حين تنتصر الحقيقة رغم الدخان

حين تنتصر الحقيقة رغم الدخان

حين تنتصر الحقيقة رغم الدخان

 عمان اليوم -

حين تنتصر الحقيقة رغم الدخان

بقلم : عبد اللطيف المناوي

فى قلب الفوضى المشتعلة بقطاع غزة، وبين ركام المستشفيات المستهدفة والمخابز المغلقة، سقط قناع آخر من أقنعة الرواية الإسرائيلية. هذه المرة لم يكن الأمر بحاجة إلى تقارير أممية أو شهادات متضاربة؛ بل كانت الحقيقة مدفونة فى هاتف محمول، وموثقة بالصوت والصورة، لتنقض أكذوبة رسمية حاول الجيش الإسرائيلى تسويقها للعالم عن جريمة لا تُغتفر: استهداف مسعفين إنسانيين كانوا يحملون شاراتهم بوضوح، وهم يقومون بواجب إنقاذى بحت، بعيدًا عن أى اشتباك أو سلاح.

الواقعة التى جرت فى منطقة تل السلطان بمدينة رفح، كانت من القسوة والوحشية بحيث استدعت موقفًا مهنيًا نادرًا من وسائل إعلام أمريكية مهمة. فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقطعًا مصورًا يكشف بوضوح أن سيارات الإسعاف، وشاحنة الإطفاء التى استُهدفت من قبل الجيش الإسرائيلى، كانت جميعها تُظهر بوضوح إشارات الطوارئ، ويستقلها أفراد يرتدون الزى الرسمى الخاص بمهمات الإسعاف.

هذا المقطع، الذى عُثر عليه على هاتف أحد المسعفين الشهداء، يُظهر اللحظات الأخيرة قبيل المجزرة: مركبات واضحة الهوية، مسعفون يتحركون لإنقاذ زملائهم، ثم إطلاق نار كثيف يرديهم شهداء دون رحمة. وعلى الرغم من وضوح الصورة، حاول الجيش الإسرائيلى التهرب بادعاء أن المركبات «تحركت بشكل مريب دون تنسيق ودون أضواء»، فى تبرير سخيف سقط فى اللحظة التى رُفع فيها الستار عن التسجيل.

هذه الفضيحة الإعلامية والسياسية، لم تكن لتأخذ هذا الزخم لولا دور الصحافة الذى يمكن أن يعود أحيانا إلى دوره الأصلى: مساءلة السلطة، وكشف الحقيقة. لقد مارست نيويورك تايمز دورها المنتظر فى تفنيد الرواية الرسمية، وسحبت البساط من تحت حملة التبرير الإسرائيلية، فى لحظة فارقة لم تُسكتها ضغوط السياسة أو تحالفات المصالح.

ليس جديدًا أن تكذب الرواية الإسرائيلية، فلطالما بُنيت استراتيجياتها العسكرية والإعلامية على خلط الأوراق وتشويه الوقائع. لكن الجديد هذه المرة هو أن الشاهد كان عدسة المسعف، والصوت كان رصاصة الغدر، والراوى كان وسيلة إعلام أمريكية، لا يمكن اتهامها بالتحيّز للفلسطينيين.

الجريمة التى أودت بحياة ١٥ مسعفًا ليست سوى فصل واحد من فصول مأساة طويلة يتعرض فيها عمال الإغاثة فى غزة لأبشع أشكال الاستهداف. منظمة أطباء بلا حدود وحدها خسرت ١١ موظفًا منذ بدء الحرب، كان آخرهم حسام اللولو الذى قُتل مع أفراد من عائلته فى غارة جوية. والمؤلم أن كل ذلك يجرى وسط صمت دولى رسمى، وتواطؤ غربى مفضوح، وادعاءات جوفاء عن «الحق فى الدفاع عن النفس».

لم يكن الفيديو الذى نُشر مجرد دليل إدانة لمرتكبى الجريمة، بل كان أيضًا شهادة على صمود الضمير الإنسانى وسط حرب الإبادة. كان صرخة تقول للعالم: لا يمكن تزييف كل شىء إلى الأبد. إن العدالة، وإن تأخرت، قادرة على أن تجد صوتها حتى من ذاكرة هاتف محمول فى مقبرة جماعية.

 

omantoday

GMT 20:15 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

GMT 20:12 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لا تعزية حيث لا عزاء

GMT 20:11 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

حطب الخرائط ووليمة التفاوض

GMT 20:10 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

خرافات العوامّ... أمس واليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لماذا فشلت أوسلو ويفشل وقف إطلاق النار؟

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

الخصوصية اللبنانية وتدوير الطروحات المستهلكة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين تنتصر الحقيقة رغم الدخان حين تنتصر الحقيقة رغم الدخان



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 05:13 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

سيطر اليوم على انفعالاتك وتعاون مع شريك حياتك بهدوء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 04:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 05:26 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

القمر في برجك يمدك بكل الطاقة وتسحر قلوبمن حولك

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 20:52 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 23:59 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 19:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 04:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:52 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 00:00 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 04:28 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon