سياسة رمضان ومنهج «نور الدين» ومؤشر البؤس

سياسة رمضان ومنهج «نور الدين» ومؤشر البؤس

سياسة رمضان ومنهج «نور الدين» ومؤشر البؤس

 عمان اليوم -

سياسة رمضان ومنهج «نور الدين» ومؤشر البؤس

بقلم - أمينة خيري

عادة تتوارى السياسة فى شهر رمضان. حتى نشرات الأخبار تتقلص، والبرامج السياسية والفقرات التحليلية تختفى أو تكاد من على الخريطة. السياسة وأحداثها وحوادثها لا تتوقف، ما يتوقف هو اهتمام الناس بها، أو فلنقل يبقى فى أضيق الحدود.

هذا العام، الوضع مختلف. فالسياسة فرضت نفسها فرضاً قبل رمضان بأشهر، وتحديداً منذ اندلاع الحرب فى غزة.

واستمرارها فى رمضان، وتعقد الأوضاع الإنسانية والمعيشية فى القطاع مع التلويح باجتياح إسرائيلى برى وصعوبة توقع ما ستؤول إليه المفاوضات والجولات المكوكية التى تضلع فيها دول عدة، ومصر فى القلب منها، جميعها عوامل فرضت السياسة فرضاً فى رمضان.

وحين يصر البعض، حتى لو لم يكن هذا البعض فى السلطة حالياً، مثل جاريد كوشنر، كبير مستشارى الرئيس الأمريكى السابق والمرشح المحتمل ترامب، على التلويح بالمقترح المرفوض شكلاً وموضوعاً بترحيل أهل غزة خارجها، سواء إلى صحراء النقب أو إلى مصر، «لحين تنظيف القطاع» كما ذكر قبل ساعات، فإن أعين المصريين وقلوبهم وعقولهم تبقى معلقة على السياسة رغم الصيام وبروتوكولاته التى تميل إلى تجميد السياسة فى الشهر الكريم.الرئيس السيسى لا يدع مناسبة تمر دون التأكيد على رفض فكرة التهجير من ألفها إلى يائها.

وعلى الرغم من تضافر قوى الخبث مع جهود أصحاب الصيد فى المياه العكرة، والصورة التى يحاولون تصديرها بأن ترحيل أهل غزة إلى سيناء هو الحل ولا حل سواه، إلا أن الإدارة المصرية أعلنتها وستظل تعلنها بكل وضوح: لا تفريط فى مصر وحدود مصر وأمن مصر القومى، كما أنه لا تفريط فى حق أهل فلسطين على أرض فلسطين.

بوابة أخرى فرضت عبرها السياسة نفسها علينا فى رمضان جاءت عبر الاتفاقية التى وقعها الاتحاد الأوروبى مع مصر، وتم بموجبها رفع مستوى العلاقات إلى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة»، وهذا دليل بالحجة والبرهان على موقف وموقع مصر من أكثر القضايا الأوروبية استراتيجية وأهمية ومحورية، ولو كره الكارهون.والمسألة ليست فى القيمة المادية للاتفاقية، رغم أهميتها، ولكن فيما تعنيه الاتفاقية نفسها، سواء من حيث أهمية مصر بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبى، لا لسواد عيوننا، ولكن لمكانة الدولة ومقام شعبها وموقعها الجغرافى والاستراتيجى.

وإذا كانت العوامل الجيوسياسية أثرت على مصر سلباً لأسباب لا يمكن تغييرها أو تعديل مسارها، فقد حان وقت جنى الآثار الجانبية الإيجابية لها!ومن الآثار الجانبية الإيجابية لبرنامج «نور الدين» للدكتور على جمعة أنه يفضح أعداء التطهير ويكشف النقاب عن فلزات التطرف ومحفزات الانغلاق التى تٌرِكت ترتع فى أرض مصر على مدار عقود.

أرى فى فكرة البرنامج ما يمكن وصفه بالترجمة الفعلية الأولى لتطهير الخطاب الدينى مما علق به من شوائب على مدار نصف قرن ويزيد.

وأرى فى ردود فعل البعض الرافضة -من داخل مصر وخارجها- لإجابات الدكتور جمعة التى تخاطب العقل وتتحدث لغة القلب، التى تنأى بنفسها عن رفض الآخر، والشعور الزائف بالأفضلية والفوقية الذى تم زرعه بإحكام فى عقول الكثيرين بعد ما تم سلبها فطرة التفكير، نقطة بداية لمعرفة ما يدور فى بواطن العقول.

وما يدور فيها هو نتيجة طبيعية لتشويه الخطاب الدينى الممنهج على مدار عقود حتى صار الانغلاق منهجاً والتطرف مدعاة للفخر والزهو.

فقط أتمنى أن يكون «نور الدين» بداية لدمج الثقافة والتعليم والتربية والفن والرياضة فى مسيرة التجديد والتحديث والتطهير، وليس مجرد برنامج رمضانى يسعد القلوب المشتاقة للتطهير.

وعلى سيرة السعادة، وفى مناسبة اليوم العالمى للسعادة الموافق 20 مارس، يصدر تقرير سنوى عن موقف السعادة فى العالم، وذلك بحسب مؤشرات يمكن الاطلاع عليها ببساطة. وفى كل عام تتفاخر دول بأنها الأسعد فى العالم، وتبكى شعوب دول أخرى على بؤسها وهمها ونكدها.

المثير هذا العام هو أن التقرير السنوى لفت إلى أن الشباب باتوا أكثر تعاسة من الأكبر سناً. وهذا أمر جدير بالقلق.

لكن القلق وحده لا يكفى، لا سيما أن تعاسة الشباب كانت متوقعة.لا أتصور أن جموع المؤثرين والمؤثرات ممن يخصصون أربع وخمس ساعات يومياً ليعرضوا خلالها خطوات الاستيقاظ من النوم، والذهاب إلى الحمام، وتجهيز الإفطار، وإيقاظ الأولاد، وتنظيم البيت، وقيادة السيارة أو ركوب الأوتوبيس للذهاب إلى العمل، وشراء مستلزمات البيت إلخ، أو جيوش الفتيات الـ«فاشونيستا» أو جموع الشباب الذين يلقوننا دروساً فى الفقه والفن والسياسة والاقتصاد والمطبخ والعلاقات والسفر والتاريخ والطلاق والعمل إلخ، أو الفتيات اللاتى يستيقظن من النوم صباحاً ليضعن المساحيق ثم يجلسن فى سياراتهن ويبدأن فى النحنحة والنحيب أمام كاميرا الموبايل لأسباب متنوعة من الإبرة للصاروخ، لا أتصور أن هذه الملايين سعيدة، بل هى حبيسة أثير الـ«سوشيال ميديا» وعبودية التريند ومتلازمة الأكثر مشاهدة وتعليقاً ورزع «لايكات». الأمر يحتاج قياس مؤشر بؤس.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سياسة رمضان ومنهج «نور الدين» ومؤشر البؤس سياسة رمضان ومنهج «نور الدين» ومؤشر البؤس



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab