«داعش» العراق كذا أنا يا دنيا

«داعش» العراق: كذا أنا يا دنيا

«داعش» العراق: كذا أنا يا دنيا

 عمان اليوم -

«داعش» العراق كذا أنا يا دنيا

حازم صاغيّة

إذا ما لخّصنا معارك غرب العراق الراهنة، جاز أن نقول إنّها بين أطراف ثلاثة: فهناك الجيش العراقيّ، ومن ورائه حكومته التي يتّهمها السنّة بالتطرّف الشيعيّ، وآخر البراهين على صحّة الاتّهام اعتقال النائب السنّي أحمد العلواني. وهناك، ثانياً، أهل الأنبار السنّة الذين لا يريدون لهذا الجيش أن يدخل مدنهم، إلاّ أنّهم، مع هذا، لا يريدون لمناطقهم أن تقع تحت نفوذ «دولة الشام والعراق الإسلاميّة» أو «داعش». وهناك، ثالثاً، «داعش» نفسها التي تعادي الشيعة حتّى الموت لمجرّد كونهم شيعة، وتُنزل الاضطهاد والقهر حتّى الموت بالسنّة الذين لا يحالفونها لأسباب تتعلّق بنفورهم، العشائريّ أو التعليميّ أو الطبقيّ، ممّا تمثّله «داعش». بلغة أخرى، ما من أحد يحبّ أحداً، وحيث لا يكون المذهب عنصر تفريق من الصنف القاتل، يضطلع الوضع الاجتماعيّ داخل المذهب الواحد بدور التفريق القاتل هذا. وإذا كان من السهل اعتبار كلّ ما يصدر عن «داعش» خطأ وخطلاً، فهذا ما لا يصحّ في الطرفين الآخرين اللذين يملك كلّ منهما جزءاً من الحقيقة، وبالتالي جزءاً من الباطل. فأهل الأنبار السنّة محقّون حين لا يثقون بالجيش والحكومة اللذين برهنا غير مرّة على الفئويّة الشيعيّة التي تحرّكهما وتحفزهما على تهميش السنّة والانتقام من قياداتهم، فضلاً عن انصياع الحكومة والجيش هذين، في اللحظات المفصليّة، للرغبة الإيرانيّة. والجيش والحكومة، وعلى رأسها زعيم «حزب الدعوة» الشيعيّ نوري المالكي، يبدوان على حقّ حين يعتبران أنّ الإرهاب السنّيّ يستهدف الشيعة ويهدّدهم، وأنّ عموم السنّة في العراق لم يهضموا حتّى اللحظة انتقال السلطة من صدّام حسين والجماعة السنّيّة إلى الجماعة الشيعيّة. لكنّ حقّ الحكومة يضعف حين تكون، هي نفسها، طائفيّة، تماماً بقدر ما يضعف حقّ عشائر الأنبار حين يواجهون كلّ حكومة مركزيّة بنزعة الاستقلال العشائريّ عن المركز، بحيث لا يستطيع الأخير أن يقيم سلطته عليهم إلاّ بطريقة صدّاميّة جلفة واستبداديّة. وقد سبق لهذه العلاقة، وللأفكار والتصوّرات التي تقف وراءها، أن امتُحنت من قبل. فقد تولّت «الصحوات»، بدعم وتمويل أميركيّين، إبعاد مقاتلي «القاعدة» عن غرب العراق. بيد أنّ طرد الطائفيّة القصوى على يد العشائريّة القصوى ليس بالأمر الذي يفرح له القلب أو يطمئنّ له الخاطر على المدى البعيد. وفي المقابل، بدا على المركز «الشيعيّ» في بغداد أنّ ارتياحه إلى هزيمة «القاعدة» أقلّ من قلقه حيال صعود «الصحوات» السنّيّة. هكذا ضيّق عليها وهمّشها وعاداها خوفاً من تحوّلها أداة تنافسه على السلطة أو على شطر كبير منها. وهذا، على عمومه، ما يجيز للناقد أنّ يحسّ أنّه لا ينتصر مع المنتصرين، حين ينتصرون، ولا ينهزم مع المهزومين، حين ينهزمون. وكم يبدو مدعاة للاستهجان تصوير تلك الأحداث، أكانت انتصاراً لـ «داعش» أم هزيمة، بوصفها تحوّلات نوعيّة تبرهن لكلّ طرف من الأطراف المعنيّة أنّ وجهة نظره صحيحة كلّ الصحّة، صائبة كلّ الصواب. فنحن، على ما قال المتنبّي، لا نزال «كذا» في مواجهة «الدنيا». فإن استاءت الدنيا ممّا نحن مصرّون عليه، وأرادت أن «تذهب» عنّا، زدنا «في كرائها طعماً». لكنْ إذا كان أبو الطيّب يتحدّث عن نفسه، فالحديث اليوم عن النفوس الكثيرة التي هي نفوسنا.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داعش» العراق كذا أنا يا دنيا «داعش» العراق كذا أنا يا دنيا



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab