حذارِ تفويت الفرصة وكسر آمال اللبنانيين

حذارِ تفويت الفرصة وكسر آمال اللبنانيين!

حذارِ تفويت الفرصة وكسر آمال اللبنانيين!

 عمان اليوم -

حذارِ تفويت الفرصة وكسر آمال اللبنانيين

بقلم:حنا صالح

كأنه القدر، استعاد لبنان السياسة التي غابت طيلة عقود ما بعد الانقلاب على الطائف والدستور. الزلزال السوري أنهى التدخل الإيراني، وسبقه الزلزال الذي أودى بلبنان إلى الهزيمة، وأنزل بـ«حزب الله» خسائر نوعية لن يكون ممكناً له تعويضها، ما حتَّم تراجعاً في قدرة القوى الطائفية على فرض إملاءاتها. لقد تراوحت مواقفها بين الانخراط الكامل من جانب الرئيس بري في تغطية حرب دمرت البلد، قابلته إدارة ظهر أكثر الآخرين للمأساة، وكأن الكارثة تضرب بلداً آخر وشعباً آخر!

بهذا السياق لا جدال بأن الفرح غَمَر لبنان مع اضطرار البرلمان لانتخاب جوزيف عون رئيساً، وتكليف نواف سلام رئاسة الحكومة. هناك كثير من السرديات بشأن هذا التحول، لكنّ الثابت أن جانباً أساسياً من رضوخ البرلمان يعود إلى أداء متقدم لنواب التغيير، وضغط أحدثه المناخ الشعبي «التشريني» الذي عمَّ البلد، ما أربك قوى طائفية وأقلقها، في لحظة أكّدت أن الحجم التمثيلي للمجموعات النيابية لم يعد معياراً لشعبيتها. فتقدم احتمال القطع مع زمن انتهاك الحقوق وإذلال الناس. ليفتح الانتخاب والتكليف أبواب الأمل في أنه بالإمكان الذهاب إلى زمن مختلف: سقوط «الحمايات»، وانكسار «الحصانات»، وإنهاء صفحة «الإفلات من العقاب»!

خطاب القسم، وخطاب التكليف بما حمله من تعهدات، وضعا لبنان أمام فرصة تحقيق إصلاحات جذرية، شريطة عدم الرضوخ لحصرية التمثيل الوزاري لأي طائفة بالكتل النيابية الطائفية، بعدما ثبت أن هذا البرلمان لا يستوفي الحد الحقيقي من عدالة التمثيل. بهذا الإطار، فإن شعار اليد الممدودة، والحرص على التفاهم وعدم الاستبعاد، والرغبة في الاستيعاب، تفترض حمل «ثنائي التعطيل المذهبي» على التقدم نحو المرحلة الجديدة التي افتتحها الانتخاب والتكليف، وليس النزول عند رغباته، والقبول بإعادة تدوير منحى يتعامى عن أخطر مكامن إدارة الفساد، وصولاً لمخطط تجويف تنفيذ مقتضيات وقف النار وتطبيق القرار الدولي «1701»، وما بينهما.

وبالقدر عينه، مطلوب من جهة أخرى المُضي بعيداً في الأداء المؤثر الذي قدّمه نواب التغيير، كما تسريع بلورة ممارسات ضاغطة في قدرة الشارع «التشريني» وسائر المواطنين المتحفزين الذين يعلقون آمالاً كباراً على انبثاق تشكيلة حكومية قادرة على تحقيق الإصلاحات النوعية التي تأخرت. وهذا أمر يعني فتح أبواب مؤسسات الدولة أمام النخب المُبعدة، وتقدم دور الكفاءات، فيعاد تشكيل المسرح السياسي، استناداً إلى تنفيذ تعهدات أطلقها الثنائي جوزيف عون ونواف سلام، وقد وصلا إلى أعلى مواقع السلطة من خارج صندوق نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي. لقد تكامل خطاب القسم وخطاب التكليف، وتقاطعا عند ضرورة العودة إلى الدستور، ما يعني إسقاط البدع، وأولاها «الثلث المعطل»، وحتمية المداورة في الحقائب الوزارية.

هنا نفتح مزدوجين لتأكيد أن بقاء حقيبة المال مع الجهة إياها (نبيه بري)، سيوجه رسالة سلبية للخارج ولأكثرية اللبنانيين؛ سداها ولحمتها أنه متعذر الولوج إلى مغارة علي بابا، التي استأثر بها هذا الفريق منذ عام 2014. ومهما قيل وتردد عن توزير شخص بعينه لحمل هذه الحقيبة، فإن حدث ذلك، فستكون قد كوفئت الجهة المسؤولة عن أخذ البلد إلى حرب دمرته، وهجّرت ربع سكانه، واستقدمت الاحتلال، وتتقدم صفوف منظومة الفساد في المسؤولية عن الانهيار، والإفقار المنظم للبلد، والسطو على جني أعمار الناس!

مرة أخرى لو تكرس إسقاط المداورة فإن الحصيلة ستكون استعصاء التغيير، مع التسليم بحجز «الثنائي المذهبي»، الوزارة - المفتاح لإنجاز كل الإصلاح الحقيقي والعميق المطلوب؛ بدءاً من القطاع المالي والمصرفي، كما ينبغي عدم توقع المساعدات الأكثر من ضرورية لإعادة الإعمار والتعافي. لقد تحوّل استخدام هذه الوزارة إلى «فيتو» على الدولة، عنوانه «التوقيع الثالث»، كـ«حق» أملاه السلاح وفائض القوة، لا سند له في القانون ولا في الدستور. وفوق ذلك سيكون البلد أمام مخاطر تجويف خطابي القسم والتكليف، ويتكرس التعامي من جهة عن مراحل استخدم فيها «التوقيع الثالث» «فيتو» لمصادرة الحقيقة والعدالة في جريمة تفجير المرفأ، ومن الجهة الأخرى استباحة المالية ومشاعات الدولة. وكانت الاستباحة، التي تظهر بعضها في عقود بالتراضي مع واجهات لـ«حزب الله» وفّرت تمويل الدويلة، قد شكلت أبرز محاور قرار فرض عقوبات أميركية على وزير المال السابق علي حسن خليل، المستمر لتاريخه وزير مالٍ بالوصاية!

لبنان الآخر ما زال ممكناً، والأمل كبير في ألا تتعثر المسيرة وتتأخر. الحذر مطلوب، والتنبه ضرورة أمام سيل دعوات «التفاهم» و«تطييب الخواطر»، ينبغي لها ألا تفوت على البلد الفرصة الأولى لولوج زمن الإصلاح الاقتصادي والمالي واستكمال الإصلاحات السياسية، ووضع لبنان على سكة التعافي، في منعطف بالغ الخطورة، يفترض برئيس الجمهورية كما الرئيس المكلف، عدم تفويت الفرصة المتاحة التي علّقها المواطنون في كل جهات لبنان لتحقيق تطلعاتهم بقيامة لبنان دولة قوية عادلة، قائمة على المساواة والعدالة، تحمي التنوع والحريات، ويكون فيها الجميع تحت سقف القانون، ولا تقبل بإعادة تدوير فاسدين، وحماة مرتكبين، فتكسر آمال اللبنانيين!

 

omantoday

GMT 20:41 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

شاعر الإسلام

GMT 20:40 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 20:39 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!

GMT 20:37 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أين مقبرة كليوبترا ومارك أنطوني؟

GMT 20:36 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نفط ليبيا في مهب النهب والإهدار

GMT 20:35 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نموذج ماكينلي

GMT 20:35 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

قطرة واحدة للتَّعرف على مذاق البحر

GMT 20:34 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

فطيرة ماكرون وقهوة شيراك

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حذارِ تفويت الفرصة وكسر آمال اللبنانيين حذارِ تفويت الفرصة وكسر آمال اللبنانيين



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ عمان اليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

تطوير أدوية مضادة للفيروسات باستخدام مستخلصات من الفطر

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 05:13 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

سيطر اليوم على انفعالاتك وتعاون مع شريك حياتك بهدوء

GMT 08:37 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الحمل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab