محاولة الاغتيال في الوقت الحرج

محاولة الاغتيال في الوقت الحرج

محاولة الاغتيال في الوقت الحرج

 عمان اليوم -

محاولة الاغتيال في الوقت الحرج

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

الاغتيال الجسدي أو المعنوي، أبرزُ الأسلحةِ التي تشهر في وجهِ الشخصيات المؤثرة في أي حقل. من السياسيين إلى العلماءِ إلى رجال الدين وحتى الفنانين. ورغم أنَّه يستهدف الموت، مثله مثل القتل، لكن لفظة «اغتيال» ارتبطت بقتل الشخصياتِ البارزة والمعروفة بتأثيرها في مجتمعاتها. والتاريخ سجَّل قوائم من الرؤساء ذهبوا غدراً نظيرَ مواقفهم الفكرية أو السياسية، ومن التاريخ الحديث أسماء مثل الرئيس الأميركي جون كيندي، ورفيق الحريري، ومحمد أنور السادات.

ارتكاب القتل لا يعني أن أسباب الاستهداف ذات قيمة أو معنى، مثل كل الجرائم الجنائية قد يكون خلف كل هذا العناء من التخطيط والتنفيذ، أسباب تافهة وحسابات شخصية لجذب الانتباه كما حصل مع المهووس بالممثلة الأميركية جودي فوستر، الذي حاول اغتيال الرئيس الأميركي رونالد ريغان لإثارة إعجابها، أو هذا الأخير توماس ماثيو كروكس الذي حاول اغتيال الرئيس الأميركي السابق والمرشح الأقوى اليوم دونالد ترمب. كروكس شاب مراهق، أرعن، لا يملك رؤية سياسية أو هدفاً عميقاً، تائهٌ وبسيط، سجَّل نفسَه ضمن قوائم الجمهوريين، ثم قدَّم تبرعاً لليبراليين، لكن المسكين وقعَ ببساطة ضحية التجييش الإعلامي ضد شخص ترمب، وظنَّ أنَّه بقتله سيحدث فرقاً لصالح الأميركيين.

القارئ في عناوين الأحداث التاريخية يستطيع بوضوح أن يرى العامل الآيديولوجي، والآيديولوجي السياسي من المحفزات الأوّلية لارتكاب الاغتيالات.

وفي ذاكرتنا العربية والإسلامية، هناك أحداث في هذا المضمار واغتيالات عديدة، أدَّت إلى إحداثِ اضطراب وخلخلة في الصف الإسلامي.

وفي ثقافات مغايرة، الرئيس الأميركي الأبرز أبراهام لينكولن قُتل بسبب خلاف على النظام السياسي وإحباطات المنهزمين في الجنوب الأميركي بعد نهاية الحرب الأهلية لصالح الشمال. الرئيس ويليام ماكينلي قتله أحد المناهضين للرأسمالية. وعلى مثل هذا النحو، كان نشاط الاغتيالات شائعاً خلال الحرب الباردة بين القطبين الأميركي الرأسمالي والاتحاد السوفياتي الشيوعي إن صح التعبير. خلال فترة الخمس والأربعين سنة تلك، اشتعلت الاغتيالات والاغتيالات المضادة في كل العالم، وغالبيتها كانت بالوكالة؛ من قِبل جواسيس وعلماء وسياسيين، ورجال أعمال ونساء وعائلات، وكل ما تصل إليه اليد مباح في الحرب، إلى أن سقط الاتحاد السوفياتي. وقبلها اغتيل الرئيس المصري محمد أنور السادات خلال استعراض عسكري من قبل الجماعة الإسلامية، وهي الجماعة نفسها التي حاولت اغتيال الرئيس اللاحق حسني مبارك في إثيوبيا، وقامت بطعن الأديب نجيب محفوظ. الخلافات السياسية بين الخصوم تثير شهيةَ التَّخلص من المنافسين والاستئثار السريع بالسلطة من خلال القيام بالتصفيات، اغتيال الرئيس رفيق الحريري بقنبلة تكفي لإسقاط برج، مثال واضح على التنافس الخبيث والتعالي على مبدأ الخصومة الشريفة، تنطبق الحال على الرئيس الجزائري محمد بوضياف الذي ألقَى عليه حارسه قنبلة وهو يخطب في الناس عن أهمية العلم ومحاربة الفساد.

بالنسبة للولايات المتحدة، يبدو أن اغتيال رؤسائها أصبح «ظاهرة»، بخلاف دول قريبة من أنظمتها كما في أوروبا. دول العالم قد تتأثر بمحاولات اغتيال قليلة أو انقلابات في الأنظمة، لكن في أميركا أصبحت الاغتيالات جزءاً من صفحات تاريخها. وإضافة إلى هذه الظاهرة، سواء ما نجح منها أو فشل، تغيب كثير من تفاصيلها عن الرأي العام الأميركي: أسبابها، ومَن وراءها، وتحتفظ الجهات الاستخباراتية والأمنية بكل هذه المعلومات في ملفات فائقة السرية.

اليوم الكل يتساءل عن محاولة اغتيال ترمب، مَن وراءها، وهل حصل تقصير من أجهزة حماية الرئيس السابق والمرشح الحالي؟ وماذا لو حصل كذا وكذا...؟

على شاشات التلفزة ظهرت لقطات تقدّم شهادات على أن مطلق النار كان مُشاهداً من عامة الناس، لم يكن مختبئاً داخل مبنى يقوم بقياس سرعة الرياح لضبط مسار الرصاصة كما يحصل في الأفلام. ببساطة تسلَّق مبنى مجاوراً للمبنى الذي يستقر فيه عنصران من عناصر الحماية بأسلحتهما، ثم أطلق النار. أمر غريب أن يكون التساهل في الاحتياطات الأمنية بهذا المستوى. لو كان هذا الشاب يمتلك مهارة الرمي، لربما تغير الواقع كثيراً على ما نحن عليه اليوم.

أذكر في صيف عام 2011، حضرت خطاباً للرئيس الأسبق باراك أوباما، في قاعة مدينة «كولج بارك» في ولاية ماريلاند. الاحتياطات الأمنية كانت عالية جداً، وتفتيش الحضور كان غاية في الدقة بالأجهزة والكلاب البوليسية، ولساعات من الوقوف خارج المبنى. لم يتضايق أحد لأنه بروتوكول مقبول. هل حصل ترمب على جزء من هذه الحماية، حتى وإن لم يصبح رئيساً بعد؟ لا أعتقد ذلك. حساسية ترمب ليس كونه رئيساً سابقاً، بل لأنه مرشح ومنافس شرس. والحقيقة أن حماية المرشحين خلال فترة الانتخابات لها نفس أهمية حماية الرؤساء إن لم تكن أكثر، لأنها فترة حساسة، والإعلام في أعلى درجات استنفاره في استثارة عاطفة الناس، وأي خطأ يحصل ليست له نتيجة سوى الفوضى.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاولة الاغتيال في الوقت الحرج محاولة الاغتيال في الوقت الحرج



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab