بيتكلم «إخواني مكسر»

بيتكلم «إخواني مكسر»!

بيتكلم «إخواني مكسر»!

 عمان اليوم -

بيتكلم «إخواني مكسر»

مأمون فندي
على غرار القواميس اللغوية إنجليزي - عربي، وعربي - إنجليزي، يبدو أننا نحتاج، وبعد سيطرة الإخوان على السياسة في مصر وتونس، إلى قاموس إخواني - عربي، وعربي - إخواني؛ لأننا لم نعد نفهم لغة الإخوان الذين يتحدثون بها في السياسة؛ من بناء الدولة إلى الدساتير إلى المؤسسات الوطنية، ومن ناحية أخرى لا نعرف أو نفهم لغة الوصوليين ممن يريدون ركوب عربة الإخوان وهم يتحدثون «إخواني مكسر» أو ما يمكن تسميته «إخوانيز» على غرار Japanese «جابانيز» أو لغة أهل اليابان. الإخوان يتحدثون لغة ثانية لا يعرفها العالم الحديث، لا علاقة لها بإدارة الدول أو السياسة، أو حتى الاقتصاد. وحتى عندما يحاول الإخوان التحدث بلغة العصر فهم يجيدونها كلغة ثانية كما يتحدث بعضنا اللغة الإنجليزية كلغة ثانية، ومع ذلك فالإخوان المسلمون ليسوا جوهر هذا المقال، ولكن جوهر المقال هو تلك الفئة في المجتمع المصري التي تركب دائما عربة من حكم، المصريون الذين بدأوا يتحدثون «الإخوانيز» أو «إخواني مكسر» من أجل الحصول على منفعة هنا أو منصب هناك. فبدلا من أن ينصحوا الإخوان أن يتكلموا لغتنا ولغة العالم المفهومة في الحياة العصرية وفي السياسة، بدلا من هذا، قرر هؤلاء أن يتعلموا لغة الإخوان المسلمين ويتحدثون بلسانهم ويتبنون بعض قضاياهم التي كانوا يرون فيها رمزية لتخلفنا في السابق، تجد نفس الأفراد يمتشقون سيوفهم دفاعا عن قضايا الإخوان التي كانوا ينتقدونها قبل ما سماه الغرب بالربيع العربي، وتبناه أهل الصحافة في بلداننا من دون نقد أو تمحيص. حالة من التماهي وأحيانا التباهي تتملك هؤلاء وهم رافعون لواء الإخوان ويتحدثون لغتهم، للدرجة التي تجد معها اليوم أناسا يقولون لك دونما حياء: «أنا بتكلم إخواني أو أجيد الإخوانية، ولكن صديقي فلان لا يجيدها وبيتكلم (إخواني مكسر)». والذين يتكلمون «إخواني مكسر» اليوم ليسوا مصريين فقط، وإنما بعض العرب والأميركان والغربيين من مدرسة «نديهم فرصة». الإخوانيز أو «الإخواني مكسر»، لغة جديدة بدأت تتصدر صفحات صحفنا اليوم وتملأ شاشاتنا وتلفزيوناتنا، مجموعات كثيرة من الصحافيين ممن اعوجت من أجل التكيف مع الحالة الإخوانية، فتسمع وتقرأ في الأخبار وبرامج التوك شو كثيرين ممن يتحدثون «إخواني مكسر». هذه الفئة هي التي تهمني في هذا المقال، وأتمنى أن أجيد مناقشتها وتحليلها كظاهرة، رغم أنني للأسف لا أجيد الإخوانية إطلاقا. في مصر هناك تلك الكتلة التي كانت مع الملك قبل ثورة 1952 أو انقلاب يوليو (تموز) حسب توجهك، نفس في الفئة هي التي ركبت موجة الاتحاد القومي، ومن بعده الاتحاد الاشتراكي، ومن بعده الحزب الوطني أيام السادات ومبارك، نفس الفئة اليوم تتحالف مع الإخوان وتتحدث «إخوانيز» أو «إخواني مكسر». لذلك يتحدث كثيرون اليوم عن تحالف الإخوان مع فلول الحزب الوطني في المحافظات المختلفة في الانتخابات البرلمانية القادمة؛ لأنها الفئة المرنة التي تتعلم دائما وبسرعة لغة من حكم، سواء أكانت لغة الحزب الوطني، أو لغة الإخوان، مع فارق جوهري لا يدركه من يتحدثون لغة الإخوان اليوم، وهو أن قدرتهم على مشاركة الإخوان في الحكم محدودة جدا؛ وذلك لاختلاف الإخوان عن الاتحاد الاشتراكي أو الحزب الوطني كتنظيم. الإخوان كحركة بدأت كتنظيم سري، وطبيعة التنظيمات السرية تجعل الدخول فيها أمرا عسيرا مرتبطا بالثقة الكاملة فيمن يريد الانضمام والطاعة العمياء بعد الدخول. الإخوان منظمة غير مفتوحة، العضوية فيها صعبة (exclusive not inclusive)، ولن يدخل الإخوان في شراكات سياسية أو حتى تجارية مع من ليسوا من الإخوان. إذن يصبح نوعا من العبث أن تتحدث «إخواني مكسر» ظانا أن هذا سيؤهلك إلى الانضمام إلى هذا النادي المغلق. الذين يتحدثون «الإخواني مكسر» لا مكان لهم إلا في مدرجات المتفرجين للتصفيق فقط، حتما يحرز الإخوان الأهداف في مرمى الخصوم. الكتاب والصحافيون العرب ممن يتحدثون «إخواني مكسر» ظاهرة ستبقى معنا دائما، ولكن المخيف هو تلك المجموعات التي ظهرت في واشنطن ولندن وباريس من جماعة مؤسسة كارنيغي أو معهد بروكنز بفرعيه في واشنطن والدوحة ممن دوشونا في الفضائيات والصحافة الغربية بـ«الإخواني مكسر». حتى التجمعات المحترمة مثل مجلس العلاقات الخارجي في نيويورك أو مجلس حلف الأطلسي ومركز كارتا كلها بدأت تأخذ دروسا في الحديث بلغة الإخوانيز. إلى كل هؤلاء أقول إن السياسة ليست لغة فقط. السياسة هي انعكاس لجينات الاقتصاد، كما يكون الشعر الأجعد والوجه الأسمر انعكاسا لجينات أفريقية، أو الشعر الذهبي والوجه الأبيض انعكاس للجينات الغربية، تكون السياسة انعكاسا للحالة الاقتصادية. والحق هو أن بعد ثلاثة أشهر من الآن لن تكون هناك أموال في الخزانة المصرية، فأيا كان من يحكم، إخوانيا أو غير إخواني؛ فمصر تواجه كارثة الانهيار الاقتصادي ومعها يحدث الانفلات الأمني الحقيقي؛ ثورة الجياع. وفي هذا لا ينفع أن تتحدث «إخواني مكسر» أو غيره لكي تنجو من الطوفان. فبدلا من أن يحاول هؤلاء التكيف مع الإخوان ويتعلمون الإخوانيز كلغة ظنا منهم أن الإخوان دائمون في حكم مصر، على هؤلاء أن ينصحوا الإخوان بأن يقفزوا من السفينة قبل أن تغرق، أو يستعينوا ببحارة مهرة يستطيعون إنقاذ السفينة قبل الغرق. بكل أسف لا أمل في هذا؛ لأن كل من درسوا الظاهرة الإسلامية في الشرق والغرب وتخصصوا فيها، كانوا جاهزين ليتكلموا «إخواني مكسر» أو أي لغة من لغات الإسلاميين؛ فكثرة الدراسة في الحركات الإسلامية جعلت لغتهم «إخوانيز» من قبل أن يفوز الإخوان بالحكم. الإخوانيز والأسواني مكسر كلغة لن تساعدك كجواز مرور إلى العالم العربي الجديد مثلما تساعدك الإنجليزية والإسبانية على العيش في أوروبا. الإخوانيز لغة مجموعة محدودة التأثير مثل لغة اليدش الخاصة بيهود أوروبا، أو أي لهجة من لهجات غجر رومانيا. تضييع وقت أن تتعلم الإخوانيز أو تتحدث «إخواني مكسر»؛ لأن الظاهرة في طريقها إلى الزوال. ومن يشاهد ما يحدث في مدن القناة في مصر الآن لا يراوده شك في أن حركة الإخوان المسلمين التي بدأت في مدن القناة عام 1928، ستموت أيضا في مدن القناة. ولا ينفعنك أن تتكلم «إخوانيز» الآن أو حتى «إخواني مكسر».
omantoday

GMT 20:15 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

GMT 20:12 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لا تعزية حيث لا عزاء

GMT 20:11 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

حطب الخرائط ووليمة التفاوض

GMT 20:10 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

خرافات العوامّ... أمس واليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لماذا فشلت أوسلو ويفشل وقف إطلاق النار؟

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

الخصوصية اللبنانية وتدوير الطروحات المستهلكة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيتكلم «إخواني مكسر» بيتكلم «إخواني مكسر»



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 19:51 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 04:59 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:18 2025 الأحد ,13 إبريل / نيسان

قيمة التداول العقاري في عُمان تتراجع 64%

GMT 23:59 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 07:08 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر بطيء الوتيرة وربما مخيب للأمل

GMT 04:06 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الأضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 21:10 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 20:52 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon