فتوى الـ«كومن سنس»
أخر الأخبار

فتوى الـ«كومن سنس»

فتوى الـ«كومن سنس»

 عمان اليوم -

فتوى الـ«كومن سنس»

بقلم:أمينة خيري

اللغة العربية ثرية وعظيمة وبليغة، ولكن أحيانًا يصعب العثور على كلمة أو عبارة تؤدى الغرض الذى تؤديه عبارات بلغات أخرى، وغالبًا يعود ذلك لاختلافات الثقافة والعادات بين المجتمعات.

عبارة «كومن سِنس» (Common sense) واحدة من تلك العبارات، أو بالأحرى المفاهيم، التى يصعب إيجاد كلمات أو عبارة بعينها لتعطيك نفس المعنى والمفهوم والمقصود الذى تعطيه الـ«كومن سنس». «الحس العام» «حسن التقدير» «الفطرة السليمة» «السليقة القويمة» «حسن الإدراك» وغيرها لا تؤدى الغرض فى هذا السياق.

خذ عندك مثلًا عزيزى القارئ قائد السيارة الأجرة، لا سيما العاملين ضمن تطبيقات النقل، الذى يقرر أن يتوقف بسيارته فى الـ«يوتيرن» أو صفًا ثالثًا أو رابعًا فى الشارع لحين دراسة الخريطة على هاتفه المحمول. وبينما قائدو السيارات من حوله يحثونه على التحرك لأنه يشل حركة الطريق أو يعرض الآخرين للخطر، ينظر إلى الجميع ويبدى اندهاشه، وربما يشتمهم لأنه واقف فى حاله. هذا شخص فاقد الـ«كومن سنس».

السيدة التى تدبر ماليات بيتها حتى تضمن القدرة على شراء مواد غذائية صحية لأسرتها، فتلجأ إلى بيع زيت التحمير المستخدم، والذى تعلم جيدًا أنه سيجرى إعادة تدويره وبيعه لآخرين معرضًا إياهم للأخطار نفسها التى تحاول هى حماية أسرتها منها. تخبرها أنها تساهم فى إلحاق ضرر بالغ بالناس، فتقسم برب العزة والقرآن والإنجيل والتوراة إنها لم ولن تفعل ذلك أبدًا. هى تفتقد الـ«كومن سنس» بكل تأكيد.

سائق الدراجة النارية الذى تعرض لأربع حوادث سقوط على الطريق وبينها ما عرضه لخطر الموت بسبب إصابات الرأس لعدم ارتدائه الخوذة الواقية، لكنه يصر على عدم ارتدائها لأن «ربنا هو الحامى»، هو شخص بلا «كومن سنس».

صاحب المقهى الذى يقرر أن يستولى على الرصيف بالمقاعد والطاولات، ما يجبر الناس على السير فى عرض الشارع، ثم تدهس سيارة أحدهم، فيكون هو نفسه أول المحوقلين المتعجبين مما جرى للرجل، ملقيًا جزءا من المسؤولية على قائد السيارة لأنه متسرع، والجزء الآخر على المدهوس لأنه لم يكن حذرًا، أما مسؤوليته فى إجبار الناس على منافسة السيارات فى الشارع، فلا تطرأ على باله من الأصل.

هذه وملايين الأمثلة من انعدام الـ«كومن سنس» نعايشها مئات المرات فى حياتنا اليومية. بعضها يتداخل مع قلة الذوق والأنانية والجهل، والبعض الآخر له علاقة وثيقة بوهن كل من تطبيق القانون وثقافة احترام الآخرين والفضاء العام. ويبقى هناك هامش ضئيل جدًا يتعلق بالمرض النفسى والعصبى.

علاج شح «الكومن سنس» لا يمر عبر سؤال رجل الدين: ما رأى فضيلتك فيمن يبيع الزيت المستعمل؟ أو من يستولى على الرصيف؟ أو من يوشك على الموت بسبب عدم احترام قوانين المرور ولا يرتدع؟.

يكمن العلاج فى الثقافة المدنية والتربية الصحيحة وشرح أسباب سن القوانين وتطبيقها بصرامة وعدل أملًا فى استعادة الـ«كومن سنس»، لا بإصدار فتوى!.

 

omantoday

GMT 21:44 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

فاطمة دائماً

GMT 21:43 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

الخوف في كل مكان... وإيران تفاوض أميركا

GMT 21:42 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

طارق وأوراق وطوارق اليمن

GMT 21:40 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

عالم ترمب... مزيج من الخيال والواقع

GMT 21:37 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

ألعاب التعريفات النارية لترمب ناجحة

GMT 21:36 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

المرشد والمفاوضات والدراغونوف

GMT 19:05 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

الغياب عن مسقط

GMT 19:03 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

مناورة أم تحول حقيقي؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فتوى الـ«كومن سنس» فتوى الـ«كومن سنس»



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 04:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 05:08 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

برج الثور عليك أن تعمل بدقة وجدية لتحمي نفسك

GMT 04:59 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab