الثورة أو «النصرة»

الثورة أو «النصرة»

الثورة أو «النصرة»

 عمان اليوم -

الثورة أو «النصرة»

حازم صاغيّة

تبنّي «جبهة النصرة» جريمة السلميّة، بعد عدد من الارتكابات، ينبغي أن يرسم خطّاً فاصلاً بين تفكير الأمس وتفكير اليوم، وبين سلوك الأمس وسلوك اليوم. فالجماعة التي تقاتل النظام الأسديّ بكفاءة، على ما قال المدافعون عنها يوم اعتبرها الأميركيّون منظّمة إرهابيّة، إنّما تقاتل الثورة بكفاءة أكبر، مطيلةً عمر النظام الذي تقاتله، وممعنة في تفتيت مجتمع مفتّت أصلاً. وهذا يعني أنّ منع «النصرة» من مقاتلة النظام يرقى إلى واجب لأنّه يعني منعها من تعزيز النظام على الجبهات الأكثر حساسيّة والأشدّ خطورة. فهذه الحركة التي تجمع بين وعي سلفيّ غارق في العتم، ونهج إرهابيّ غارق في الجريمة، وضعف متعدّد الأسباب في الوطنيّة السوريّة، لا يجوز أن تُحسب على الثورة كائناً ما كان حساب الأرباح والخسائر المباشرة. وحيث تكون «النصرة» ينبغي ألاّ تكون الثورة. فهي لا تعد إلاّ بإرساء استبداد ربّما كان أشرس من استبداد النظام الأسديّ الذي يفرك يديه فرحاً لها ولنشاطها. وللذين ينظرون إلى الأمر نظرة عسكريّة وتقنيّة، تقاس بكسب أمتار مربّعة من الأرض أو خسارة أمتار مربّعة، فإنّ الثورة لن تنتصر بـ»جبهة النصرة». ذاك أنّ الأخيرة إنّما تفتح البلد، إلى ما لا نهاية، على إرهاب عابر للحدود تستحيل معه إعادة بناء سوريّة، لا غداً ولا بعد غد، فيما تُضعف أسباب التضامن مع الثورة في أوساط الرأي العام الغربيّ المؤهّل وحده أن يضغط على حكوماته كي تتدخّل. ودعنا نتجنّب المكابرة والشفنخة العربيّتين، فمن دون تدخّل لا يوجد أمل، أيّ أمل، بالنصر. بلغة أخرى، تستدعي «النصرة» العوامل التي تقمع الثورة وتجعلها مستحيلة، فيما تغلق الأبواب في وجه القوى التي قد تنصر الثورة وتحملها إلى السلطة. وهذا ناهيك عن تنفير أبناء الأقليّات، علويّين وأكراداً ومسيحيّين ودروزاً وإسماعيليّين، فرداً فرداً، من هذه الثورة. فوق ذلك، يؤول التنصّل من «النصرة» وشقيقاتها إلى تمرين على مستقبل سوريّة، أي على غد لا مكان فيه للاستبداد البعثيّ، ولكنْ أيضاً لا مكان فيه للاستبداد السلفيّ. وهذا فضلاً عن احتلال منصّة أخلاقيّة رفيعة يستطيع أصحابها أن يتباهوا بأنّهم وقفوا، في وقت واحد، ضدّ البعثين، القوميّ العسكريّ والدينيّ الإرهابيّ. وغنيّ عن القول إنّ تنصّلاً كهذا قد يخدم رافعةً لرأب بعض الصدوع مع أقليّات المجتمع السوريّ، الدينيّة والإثنيّة، ومع قطاعات سنّيّة مدينيّة لا تفعل «النصرة» ومثيلاتها إلاّ رفع نسبة تغريبها وتنفيرها. فـ «النصرة» إرهابيّة حتّى لو قالت الولايات المتّحدة هذا!. وقد ضجرنا من ترداد كلام صائب عن دور النظام في إنتاج ظاهرات كـ «النصرة»، وعن حصّته الكبرى وحصّة عنفه ودمويّته في تديين المعارضة، وعن اعتقال النظام للكوادر المدنيّين وقتلهم وتشتيتهم وترك الساحة للإسلاميّين. فهذا الكلام الصائب لم يعد له من الوظائف إلاّ وظيفة التبرير، فيما بات المطلوب التقدّم نوعيّاً باتّجاه كلام آخر وسلوك آخر، أكان حيال «النصرة» أم حيال بناء المؤسّسات العسكريّة والسياسيّة الموحّدة للثورة. وفي هذا السياق لماذا لا تبادر تلك المؤسّسات فتقترح على القوى الغربيّة درجة أعلى من الدعم العسكريّ مقابل أن تتولّى التخلّص من «النصرة» وشبيهاتها، أي تخليص سوريّة منها قبل تخليص العالم. غير ذلك، وبينما تمرّ الثورة في إحدى أحلك مراحلها، يجعل النصر نفسه من دون طعم، بقدر ما يجعل الهزيمة تزدوج فتغدو هزيمتين. نقلاً عن جريدة "الحياة"

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثورة أو «النصرة» الثورة أو «النصرة»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab