هل الحرب بين لبنان وإسرائيل حتمية

هل الحرب بين لبنان وإسرائيل حتمية؟

هل الحرب بين لبنان وإسرائيل حتمية؟

 عمان اليوم -

هل الحرب بين لبنان وإسرائيل حتمية

بقلم : نديم قطيش

تتَّسع، على نحو خطير، هوة الحسابات بين إسرائيل و«حزب الله» فيما يخص مستقبل الحرب في المنطقة. يربط «حزب الله» بين وقف القتال في جنوب لبنان، وبين الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة، بوصفه تعبيراً عن منهج «وحدة الساحات» الذي يتبناه محور إيران وميليشياتها. وفي المقابل، تطور الموقف الإسرائيلي باتجاه الإعلان عن فك الارتباط بين ساحتي لبنان وغزة، بمعنى أن التهدئة في غزة لن تترجم تهدئة فورية في لبنان. يلقي هذا الاختلاف الضوء على الاختبار الأوسع والصعب الذي تتعرض له نظرية «وحدة الساحات»، منذ اندلاع الصراع في غزة في أعقاب هجوم «حماس» صباح السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. فعلى الرغم من الادعاءات الشعبوية المبهرة التي تنطوي عليها هذه النظرية، فإنها تواجه في الواقع عقبات عملاقة، تبدأ من أن أولوية إيران هي الطموحات الجيوسياسية للنظام لا فلسطين بحد ذاتها بوصفها هدفاً، وتمر بتعقيدات المصالح الوطنية لأهل «الساحات» ممن يقع عليهم الدمار والتخريب، وتصل إلى التفاوت الصارخ في القوة بين الأطراف المتحاربة.

وفي مقابل المنطق الإيراني المشار إليه إذن، تتعامل إسرائيل مع هذه الساحات بمنطق الحسابات المستقلة التي تنطلق من خصوصيات كل ساحة وتقدير مخاطرها وتأثيرها على الأمن الإسرائيلي. وعليه تستثمر إسرائيل مجريات الميدان لتفكيك نظرية «وحدة الساحات»، من خلال كشف التحديات العملية التي تواجهها إيران في تفعيل هذه الاستراتيجية. وفوق ذلك، تهدف إسرائيل إلى تصوير تعامل طهران مع «حماس» والفلسطينيين بوصفه نهجاً نفعياً استغلالياً، وإظهار الفجوة بين خطابها العالي الداعم للفلسطينيين وبين تدني مستوى التزامها الفعلي والعملي بقضيتهم في أوقات الحروب الحاسمة كما هو حاصل الآن.

تدرك إسرائيل جيداً الحسابات الاستراتيجية الإيرانية في تعاملها مع «حزب الله» بوصفه درعاً استراتيجية لها و«الرصاصة الذهبية» في ترسانتها، إذا قررت إسرائيل مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وتفهم إسرائيل أن الحفاظ على «حزب الله» بالنسبة لإيران، بصفته خط الدفاع الأول عنها، أمر غير قابل للتفاوض، لكنها تريد للجميع أن يدرك ذلك أيضاً. نعرف الآن مثلاً أن القائد العسكري لـ«حماس» في غزة يحيى السنوار، ووفق وثائق للحركة صادرها الإسرائيليون، كان متأكداً من أن إيران وميليشياتها سوف تهب لنصرة غزة، وتحويل الجبهات التي تسيطر عليها إلى جبهة موحدة، من دون أن يتحقق ذلك بالفعل. أما خطابات زعيم «حزب الله» حسن نصر الله عن معارك القدس والأقصى المقبلة، فتلعب اليوم ضد صاحبها، الذي قرر الغياب عن المنابر، إلا فيما ندر، بعد أن كانت إطلالاته شبه أسبوعية في مرحلة من المراحل.

من الصعب أن يمر ذلك مرور الكرام على علاقات مكونات محور إيران ببعضها البعض، مع اتضاح أن «وحدة الساحات» مجرد غطاء لاستراتيجية إيرانية تخص أهدافاً إيرانية أولاً وأخيراً، ولو على حساب الفلسطينيين واللبنانيين. وإذا كانت غزة قد تركت لمصيرها عملياً، فإن على لبنان أن يعتاد على أن ما يعيشه اليوم من ضربات وهجمات واغتيالات وقصف، هو أسلوب حياته الجديد، الذي سيستمر بصرف النظر عن تطورات الوضع في غزة. إسرائيل، التي تدرك أهمية «حزب الله» في قواعد اللعبة الاستراتيجية الأوسع لإيران، تسعى إلى إخراج الحزب من المعادلة بشكل استباقي، في حال اضطُرت في المستقبل لمواجهة إيران مباشرة، إن حصلت الأخيرة على قدرات نووية، أو اقتربت أكثر فأكثر من ذلك، على نحو يؤدي إلى تغيير المشهد الأمني الإقليمي بشكل كبير. من هذا المنظور، فإن تحييد «حزب الله» يضعف قدرات إيران الانتقامية، ويعيد ضبط التوازن الاستراتيجي لصالح إسرائيل. الديناميكيات التي تتكشف في لبنان، إذن، ليست مجرد مواجهات عرضية، بل انعكاس لقواعد اشتباك إسرائيلية جديدة، تركز على استهداف وتدمير البنية التحتية العملياتية لـ«حزب الله»، وإضعاف قدراته العسكرية بشكل منهجي، بما يضمن إضعاف قدرته على الرد بفاعلية في حالة توسع الصراع. والحال، سريعاً ما تتبدد الجاذبية النظرية لصفقة بين «حزب الله» وإسرائيل، في ضوء الوقائع العملية على الأرض. فلا يوجد حل داخل علم السياسة للتعارض الأساسي بين التزام «حزب الله» الآيديولوجي تدمير إسرائيل، وبين أي شكل من أشكال التعايش السلمي معه. وهنا لا بد من ملاحظة أن نهج إيران الاستغلالي للقضية الفلسطينية لا يتناقض مع التزامها الفعلي تدمير إسرائيل، بل هما عنصران مكملان لطموحاتها الجيوستراتيجية الأوسع في الشرق الأوسط. فمن خلال ادعاء الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، ودعم الفصائل المناهضة لإسرائيل، تجعل إيران من نفسها لاعباً محورياً في العالم الإسلامي.

أما موقفها بشأن تدمير إسرائيل فيخدم أغراضاً آيديولوجية تتعلق بسلامة وديمومة النظام الثوري. يمكّن هذا النهج المزدوج إيران من إظهار القوة، وتأمين مصالحها الجيوسياسية، وتعزيز شرعيتها على المستوى المحلي وبين حلفائها الإقليميين. والحال، لا يتعلق التوصل إلى اتفاق، بالنسبة لإيران و«حزب الله»، في ظل الظروف الراهنة، بتحقيق السلام الدائم بقدر ما أنه لحظة مناسبة للتموضع التكتيكي. يمهد هذا التلاقي بين آيديولوجيا «حزب الله» الثابتة المدعومة من إيران وهوس إسرائيل الوجودي بعد 7 أكتوبر لحروب حتمية تلوح في الأفق.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل الحرب بين لبنان وإسرائيل حتمية هل الحرب بين لبنان وإسرائيل حتمية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab