هل تستطيع الرياض تصفير النزاعات

هل تستطيع الرياض تصفير النزاعات؟

هل تستطيع الرياض تصفير النزاعات؟

 عمان اليوم -

هل تستطيع الرياض تصفير النزاعات

أمل عبد العزيز الهزاني
بقلم - أمل عبد العزيز الهزاني

السلام مكلفٌ؛ لأنَّ إرادة السلم أغلى بكثير من ميزانية الحرب. ومهما بدت لنا الجهود في حل النزاعات وحلحلة الاحتراب فإنَّه جهدٌ جماعي، والشجاع من يعلّق الجرس. السعودية أقدمت على خطوات مفاجئة غيَّرت من قواعد اللعبة، حينما قرَّرت أنَّ السلام في المنطقة، مهما بلغت تكلفته، هو السبيل لحل المعضلات الشائكة التي جعلت من منطقتنا ساحة للنزاع والاقتتال. الخلاف بين الرياض وطهران تاريخي، آيديولوجي بالدرجة الأولى، لا شيء يمكنه حل هذا الخلاف لأنَّ الآيديولوجيا عدوة صريحة للسلام، لكن القفز فوق الخلاف لأجل تحقيق المصلحة هو ما ارتكزت عليه الرياض، وكانت طهران في أمس الحاجة إلى حل يسقط من السماء لينقذها من تدهور خطير في أوضاعها الاقتصادية.
لا شك أنَّ العلاقة الموتورة مع إيران تسببت في صراعات توسعت إلى أكثر من عاصمة عربية؛ صنعاء، دمشق، بغداد، بيروت، وكادت تمس المنامة. المشهد في العالم العربي مؤلم بسبب ممارسات نظام الحكم في طهران، لكن حتى هذه الأخيرة خرجت من هذه النزاعات مرهقة جريحة؛ لذلك جاءت الوساطة الصينية، ليس لحل الخلاف بين الرياض وطهران، إنما لإحلال المصلحة فوق كل ما حدث في العقود الماضية. قبلت الرياض وطهران بالوساطة التي جاءت من دولة صديقة مشتركة، لها ثقلها السياسي والاقتصادي في العالم. وليس فقط إيران، واعتداءات إسرائيل، عقدة المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية هي أطماع بعض السياسيين العرب في التوسع؛ صدام حسين وعبد الناصر، حتى أصبحت كل النزاعات مرتبطة بنيّة وطمع التوسع والنظر للجار بعين السارق. المزاج الجديد الذي تعيشه المنطقة اليوم هو الحديث عن مصالحات وعودة العلاقات المبتورة. حديث لم نسمعه من قبل. الإيجابي في هذه الأجواء أن الكل بدا وكأنه كان ينتظر من يبدأ بدعوات السلام، بلا مكابرة ولا نكران، كل دول المنطقة في حاجة إلى من يضع أمامها فرص الحلول السلمية. ربما المفاجأة التي لم تتوقعها عواصم القرار في العالم هي أن السعودية تتقارب مع إيران التي ترزح تحت العقوبات، وإسرائيل مصدومة من هذا التقارب، ويُقال إن إسرائيل هي الأخرى كانت تنتظر من السعودية هذا التقارب، وفقاً للاشتراطات السعودية التي أملتها الرياض على واشنطن، ثم تفاجأت بالوساطة الصينية. لكن لنكن واقعيين، صراع إيران الحقيقي لم يكن ضد إسرائيل، مهما قيل عن مقاومة «حزب الله» أو «حماس» أو «الجهاد الإسلامي»، كلها مجتمعة لا تقارن بما حصل في سوريا واليمن من قتل وتشريد ودمار. لذلك؛ نرى جهود الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، مكثفة في كل الاتجاهات لإعادة ترتيب البيت العربي، كوسيط لترسية الأمن والاستقرار في اليمن، وإعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، ولم شمل القيادات الفلسطينية المتناحرة منذ 2007.
ما حصل في الماضي سطره التاريخ ولن يتغير، بكل استحقاقاته الأخلاقية، لكننا اليوم بين خيارين؛ أن يستمر العنف وسفك الدماء، وبين إرادة السلام التي تحتم تنازلات من كل الأطراف. وإذا قيل إن السعودية منتفعة؛ لأنها ستحل مشكلة على حدودها، فإن سعيها لحل معضلة سوريا والتفكك الفلسطيني لا علاقة له بالحدود. وللإنصاف، السعودية منشغلة بتحول اقتصادي هائل، وتعيش فترة مزدهرة من النمو، وتستطيع أن تتعايش مع الإشكال اليمني وهدن متعددة لوقف إطلاق النار لسنوات عديدة، لكن مساعي الرياض الحثيثة لرأب الصدع تأتي من مبدأ تعميم الخير والسلم على الجميع، والذي سيكون أرضاً صلبة للدول الجريحة لتنهض اقتصادياً واجتماعياً.
كل دولة حشرت أنفها في دولة أخرى طمعاً في النفوذ، ارتدت عليها أطماعها بالكوارث، لكن الرياض اليوم تمد يدها للجميع للقفز في القطار. هل تستطيع الرياض وحدها حل كل نزاعات المنطقة؟ لا شك أن ما تقوم به من تحركات مكثفة جاءت بنتائج مذهلة وسريعة بدأت في اليمن، وهذا يرجع إلى ما نعلمه من ثقل سياسي واقتصادي للمملكة، لكن السلام عامل مشترك، حتى الولايات المتحدة رغم هيمنتها لا تستطيع أن تجلب السلام لدول لا ترغب فيه.
يقول الأديب الروسي تولستوي «إن الإنسان يستطيع أن ينقذ شخصاً لا يرغب في الهلاك، أما إذا فسدت طبائع الشخص، حتى أصبح يرى في الهلاك نجاته، فما الذي يمكن عمله؟».

omantoday

GMT 00:24 2023 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

أمان ربّي أمان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تستطيع الرياض تصفير النزاعات هل تستطيع الرياض تصفير النزاعات



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab