بقلم: سليمان جودة
نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الجماعة الحوثية فى اليمن أنها استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية «يو إس إس ترومان» فى شمال البحر الأحمر.
ورغم أن قصة الجماعة الحوثية كبيرة، ومتشعبة، ومعقدة، ورغم أن قصتها مليئة بالتفاصيل، إلا أن هذا لا يمنع أن يستوقفنا اسم ترومان فى هذا المشهد بكل تفاصيله. فالاسم هو للرئيس الأمريكى هارى ترومان الذى دخل البيت الأبيض رئيساً، بعد وفاة الرئيس فرانكلين روزفلت أثناء وجوده فى الحكم عام ١٩٤٥.
ولا يزال اسم ترومان يرتبط فى تاريخ بلاده بما لم يرتبط به اسم أى رئيس أمريكى آخر على مدى التاريخ الأمريكى كله.
ارتبط اسمه بنشأة دولة اسمها إسرائيل فى ١٥ مايو ١٩٤٨، لأنه هو الذى سارع وقتها إلى الاعتراف بها بعد ساعات قليلة من الإعلان عن قيامها، ومنذ ذلك اليوم أسس ترومان للانحياز الأمريكى السافر إلى إسرائيل، ولم يختلف الانحياز من بعده إلى اليوم إلا فى الدرجة.. فالذين عاشوا أيامه رأوا انحيازه الأعمى لإسرائيل، والذين يعيشون اليوم يتابعون وقائع انحياز ترامب غير المحدود، وعلى طول الطريق بين هذين الرئيسين كان الانحياز قاعدة لا استثناء فى كل الأوقات.
كان هذا هو الشىء الأول الذى ارتبط به اسم ترومان، أما الشىء الثانى فكان أفظع وأفدح، لأنه لا أحد يذكر إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما ونجازاكى فى اليابان، إلا ويستحضر اسم ترومان فى الذاكرة على الفور.
كان هو الذى أمر بضرب المدينتين اليابانيتين بالسلاح النووى، وكانت تلك هى المرة الأولى فى التاريخ، وكان الضحايا بعشرات الألوف فى المدينتين، بل إن هيروشيما وحدها سقط فيها ما يزيد على مائة ألف من أبنائها فى لحظات!.. ولم يتوقف الأمر عند حدود الذين سقطوا قتلى فى الحال، ولكن الإشعاع النووى توارثته أجيال فى المدينتين منذ ذلك اليوم، وعندما فكرت إدارة جائزة نوبل للسلام فى منح جائزتها فى دورتها الأخيرة، فإنها لم تجد أفضل من جمعية الناجين من القنبلة الذرية فى اليابان.
نتابع اليوم أخبار حاملة الطائرات التى تحمل اسم ترومان، وننسى فى غمرة الأحداث أن صاحب هذا الاسم جنى على المنطقة يوم أن سارع بالاعتراف بإسرائيل، ومن قبلها جنى على العالم لا على اليابان وحدها، بأن أطلق مارد السلاح النووى عندما استهدف المدينتين.