أميركا الصّديق اللّدود

أميركا الصّديق اللّدود!

أميركا الصّديق اللّدود!

 عمان اليوم -

أميركا الصّديق اللّدود

بقلم : محمد الرميحي

 

في الأسبوع الماضي عقد نادي دبي للصحافة دورته الحادية والعشرين، وطرح في تلك الدورة الكثير من القضايا، منها ندوة حوارية ساهمت فيها بعنوان "الانتخابات الأميركية وتأثيرها على العرب" شارك فيها زميلان، ولطبيعة الندوة وقصر وقتها فقد قدمت فقط بعض النقاط السريعة التي أعود إليها بشيء من التفصيل هنا في مجموعة من النقاط:

- من التسرع المخل أن نتوقع من سوف يفوز في الانتخابات، وفي الغالب يكون الشخص غير المتوقع. في السنوات الأخيرة راهن بعضهم على أن باراك أوباما لن يفوز بسب بشرته الداكنة وبعض من اسمه (حسين) وتفاجأ العالم به يفوز مرتين، كما كان كثيرون يرون أن هيلاري كلينتون سوف تفوز على دونالد ترامب، كونها أكثر خبرة، ومن الداخل السياسي الأميركي، ولكن ترامب فعلها، ثم توقع الجميع أن يعود من جديد ففاز جو بايدن، لذلك وجب التحفظ عمّن سيفوز، قد يعود بايدن، وقد يفاجئنا ترامب أو شخصية ثالثة من علم الغيب!

- تبدو الساحة السياسية الأميركية في حالة فوضى، من محاكمة ترامب ونسيان جو بايدن، وحيرة العالم من كون أميركا الكبيرة والعظيمة ليس لديها إلا هذان الرجلان، وكل منهما يحمل الكثير من عوامل التعويق!

- في ما بعد توقيع الاتفاق النووي بين الدول الخمس وإيران في تموز (يوليو) 2015، صرح الأمير بندر بن سلطان، وهو الخبير بالشأن الأميركي فقال: "على أعداء أميركا أن يحذروها، أما أصدقاؤها فعليهم أن يحذروها أكثر". أما الرئيس السابق لمصر حسني مبارك فقد نقل عنه قوله إن "المتغطي بأميركا عريان". ذلك دليل على الضيق من مواقف أميركا السياسية تجاه الشرق الأوسط، ربما أيضاً وليد اللحظة الحرجة.

- القضية التي أمامنا ليست أبيض وأسود، هي حقيبة ممتلئة بأشياء كثيرة، ولكن يربطها رابط واحد هو مصالح الولايات المتحدة، ففي منتصف الخمسينات من القرن الماضي وقفت الولايات المتحدة ضد العدوان الثلاثي على مصر وأجبرت حلفاءها (فرنسا وبريطانيا وإسرائيل) على الانسحاب، وقتها كانت بحاجة إلى النفط وإلى حلفاء ضد الاتحاد السوفياتي، بل حتى قللت من تصدير السلاح النوعي إلى إسرائيل، ما جعل الأخيرة تلجأ إلى فرنسا وقتها طلباً للسلاح، ثم تغيرت المصالح، سقط الاتحاد السوفياتي، واستغنت جزئياً عن النفط، وظهر أن مصالحها في جنوب شرقي آسيا هي الأكثر أهمية، فأهملت العرب والخليج.

- الرأي الذي عدت إليه مراراً هو "يمكن أن تختلف مع أميركا ولكن لا تعاديها"، والاختلاف اليوم هو على العلاقة بإسرائيل التي قدم إليها الكثير من الترضيات، إلا أنها في عنت من أمرها، فقد فسرت توقيع اتفاقيات السلام (كامب ديفيد ووادي عربة والسلام الإبراهيمي)، ليس على أنه محاولة إزالة الخوف المرضي من يهود الشتات الذي عانوه في أوروبا وروسيا، بل هو نوع من القبول غير المشروط، وتحت قيادات يمينية ضاربة في التعصب، شنت حرب غزة غير المتوازنة، والتي فاقت في ضراوتها أي عملية للتطهير العنصري في تاريخ العالم الحديث.

- موقف أميركا يفسره تاريخ اليهود، فهم جزء من النسيج الأميركي والأوروبي، ونشيطون في مجال السياسة والتجارة والإعلام والعلوم، وأيضاً هناك جسم كبير مما يعرف بالصهيونية المسيحية، وهكذا أصبح تأثيرهم في القرار السياسي أكبر من حجمهم بكثير.

- حرب غزة بيّنت للعالم الصلف الإسرائيلي، كما أنها، من جهة أخرى، لها دافع سيكولوجي يهودي - إسرائيلي، وهو إثارة المخاوف التاريخية في الإبادة (فسرت خسارة 1200 يهودي في 7تشرين الأول/ أكتوبر على أنه بداية الإبادة). رد فعل إسرائيل غير المتوازن حرك مشاعر قطاعات واسعة في الداخل الأميركي وفي العواصم الغربية، إلى درجة أن بعض العواصم قررت الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

- إلا أن أميركا سوف تظل مناصرة لإسرائيل للأسباب الكثيرة التي بيّنت أعلاه.

- ولكنها أيضاً هي البلاد الأكبر قوة في العالم اليوم والأكثر تقدماً تقنياً والأغنى اقتصادياً والأكثر نشراً للقوات العسكرية في العالم.

- هي بلاد ذات مؤسسات وأيضاً ذات أهواء، ففي عام 1990 عند اتخاذ قرار تحرير الكويت من الغزو العراقي، فازت كفة التدخل فقط بصوتين في مجلس الشيوخ.

- تفزع أميركا لإسرائيل تلقائياً، ولكنها تتردد في معونة أصدقاء آخرين، على سبيل المثال ضربت أطراف لها علاقة بإيران منشآت نفطية سعودية عام 2019 ولم تأخذ الولايات المتحدة أي موقف، وضرب الحوثي الموالي لإيران مناطق في أبو ظبي في 2022 ولم تقم بالمعاونة، ومعنى ذلك أن الولايات المتحدة لها حساباتها الخاصة، وقد تكون مختلفة عن حسابات حلفائها.

- العقبة الكبرى اليوم هي فلسطين وما بعد "7 أكتوبر" وكيف سوف يتصرف الأطراف المعنيون مع بداية ظهور شق ملحوظ بين سياستي واشنطن وتل أبيب، وبخاصة مع اليمين المتطرف الإسرائيلي.

- الموقف هنا بيد الفلسطينيين في لعب العملية السياسية بحذق، واعتبار اعتراف عدد من العواصم الأوروبية بالدولة الفلسطينية بمثابة موقف أوروبي (كما وعد بلفور لليهود)، أي البناء عليه وتطويره، كما فعلت الحركة الصهيونية بوعد بلفور، ولن يحصل ذلك والفلسطينيون منشقون على أنفسهم، ما يضيق فرص الاستفادة السياسية.

- كما أن ضعف الوجود العربي الفعال في الساحة الأميركية يسبب فراغاً يملأه الآخرون، وقد حاولت دول ومنها الكويت في سبعينات القرن الماضي تجويد الفعل العربي، عن طريق إنشاء ما عرف بـ"الجمعية العربية الأميركية"، لضم كل النشطاء العرب، وقد عاشت لفترة ثم تفرق الجمع.

- في نهاية الأمر، أياً كان من يصل إلى البيت الأبيض لن يخرج في الغالب عن المصالح العميقة للدولة الأميركية، بل ستكون السياسة تابعة لبوصلة المصالح مع قليل من الاختلاف في التطبيق.

- فالتأثير في أميركا نابع هنا في خطوطه العريضة من وحدة الفلسطينيين، وإصرارهم جميعاً على حل الدولتين، من دون مزايدة من طرف كما يحصل اليوم، ومن إصرار العرب على تبادل موضوعي للمصالح يحقق التوازن بين الأطراف.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا الصّديق اللّدود أميركا الصّديق اللّدود



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab