مجموعة العشرين وقمة اللاحسم

مجموعة العشرين وقمة اللاحسم

مجموعة العشرين وقمة اللاحسم

 عمان اليوم -

مجموعة العشرين وقمة اللاحسم

بقلم:إميل أمين

على مدى يومين في ريو دي جانيرو، حاول قادة مجموعة العشرين الكبار توحيد رؤاهم، غير أنه ومن قبل أن تنطلق فعاليات القمة، كان من الواضح للقاصي والداني، أنها قمة اللاحسم والانتظار، رغم الجهود الواضحة التي حاولت البرازيل بقيادة رئيسها لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، استنقاذ العالم من أحاديته، والنفخ في بوق القرن لتنبيه الأثرياء لصالح الضعفاء والفقراء، ضمن قمة كان عنوانها الرئيس «تحدي الفقر والجوع وعدم المساواة»، في عالم معتل ومختل.

يؤمن الرئيس المكافح، والذي بدأ فقيراً، وعاملاً بروليتارياً، وإن قُدِّر له لاحقاً أن يرفع قرابة الثلاثين مليون برازيلي من تحت خط الفقر، يؤمن بـ«أن هناك مَن يصرون على تقسيم العالم بين أصدقاء وأعداء، لكن الأكثر فقراً، لا يكترثون لانقسامات تبسيطية».

لم يكن هناك، وغالب الظن أنه لن يكون في المدى المنظور على الأقل، ما يضمن لأن تخرج هذه القمة بمقررات ومقدرات تستنقذ، «أقنان الأرض»، في الجنوب العالمي البائس، الذين يكاد يكرس لولا دا سيلفا جهوده من أجلهم، فالجميع مهموم ومحموم ضمن دائرة توحش رأسمالي، تؤمن بأن «الآخرين هم الجحيم»، على حد تعبير فيلسوف الوجودية الأشهر جان بول سارتر L'enfer c'est les autres، لا تجاوز في الوصف، وعلى غير المُصدِّق أن يولي وجهَه شطرَ عاصمة أذربيجان، باكو، حيث قمة المناخ العالمية (كوب 29)، تصل إلى طريق مسدود بشأن تمويل برامج مكافحة التغير المناخي، وعليه لم يكن أحد ليتوقع أن يبادر الكبار جداً في ريو دي جانيرو، باتخاذ خطوات حاسمة، لا سيما أن وعدهم بمائة مليار دولار، لدعم الدول النامية، والذي قطعوه على أنفسهم في «قمة غلاسكو» للمناخ عام 2021، لا يزال حبراً على ورق، بينما الكوكب الأزرق انتقل من مرحلة الاحتباس الحراري، إلى حالة الغليان، ولا عزاء للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وصوته الزاعق في برية التيه الأممي: «مجموعة العشرين لا بد أن تقود الجهود، فهي أكبر الدول المسببة للانبعاثات، ولديها أعظم القدرات والمسؤوليات».

ووفقاً للمسودة الأولية التي أوردتها وكالة «بلومبرغ» الأميركية، فإن أحاديث كثيرة كان من المقرر لها أن تدور بين زعماء أكبر عشرين اقتصاداً في العالم حول قضايا آنية من عينة الالتزام بالقوى التعددية، خصوصاً في ضوء التقدم المحرز بموجب اتفاقية باريس، وعزم الحضور على البقاء متحدين في السعي لتحقيق أهداف الاتفاق، عطفاً على الدعوة لبقاء منظمة التجارة العالمية بوصفها حجر زاوية في سياق سريان وجريان تجارة عالمية من غير حمائية.

لا شك في أن السطور المتقدمة رطانة لغوية وليس أكثر، لا سيما أن هناك حالة ارتباك كبرى في دولتين تَعُدَّان من المحركات الفاعلة والناجزة على الصعيد العالمي، يفصل بينهما «الأطلسي»؛ الولايات المتحدة الأميركية في الغرب، وألمانيا في الشرق.

انعقدت قمة العشرين بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن، غير أن الرجل بدا واضحاً أن تاريخه أصبح وراءه.

من دون أدنى شك، بدت قمة ريو دي جانيرو، كأنها قمة الانتظار وعدم الحسم، ذلك أن الأنظار مركزة على المواقف التي سيتخذها خلف الرئيس بايدن، الرئيسُ المنتخب دونالد ترمب، في البيت الأبيض بعد قرابة ستين يوماً.

يقول الراوي إن المجتمعين في ريو دي جانيرو، ورغم إعجابهم بالنوايا الحسنة للولا دا سيلفا، رسول الفقراء إلى عالم الأثرياء، فإن الوجوم كان يخيم على جباههم من جراء ما رشح عن حالة التعاون الدولي المرتقبة في ظل إدارة ترمب الثانية، فعوضاً عن تعزيز عالم التجارة الحرة، تنبت الآن براعم التهديد بحروب اقتصادية جديدة من خلال التعريفات الجمركية العقابية على أوروبا والصين، وبدلاً عن الالتزام بحماية المناخ والاتفاقيات الدولية، من المرجح أن تنسحب بلاده مرة أخرى من «اتفاقية باريس» بشأن تغير المناخ، ما يدعونا للقول: «على مَن تقرأ مزاميرك يا غوتيريش؟».

لم يكن بايدن وحده في قمة العشرين «البطة العرجاء» في واقع الأمر، فقد صاحبه في درب الآلام، المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي أضحى بدوره ضمن سرب البط المعطل، لا سيما بعد انتهاء ما يُعرف بـ«ائتلاف إشارات المرور»، بإقالة وزير المالية كريستيان ليندنزن، ما يعني أنه يشارك وهو غير قادر على البت في أي قضايا مهمة.

غاب عن القمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وغالب الظن فعل ليفتح الطريق لتسويات بحسب شروطه للملف الأوكراني، بعد تنصيب ترمب، أما بقية القضايا العالمية، ومنها أوضاع الشرق الأوسط، فجميعها معلقة برسم سيد البيت الأبيض الجديد، مهما بلغ البيان الختامي لقمة ريو دي جانيرو من الفصاحة اللغوية.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجموعة العشرين وقمة اللاحسم مجموعة العشرين وقمة اللاحسم



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab