العندليب و«الحتة» الناقصة

العندليب... و«الحتة» الناقصة

العندليب... و«الحتة» الناقصة

 عمان اليوم -

العندليب و«الحتة» الناقصة

بقلم: طارق الشناوي

في تحليل نادر في جرأته، عن أصوات مشاهير الغناء، انتشرت على «النت» تلك الآراء التي أعلنها عبد الحليم حافظ عام 1976 في حوار له مع سمير صبري عبر برنامج «النادي الدولي»، أي قبل رحيله بنحو عام.

وجّه العندليب ضربتين مباغتتين، لكل من وردة ونجاة، وصف الأولى بأنها أحياناً تزيد من انفعالها أمام الميكروفون مما يفقدها صدق الإحساس، بينما الثانية تخطئ في الأداء اللغوي، ونصحها بأن تعيد تعلم النطق الصحيح، على يد أحد شيوخ القرآن الكريم، مثلما فعل هو في بدايته. كما أنه وصف هاني شاكر، قائلاً «صوت بلا طموح». إلا أنني أتوقف هذه المرة بشيء من التفصيل، أمام رأيه في صوتين مكتملين إبداعياً، وهما محمد قنديل وسعاد محمد، فقد أشاد بقدراتهما الاستثنائية في الأداء، ولكن أضاف «ينقصهما شيء».

عبد الحليم كان يقصد، ينقصهما النجاح الجماهيري الذي يتناسب مع الإمكانات التي يتمتع بها الصوتان، لم يقل هذا مباشرة، ولكن من الممكن أن تستشف ذلك من خلال ظلال تعبير «حتة ناقصة».

ينطبق هذا التوصيف أيضاً على أقرب الأصوات إلى عبد الحليم، الذي علمه في البداية أصول الغناء وهو الذي اصطحبه في مرحلة الشباب المبكر من الملجأ، حيث كان يعيش، إلى القاهرة، ثم ألحقه بمعهد الموسيقى.

أتحدث عن إسماعيل شبانة، الشقيق الكبير لعبد الحليم الذي سبقه للدنيا بنحو 10 سنوات، وعاش أيضاً بعده 10 سنوات، إلا أن الناس لا تذكره، إلا فقط بأنه الشقيق الكبير لعبد الحليم شبانة، قبل أن يصبح اسم الشهرة «حافظ».

مع الزمن تعيش أصوات وأغنيات تنتقل من جيل إلى جيل، رغم رحيل مبدعيها، إلا أنها تظل تتنفس إبداعياً مع الناس. لدى كل من محمد قنديل وسعاد محمد رصيد من الأغاني اخترق حاجز الزمن، إلا أن كل منهما لم ينل ما يستحقه من حفاوة وتقدير؛ بسبب الشيء الناقص.

إنها ما نطلق عليها «الكاريزما»، وهي منحة إلهية لا يمكن أن تحددها داخل إطار صارم، وتذكر مثلاً أن هذا الفنان له «كاريزما» وذاك يفتقدها، تكتشف أن هناك فناناً له حضور طاغٍ، بمجرد أن تلمحه يستحوذ على الاهتمام ويسرق الكاميرا من الآخرين، بينما يفتقد الآخر هذا الوهج الداخلي، وكأن في حضوره انصرافاً!

مثلاً كان نجم النجوم رشدي أباظة عندما يرى محمود المليجي في الاستوديو يمسك بيده ويقبلها أمام الجميع، اعترافاً منه بأنه الأهم والأفضل والأعظم، في فن أداء الممثل، بينما الجمهور يقطع التذكرة في أي عمل فني مشترك بينهما، من أجل رشدي أباظة.

تلك التفاصيل تعني القدرة على الجذب، الجمهور لا يحب بعقله ولكن بقلبه، وهذا هو سر النجومية.

في بدايات عبد الحليم، غنى محمد قنديل من ألحان كمال الطويل، توأم عبد الحليم الفني، «يا رايحين الغورية... هاتوا لحبيبي هدية»، شعر عبد الحليم بأن تلك الأغنية من حقه، كانت لديه وقتها قناعة، بأن كل ما يقدمه كمال الطويل من ألحان ملكٌ له.

ودون علم الطويل - الذي قال لي في حوار مسجل - إنه فوجئ بأن الأغنية طُرحت على أسطوانة، ولم تحقق أي نجاح بصوت عبد الحليم، بل إنه بعد أن غنى حليم، من تلحين كمال الطويل أيضاً «على قد الشوق إللي في عيوني... يا جميل سلم» وحققت نجاحاً مدوياً، طلب من الإذاعة المصرية عدم بث «الغورية» بصوته، حتى لا يقارن بصوت قنديل.

ورغم أن الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب مثلاً لم يلحن لسعاد محمد، فإنه قال إنها بعد أن غنت من تلحين سيد درويش بصوتها «أنا هويت وانتهيت»، لم يعد من الممكن أن يستمع إليها أحد بصوت آخر، بمَن فيهم عبد الوهاب الذي رددها في تسجيل إذاعي.

ما الذي حال إذن دون أن يحقق محمد قنديل وسعاد محمد النجاح المستحق؟ إنها «الكاريزما»، التي وصفها دون أن يذكرها مباشرة عبد الحليم بـ«الحتة الناقصة».

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العندليب و«الحتة» الناقصة العندليب و«الحتة» الناقصة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 05:26 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

القمر في برجك يمدك بكل الطاقة وتسحر قلوبمن حولك

GMT 16:53 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab