ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط
أخر الأخبار

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

 عمان اليوم -

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

بقلم : نديم قطيش

ثلاثة مسارات كبرى، وطويلة الأمد، برزت في الأشهر الثمانية عشر الماضية، منذ حرب أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تكتسب ديناميّاتها وآثارها زخماً متنامياً: تطبيع العلاقات مع إسرائيل، التنويع الاقتصادي بعيداً عن النفط والانخراط في اقتصاد الذكاء الاصطناعي، واتّساع رقعة الرفض الشبابي العربي والشرق الأوسطيّ لخليط الأيديولوجيات المقاومِة والجهادية، وتحميلها مسؤوليّة إجهاض أيّ آفاق جديدة.

شكّل الاتّفاق الإبراهيمي في عام 2020، لا سيما بين الإمارات العربية المتّحدة والبحرين والمغرب، نقطة تحوُّل في العلاقات العربية الإسرائيلية، اكتسبت المزيد من الزخم نتيجة قدرة الاتّفاق على مقاومة ضغوط الحرب الدامية في غزة ولبنان. بموازاة ذلك كانت المملكة العربية السعودية تثبت مكانتها بصفتها الفاعل الرئيسي في اللعبة الجيوسياسية العربية، من خلال إبداء الرياض، قبل الحرب، استعدادها لأن تكون قاطرة السلام الشامل مع إسرائيل، وبصفتها الآن المهندس الرئيسي لتحويل مأساة غزّة إلى فرصة لتكوين أفق سياسي واقتصادي شامل للمنطقة، بعد الحرب، وعدم الاكتفاء بحلول مؤقّتة وهُدن كما كان يجري في السابق.

هذا السياق هو ما عبّرت عنه الجهود العربية التي كان بين محطّاتها العلنية اجتماع الرياض يوم 21 شباط 2025، بين قادة ومسؤولين من دول الخليج ومصر والأردن، ثمّ قمّة القاهرة الطارئة يوم 4 آذار 2025، كجزء من مسار عربي لرفض التهجير، وإعادة الإعمار بفاتورة أوّليّة تبلغ 53 مليار دولار، وإعادة تكوين السلطة السياسية وهندسة الأمن في القطاع بدعم من قوّات حفظ سلام دوليّة.

تعكس هذه الديناميّات تفوُّق الحسابات البراغماتية الأوسع، المرتبطة بالاستقرار السياسي والأمنيّ والتعاون الاقتصادي، عبر ربط الممرّات البحرية وسكك الحديد، وفتح الأجواء، وتعزيز شبكات تبادل المعلومات الاستخبارية والاستجابات الدفاعية، على حساب الأيديولوجية المقاوماتيّة.
شكّل الاتّفاق الإبراهيمي في عام 2020، لا سيما بين الإمارات العربية المتّحدة والبحرين والمغرب، نقطة تحوُّل في العلاقات العربية الإسرائيلية

التّنويع الاقتصاديّ والانخراط في اقتصاد الذّكاء الاصطناعيّ

تنشغل دول الخليج، على وجه الخصوص، بصياغة استراتيجيّاتها للتنويع الاقتصادي، وتوظيف عائدات النفط لتمويل الانتقال إلى عصر التكنولوجيا والاستثمار في اقتصاد الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، الناعمة والصلبة، كأعمدة جديدة للازدهار والريادة. يظهر ذلك جليّاً في تفاصيل رؤية السعودية 2030 وتطوير هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي السعودية (SDAIA)، بموازاة تعزيز الإمارات مكانتها كمركز استثمار تكنولوجيّ، إقليمي وعالمي، أو عبر مبادرات لتنشئة بيئة محلّية حاضنة متخصّصة في المجال، مثل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.

الأهمّ أنّ هذه المسارات باتت تدخل في سياق هندسة الحلول حتّى للمسألة الفلسطينية، من خلال البحث في مقترحات لتحويل غزّة إلى منصّة تكنولوجية وتعزيز الربط بينها وبين السوق التكنولوجي الإسرائيلي والإقليمي الأوسع، في إطار حلول شاملة تضع حدّاً نهائياً لتجدّد دورات العنف، وتحويل القضية الفلسطينية من مجرّد قضيّة قوميّة أو دينية، إلى شرط أساسيّ لتحقيق النموّ الإقليمي.
قد يكون من المبالغة الآن الرهان على تظاهرات غزّة ضدّ حركة حماس، للاستنتاج بأنّها مؤشّر إلى تغيير عميق في الموقف من فكرتَي المقاومة والسلام

الشرع معجب بالسادات؟

قد يكون من المبالغة الآن الرهان على تظاهرات غزّة ضدّ حركة حماس، للاستنتاج بأنّها مؤشّر إلى تغيير عميق في الموقف من فكرتَي المقاومة والسلام. بيد أنّ عمق الجراحات التي خلّفتها الحرب في وعي الفلسطينيين واللبنانيين أمام هول انكسار المحور لن تمرّ كسابق جولات العنف والحروب. وما قبول حماس، ولو على مضض، بالخطّة المصريّة العربية للحلّ إلّا إشارة إلى استشعار حماس لحجم الضغوط الداخلية عليها، لا سيما من هذه القاعدة الشبابية التي سئمت الحرب.

ربّما ما تبدّى في سوريا، من هموم شبابية، تُعلي الشأن المحلّي بأبعاده الاقتصادية والتنموية والهمّ المرتبط بمرتكزات السلم الأهليّ وإعادة البناء المجتمعي، على حساب اللغو بشأن محاربة اسرائيل، على الرغم من الاعتداءات الإسرائيلية المتمادية، مؤشّر إلى مسارات جديدة تُفتح في الاجتماع السياسي العربي. وفي هذا السياق نقل مسؤول عربي عن الرئيس السوري أحمد الشرع إعجابه بحكمة وواقعية الرئيس المصري الراحل أنور السادات في تعامله مع إسرائيل وأفكار السلام والحرب!!

ربّما الكتل الشبابية الأكثر إثارة في المنطقة، هي الكتلة السعودية، التي يقودها الأمير محمّد بن سلمان في اتّجاهٍ يبتعد كلّ يوم عن أسر الأيديولوجية والتطرّف والمسار الهدّام الذي فرضته وقائع عام 1979 على عموم المنطقة. وليس خافياً أنّ التحوّلات المجتمعية السعودية تلهم بدورها الحراك الشبابي في إيران الذي يتوق إلى مستوى مماثل من الحرّيات الاجتماعية، لا سيما عند النساء.

أمّا في مصر، حيث الكتلة الشبابية الأعرض، فيتبدّى الانخراط العربي الاستثماري الجبّار، كواحدة من آليّات صيانة الاستقرار المجتمعي، وإسناد برنامج التحوّل الاقتصادي الذي تعكف عليه القاهرة، والتخفيف من حدّة التحدّيات التي تواجهه نتيجة الظرف الجيوسياسي الضاغط على ضفّتي البحر الأحمر والبحر المتوسّط، أو نتيجة الأثر الاقتصادي الصعب للحرب الروسية الأوكرانية، لا سيّما على أسعار القمح وأسعار الفائدة العالميّة.

تتضافر هذه الاتّجاهات بعضها مع بعض، وتمهّد لرؤى جريئة في الشرق الأوسط، تحمل وعداً بإنهاء دورات العنف والتشظّي المجتمعي والدولتيّ. وبإزاء ارتفاع مستوى ونوع التنسيق العربي-العربي، بين الدول الناجية والناجحة، وانشغالها الاستراتيجي بابتكار حلول سياسية واقتصادية خارج الصندوق، تتوافر للمنطقة فرصة، لاندماج أوسع في الأسواق العالمية، وتعميم المصالحة، على النحو الذي يعيد تعريف الشرق الأوسط وعلاقاته ويُطلق العنان لإمكاناته الكثيرة الكامنة.

 

omantoday

GMT 20:12 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لا تعزية حيث لا عزاء

GMT 20:11 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

حطب الخرائط ووليمة التفاوض

GMT 20:10 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

خرافات العوامّ... أمس واليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لماذا فشلت أوسلو ويفشل وقف إطلاق النار؟

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

الخصوصية اللبنانية وتدوير الطروحات المستهلكة

GMT 20:06 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

مبادرة المملكة... واليوم التالي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 19:07 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab