الانتخابات الأميركية وحروب الإقليم المتصاعدة

الانتخابات الأميركية... وحروب الإقليم المتصاعدة

الانتخابات الأميركية... وحروب الإقليم المتصاعدة

 عمان اليوم -

الانتخابات الأميركية وحروب الإقليم المتصاعدة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

يأتي مشهد الانتخابات الأميركية ضمن حومةٍ من الصراع الاستثنائي في المنطقة. الثيران تتصارع ضمن موازين قوى غير متكافئة، ولكن الثور الجريح يريد الانتصار أو الموت، وهنا معضلة سياسية كبرى، لا يمكنك أن تمسك عصا بطول عشرة أمتار من طرفيها مهما كان عرضك.

والمسألة غاية في التعقيد والكارثة، أن الطرف المهزوم هو الأكثر كلفةً على شعبه ومجتمعه على المستويات الإنسانية والسياسية والاقتصادية. في غزة ألوفٌ من الضحايا، بالإضافة لدمارٍ لم تشهده غزة من قبل، دمار مرعب، وهجرة كارثية، والسؤال لماذا؟! حين حدثت حرب 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أيقنت أن حرب اليوم ليست مثل حرب الأمس، وقد شهدتُ على تغطية الحروب الخمس الأخيرة، وقد كانت مجرد ضربات تأديبية، وقلتُ في أول المشهد إن هذه الحرب هي حرب قومية، وكتبت في هذه الصحيفة أن إسرائيل تعتبرها «حرب التأسيس الجديدة».

أما في لبنان، فإن «حزب الله» ظنّ إسرائيل مثل الأسد الجريح، فيمكنه انتهاشه، ودخل في حرب المساندة من دون أدنى تقدير استراتيجي كامل؛ حيث فاجأتْه إسرائيل بثلاث ضربات قاصمة وساحقة.

أولاها: الأهداف الاستراتيجية؛ حيث تمكّنت من اغتيال العروري في قلب الضاحية الجنوبية، ثم فؤاد شكر، ولو كان لدى «حزب الله» نظرة لفهم المغزى. ثم كرّت السبحة، وما كانت لديه القدرة على الانتباه والتراجع أو حتى التفاوض حتى الآن.

ثانيها: التفوّق الاستخباري والتكنولوجي، فالعزلة التي يعيشها كبار قادة الحزب من نصر الله إلى هاشم صفي الدين إلى علي كركي، ومعهم الأمين العام الجديد نعيم قاسم، يعيشون على حروب الاتحاد السوفياتي، لم يستوعبوا المستوى العلمي الذي يتطوّر بالثانية من الساعة كل يوم، فأتت حرب «البياجر» المهولة التي لم تفاجئ اللبنانيين فحسب وإنما فاجأت الإقليم والعالم؛ إنها القوّة التقنية الفائقة والشاملة، أكثر من أربعة آلاف جهاز «بيجر» ضربت عيون وأنوف وأيادي مناصرين للحزب، وكانت خطبة نصر الله عن معركة «البيجر» من أضعف الخطب التي رأيتها له على الإطلاق، لقد كانت خطبة الهزيمة.

ثالثها: استراتيجية الحرب المستدامة، لم يعِ الحزب ومن معه أن هذه الحرب ليست قصيرة المدى، وما كان هدفها مجرد اغتيال أشخاص، أو ضرب بضعة مخازن لصواريخ أو عتاد، وإنما أعلن نتنياهو عن حرب تحرق الحرث والنسل، وهذا الخطر المحدق، وما سمت إسرائيل هجومها على لبنان بالضربة أو العملية كما في 2006، وإنما أعلنت الحرب الشاملة، التي تستهدف، ليس الحزب فحسب، وإنما ضربت مناطق لأناس وساسة تعاونوا مع الحزب سياسياً أو أمنياً، أو عبَّدوا له طرق المواجهة مع إسرائيل انتخابياً أو إعلامياً، لقد أعلنوا الحرب العامة، ولكن ما من حكيمٍ يمكنه فهم الرسالة، أو استيعاب الدرس.

إننا في مرحلةٍ مختلفةٍ في الإقليم، والسبب واضح أن خيارات السلم والحوار والتفاوض منذ مبادرة السادات، الذي شغب الناس عليه بسببها، وصولاً إلى المبادرات التالية، وهي مبادرة السعودية في بيروت، وليس انتهاءً بمبدأ حل الدولتين، لم تكن كل المبادرات مأخوذة بالحسبان. طغى الخطاب على تقدير الأسباب، هذا على مستوى القضية الفلسطينية، أما فيما يخصّ لبنان، فإن القرار «1701» تجاوزته إسرائيل، وآل إليه نبيه بري بعد تفويضه من «حزب الله» متأخراً، تغير مجرى النهر، وحتى حل الدولتين كان يجب استثماره من الفلسطينيين بشكلٍ سياسي أعمق، من دون إهدار الدماء وتغيير الجغرافيا الغزّاوية، والمغامرة بالتهجير من دون أيّ تبصّر.

الخلاصة؛ أن هذه المرحلة ستمحضها مرحلة ما بعد الانتخابات الأميركية، القرارات الأممية الماضية للأسف ربما تكون جزءاً من التاريخ، ربما يطرح الأميركيون بعض الأفكار المتجاوزة بسبب التعنت من الأطراف. أظنّ أننا من دون مبادرةٍ حيويةٍ بين الأطراف تلملم هذا الشتات، وتخفف من هذا الدخان، فإن الأزمة في تصاعد، وهذا ما حذّر منه الزعماء الحكماء في الإقليم.

لا بد من استيعاب فلسفة الحروب عبر التاريخ، فدرس حرب أثينا وأسبرطة التي دارت في 404 قبل الميلاد، واستمرت أكثر من ثلاثين عاماً، وعلّق حولها الفلاسفة اليونانيون الكبار، يبين أن الحرب لا بد أن تكون مربوطة بمعنى، وحربٌ من دون استراتيجية ولا تفاوض تلد الضياع، وهذا ما نشهده الآن بالتحديد.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الأميركية وحروب الإقليم المتصاعدة الانتخابات الأميركية وحروب الإقليم المتصاعدة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 21:47 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

يتناغم الجميع معك في بداية هذا الشهر

GMT 19:40 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 04:43 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:09 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab