التفاهة الممنهجة والحملات الإلكترونية

التفاهة الممنهجة والحملات الإلكترونية

التفاهة الممنهجة والحملات الإلكترونية

 عمان اليوم -

التفاهة الممنهجة والحملات الإلكترونية

بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

التفاهة الممنهجة مصطلح يستخدمه كاتب هذه السطور منذ سنواتٍ للتعبير عن ظاهرة عالمية تمثلت في وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الأفراد والمجتمعات، وأنها تعبر عن فقدان البوصلة وتشتت الوعي وانقلاب الموازين، بحيث يصبح المتلقي منظّراً، والجاهل معلماً، والتافه مؤثراً، وفي الحديث النبوي «الرويبضة، التافه يتحدث في أمر العامة».
وكالعادة فالظواهر تتطور، وتصبح لها أطرافٌ وتنوعات، وفي وسط هذه التفاهة الممنهجة أصبحت الكيانات الحقيقية في المجتمعات تستخدمها، وكذلك التيارات والجماعات، كلٌ لأهدافه وغاياته.
تختلف الدول وتتناقض التيارات، ولكنها محكومة بأدوات الصراع المعتبرة، كلٌ في مجاله، دبلوماسياً كان أو فكرياً، ولكن الذي يجري اليوم هو أن توجهات القلة يمكن لها أن تسبب أزماتٍ بين الدول، ويمكن أن يستغل المغرضون الخارجيون ذلك لضرب الدول المتحالفة، أو التكتلات الإقليمية، أو إثارة النعرات في المجتمعات، أو تهييج العامة باتجاه الاحتجاجات والاضطرابات والثورات كما جرى في ما كان يعرف زوراً بالربيع العربي وهلمّ جرّا في سلسلة لا يمكن التحكم بمخرجاتها وآثارها حتى على من يعتقد أنه ممسكٌ بزمامها يوجهها كيف يشاء.
التفاهة الممنهجة أضرارها لا تقتصر على السياسة، بل هي مضرةٌ بكل مجالٍ، في الاقتصاد والثقافة كما في العلم والإعلام، فقد أصبح الناس لا يميزون بين المواقف المعلنة ولا الطروحات المنشورة، فربما خرجت مجموعة من الأطفال لتناظر أطباء محترفين في أدق مسائل الطب، وربما تفتقت أذهان بعض العوام عن نظرياتٍ تهدم أسَّ العلوم الإنسانية المعقدة والمحكمة في نفس الوقت، وتتوالى الآثار المدمرة.
التأثير في هذه الوسائل قد يكون من تافهٍ فردٍ يتحدث في أمر العامة، وقد يكون من خلايا تنظيمية لتياراتٍ وجماعاتٍ سياسيةٍ أو تجاريةٍ أو غيرها، وقد يكون من خلايا إلكترونية منظمة لهذه الدولة أو تلك، أو لهذا الحزب أو ذاك، وقد يستخدمها المتنافسون ضد بعضهم، تجارياً أو ثقافياً أو علمياً أو رياضياً أو في غيرها من المجالات، فهي ساحةٌ بلا زمامٍ ولا خطامٍ، الفوضى فيها أقوى من النظام والجهل أكثر إقناعاً من العلم، معيارها الكثرة لا الحقيقة، والسرعة لا الإتقان، والمبالغة لا الحكمة.
في عالم الفوضى هذا تفقد العلوم معناها وتخسر المهن احترافيتها، ويصبح التلميذ علامةً، والمؤثر صحافياً، والمبتدئ منتهياً في كل فنٍ، وهذه الفوضى لا يمكن أن تعود على الدول والمجتمعات بأي خيرٍ، وعواقبها وخيمة على المدى الطويل ما لم تجد البشرية مخرجاً قادراً على ضبط مثل هذه الفوضى من خلال القوانين والأنظمة ومن خلال المبادئ والمفاهيم.
أخيراً، فإنك لا تجني من الشوك العنب، وقوة تأثير التافهين لا تدل على تميّزهم، بل تدل على تدني المستوى العام.

*نقلاً عن "الاتحاد"

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التفاهة الممنهجة والحملات الإلكترونية التفاهة الممنهجة والحملات الإلكترونية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab