواضروس الثاني. ففى لقاءاتٍ جمعتهما، ناقشا أزمات الأخلاق والسلم المجتمعي، وأطلقا مبادراتٍ للحوار بين الأديان. زار الإمام الفاتيكان واجتمع بالبابا فرنسيس، واتفقا على عقد مؤتمر عالمى للسلام، بينما دعم البابا تواضروس جهود الأزهر فى مواجهة الإلحاد والتفكك الأخلاقي. هذا التحالف ليس مجرد تعاونٍ ديني، بل نموذجا لوحدة الوطن فى مواجهة التحديات.

ــــ كان ومازال صوت الإسلام الوسطى إلى العالم،  حيث جابت رحلات الإمام الأكبر القارات؛ من أوروبا (ألمانيا، فرنسا، الفاتيكان) إلى آسيا (إندونيسيا وسنغافورة) وإفريقيا (نيجيريا)، حاملًا رسالة الإسلام السمحة.. كما شدد على أهمية الحوار بين الأديان وأن مواجهة «الإسلاموفوبيا» تتطلب تضافر الجهود وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام، بعيدًا عن التشويه والتطرف.. وشرح سماحة الشريعة، مؤكدًا أن الأزهر لم يخرج إرهابيًّا واحدًا.. لم تكن الزيارات دبلوماسيةً، فحسب، بل جزءًا من إستراتيجية لتصحيح الصورة النمطية، وبناء جسور الثقة مع الغرب، خاصة فى ظل تنامى خطاب الكراهية.

فى لقاءاته مع قادة العالم، أوضح الإمام الطيب أن الإسلام دين التسامح، مؤكدًا أن الأزهر هو مصدر الوسطية.

ــــ ودائما مواقف الإمام تعلو فوق الخصومات، فعلى عكس ما يشهده العالم الإسلامى من انقسامات، أثبت الإمام الأكبر أنه عالم جليل يتمسك بقيم العلماء الحقيقية الفكرية وأن العلماء يجب أن يكونوا فوق الصراعات، حفاظًا على وحدة الصف الإسلامي. فالأزهر كان دومًا مؤسسة تجمع بين الرأى والفكر، بعيدًا عن الخصومات السياسية.. وقد أكد الإمام الطيب أن الأزهر لا يحاسب أحدًا على مواقفه السياسية، لأن دوره يتجاوز السياسة إلى ما هو أسمى.

ــــ وكانت خطوة جريئة حين أطلق الإمام الطيب دعوة للحوار بين السنة والشيعة، فى وقت تتصاعد فيه نذر الصراع بينهما، مدفوعة بأجندات خارجية وأن السنة والشيعة أبناء دين واحد ورسالة واحدة، مستشهدًا بتاريخ مصر الذى احتضن المذهب الشيعى سنوات طويلة، وعلاقة المصريين الوثيقة بآل البيت. وأكد أن العالم الإسلامى يمر بمرحلة صعبة، وأن التقارب بين المذاهب أصبح ضرورة لمواجهة التحديات المشتركة وأن الفتن الطائفية لا تخدم إلا أعداء الأمة.

ــــ رغم الدعوات التى ظهرت فى السنوات الأخيرة للترويج لما يُسمى «الدين الإبراهيمي» باعتبار ذلك عدوانا صارخا على معتقدات الناس وأديانهم وأن العالم لا بد أن يحترم أصحاب كل دين..ومن العبث إنشاء مثل هذه الأفكار التى تسيء للبشر جميعا باختلاف أديانهم وعقائدهم.. يظل موقف الإمام الطيب من «الدين الإبراهيمي» امتدادًا لرؤيته الراسخة بأن التعايش لا يعنى التذويب، وأن الاختلاف الدينى لا يلغى الاحترام المتبادل، وهو ما تجسده «وثيقة الأخوة الإنسانية»، التى أكدت أن الحوار هو الحل، لا محاولات صهر الهويات الدينية فى بوتقة واحدة.

ـــــ فى زمن تشتد فيه العواصف الفكرية والسياسية حول الإسلام، يظل الإمام الأكبر د.أحمد الطيب، شيخ الجامع الأزهر، صوتا للحكمة والوسطية، ورجلٍا يحمل هموم أمته بقلب الزاهد وعقل المستنير.. إنه رمزٌ يجسد الجوهر الأصيل للأزهر الشريف، مؤسسةً علميةً عمرها ألف عام، وقائدًا يضع نصب عينيه مسئولية الحفاظ على الهوية الإسلامية فى وجه التطرف والانقسامات.

 

..ويبقى الشعر

كـُـلُّ الأَحـِــبَّةِ يَطْلُبُونَ رِضاك ِ

وأنا بـــدَمّى قـــد رَويْتُ ثَـــَـراكِ

إن كان فى سُنَنِ الحياةِ ضريبة ٌ

فـــأنا بروحى قد فديتُ حـِــماكِ

كُنَّا صِغَاراً حين أطلقْنا المُنى

جـِــيلاً فجــيلاً نهــتدى بُهـداكِ

طــفلٌ صغيرٌ لا يــنام دقـيقة ً

إلا ورتَّــلَ فـى المـنامِ دُعـَــاكِ

قلبٌ يُسافرُ فى الحياةِ بطولها

مـا حَبَّ شــيئاً فى الـوجـودِ سِـواك ِ

أشــبَعْتهِ حُــبًّا يفــوقُ خــياله

وبـــكل شـــوقٍ دلـلــتُه يــَــداك ِ

الآنَ يرحلُ عن ربوعكِ راضيا ً

وهـبَ الــحيـاةَ رخــيصة ًوفـَــدَاكِ

الآن يَحْضننى تُرابُكِ ساجداً

وبـكـــل ِفـــجرٍ قــــادمٍ ســــأراكِ

تتفاخرينَ على الوجودِ بقصتى

وأنــا بـــدمّى أســتعــيدُ بَـهــاكِ

يا قِبْلةَ الدنيا وتَاجَ زمانِها

اللهُ فى قــممِ العـُـلا ســـوَّاك ِ

فى موكبِ التاريخِ كنتِ رسالة ً

للعالمينَ وما اهْتَدْوا ..لـولاكِ

الدينُ عندكِ كان وحْىَ حضارة ٍ

مــا ضل نجـمٌ عانقــتُه سماكِ

شعبٌ يُصلى للجمال وللهدى

كم ذابَ عشقاً وارتوى بهواكِ

نيلٌ يسبحُ للسماءِ سماحة ً

عـن كل شئ فى الورى أغناكِ

الكونُ قد عرفَ الهدايةَ من هنا

صـلى وكـبرَ وأهـتدَى بخطاكِ

***

إنى سأمضى الآن كلُّ وَصِيَّتى

ألا يـضـيعَ الــعــدلُ فـوقُ رُبَـاكِ

أن تحفظى وَلَدى ليبقى دائما ً

نَسْــًرا جسوراً فى سَـمَاءِ عُلاك ِ

ولْتَحْفَظيه من الضلالةِ بالهُدى

لــيرى الإلــَه حـقيقةً بِــرِضَاك ِ

عــــلَّمتُه أن التــّـرابَ أمـــانة ٌ

بالحقِ سِــيرِى لــن تَتُوهَ خُطاك ِ

ولتحــملينىِ فى عـُـيونكِ دائما ً

حـُــلْماً بَــريئاً يـَـحْتَــمِى بــدُعَاكِ

أنا فى تُرابكِ لن أنامَ.. وإنما

سـأظلُ قـــلباً ســاهراً يــَرْعَـــاكِ

تبقَى دمائى فى تُرَابكِ صَحْوَة ً

للـــحـــقِ تَــرْوِى دائــماً ذِكْـرَاكِ

عهدُ من البُهْتَانِ ولَّى وانْقَضَى

لا خـــيرَ فــــيمنْ لاَ يَــصُـونُ ثَرَاكِ

ولْتَـذْكُرِينى كــلّما عَبَــَرتْ بنا

أشــــباحُ عــهــدٍ فـــاسدٍ أَشْقَاكِ

ولْتَحْفَظِى حُلْمِى ببيتٍ آمن ٍ

وكـــرامةٍ مـــن حـــقِ كهــل ٍشـاكِ

أو دعوةٍ لا تستجابُ لأنها

كـانت خطيئةَ جوع ِطفلٍ باكِ

***

 

فَغَداً تضئُ على ضفافكِ أنجمٌ

ويـَــظَلُّ جيشُكِ حـارساً لِحِمَاك ِ

هو خيرُ أجنادِ الخليقِة كلّها

فى كــل خـَـطْبٍ بالدماءِ فَــدَاكِ

ولْتَذْكُرِينِى كلما عادتْ لنا

أعيادُ فــَـرْحٍ واسْــتَعَدْتِ صِباكِ

بَيْنِى وبَيْنَكِ عهدُ حُبًّ كلما

عـَصَفُ الــزمانُ بَغْدرِه ورَمَاكِ

سَأُطِلُّ فى الأُفُقِ البعيدِ يُحيطنىُ

ركْبُ الشهادةِ شامخا كسماكِ

فَتًقوم فى الصمتِ المهيبِ سَوَاعِدٌ

ويطوفُ فى الليلِ الطويل نِدَاكِ

فإذا أطلَّ الفجرُ يوماً وانقضى

زمــنٌ بنهرِ الدمعِ كمْ أَضْنَاكِ

عُودِى إلى قبرى.. وقُولى كانَ لى

فَخْرَ الرجال ِ.. وعَانِقِى شُهَدَاك ِ

 

omantoday

GMT 20:15 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

GMT 20:12 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لا تعزية حيث لا عزاء

GMT 20:11 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

حطب الخرائط ووليمة التفاوض

GMT 20:10 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

خرافات العوامّ... أمس واليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لماذا فشلت أوسلو ويفشل وقف إطلاق النار؟

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

الخصوصية اللبنانية وتدوير الطروحات المستهلكة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإمام الطيب بين ثوابت العقيدة وزهد التصوف الإمام الطيب بين ثوابت العقيدة وزهد التصوف



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab