بقلم : عبد اللطيف المناوي
فى خطوة أثارت ردود فعل واسعة ومخاوف اقتصادية عميقة، أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أمس عن فرض رسوم جمركية جديدة شملت بضائع من معظم دول العالم، أبرزها الصين والاتحاد الأوروبى والمكسيك وكندا وفيتنام. القرار أعاد إلى الواجهة سياسة «أمريكا أولاً» التى تبناها ترامب خلال ولايته الأولى، لكن بنبرة أشدّ وبتوسع غير مسبوق، مما دفع اقتصاديين وقادة عالميين للتحذير من تداعياتها المحتملة على الاقتصاد العالمى. بدأ المشهد وكأن كل دولة تتحسس مدى إصابتها من «الهجوم الترامبى» بعد إعلانه، وكيف تتعامل معه.
بحسب تقرير لـ NBC News، فإن مديرى شركات أمريكية ومستثمرين وخبراء اقتصاد عبّروا عن قلقهم من أن تؤدى التعريفات الجديدة إلى ارتفاع أسعار السلع داخل الولايات المتحدة، وإبطاء عجلة النمو، بل ربما دفع الاقتصاد الأمريكى نحو الركود. وقد سبقت الأسواق الإعلان الرسمى بحالة من التراجع، حيث سجلت مؤشرات الأسهم أسوأ أداء لها منذ عام ٢٠٢٢.
ويرى الخبراء أن هذه الرسوم ستُفرض مباشرة على الشركات الأمريكية التى تستورد البضائع المتأثرة، مما يعنى أنها ضرائب غير مباشرة يدفعها المستهلك فى نهاية المطاف عبر زيادة أسعار المنتجات.
دافع ترامب عن قراراته بشراسة، معلنًا من حديقة الورود فى البيت الأبيض أن هذه الرسوم تمثل ردًا على دول «سرقت وظائف الأمريكيين ونهبت المصانع».. ووصف الرسوم الجمركية بأنها وسيلة لإعادة التصنيع إلى الداخل الأمريكى وتحفيز الاستثمار المحلى، بل وذهب إلى حد اعتبارها بديلًا محتملًا لضريبة الدخل مستقبلًا.
وقال إن بلاده فرضت رسومًا بنسبة ٢٠٪ على بضائع الاتحاد الأوروبى، و٣٤٪ على الواردات الصينية، و٤٦٪ على المنتجات القادمة من فيتنام، مؤكدًا أن هذه الإجراءات ستجبر الشركات على نقل الإنتاج إلى داخل الولايات المتحدة.
ردود الفعل الدولية لم تتأخر، فقد اعتبرت رئيسة البنك المركزى الأوروبى كريستين لاجارد أن هذه الرسوم ستكون «سلبية على مستوى العالم»، محذرة من تداعياتها على سلاسل الإمداد والتجارة العالمية، مشيرة إلى أن آثارها ستتوقف على مدة تطبيقها والنطاق الذى ستشمله.
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أكدت أن الاتحاد الأوروبى «لا يسعى إلى إجراءات انتقامية»، لكنه يحتفظ بخطة قوية فى حال اقتضى الأمر. كما أعلنت فرنسا أن الاتحاد سيرد على الرسوم الأمريكية الجديدة قبل نهاية أبريل.
وفى آسيا، سارعت كل من بكين وطوكيو وسيول إلى «تسريع» مفاوضاتها من أجل التوصل إلى اتفاق تبادل حر، فى محاولة لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكية. وهذه إشارة لتطور لن يكون مريحًا لترامب.
حتى أقرب حلفاء واشنطن لم يخفوا انزعاجهم من القرار. فقد أعلن رئيس الوزراء الكندى مارك كارنى أن بلاده ستكون «متأنية جداً» فى ردها على ما وصفه بـ«الإجراءات غير المبررة». أما بريطانيا، فأكد رئيس وزرائها كير ستارمر أن لندن ستنتهج «مقاربة هادئة وبراجماتية».
وفى المكسيك، أكدت الرئيسة كلوديا شينباوم أن بلادها لا تنوى الرد بالمثل لأن «النهج الانتقامى يؤدى دائماً إلى وضع سيى».
ولا ينتهى الكلام هنا.