مصر أمام الموضوع الفلسطيني  الإسرائيلي

مصر أمام الموضوع الفلسطيني - الإسرائيلي

مصر أمام الموضوع الفلسطيني - الإسرائيلي

 عمان اليوم -

مصر أمام الموضوع الفلسطيني  الإسرائيلي

حازم صاغية

في تناول الموقف المصريّ من الحرب الإسرائيليّة على غزة، ركّز البعض على «إخوانيّة» حركة «حماس» في مقابل مناهضة «الإخوان» بوصفها السياسة التي يعتمدها الرئيس عبدالفتّاح السيسي. وهذا اعتبار لا يمكن إهماله طبعاً، وهو ربّما فسّر التعالي الذي شاب السلوك المصريّ حيال «حماس» وامتناع القاهرة عن إطلاعها على وساطتها وعن التداول معها فيها.
لكنّ الأمر، في أغلب الظنّ، يتجاوز في أهميّته ذاك التفصيل المهمّ. فمنذ مبادرة أنور السادات في 1977 حتّى اليوم تعاقب على حكم مصر أربعة رؤساء أحدهم من جماعة «الإخوان المسلمين»، من دون أن تشهد السياسة المصريّة حيال الموضوع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ تغيّراً يُذكر ممّا يتعدّى الشكليّات. صحيحٌ أنّ «إخوانيّين» غير مصريّين عوّلوا على محمّد مرسي وراهنوا على إحداثه انقلاباً نوعيّاً على السياسة التي أسّسها السادات ثمّ سهر عليها سنة بعد سنة حسني مبارك. وصحيحٌ أنّ بعض بقايا العروبيّين والناصريّين من غير المصريّين عوّلوا هم أيضاً على أن يضطلع السيسي بمهمّة تحويليّة كهذه. إلاّ أنّ ما عزف عنه مرسي هو ذاته ما عزف عنه السيسي الذي ناجاه البعض بوصفه عبد الناصر الثاني، وقبلهما كان قد عزف مبارك عنه من دون أن يردعه اغتيال السادات يوم 6 أكتوبر 1981 فيما كان هو نفسه جالساً لصقه. وحتّى الناصريّ حمدين صبّاحي حين تقدّم إلى الانتخابات الرئاسيّة، بدا مستعدّاً لتقليد الرؤساء الذين سبقوه في سياستهم هذه. هكذا استحقّ صبّاحي من بعض الناصريّين العرب غير المصريّين قدراً من الانتقادات وصل بعضها إلى حدّ الشتائم والتخوين.
ويدفع هذا الثبات المصريّ الممتدّ نحواً من أربعة عقود حيال الموضوع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ، على رغم التقلّب والاختلاف في أشياء كثيرة أخرى، إلى الجزم بأنّ مصر موضعت نفسها نهائيّاً في دور «الوسيط». ففي هذا الدور الضيّق وحده ينحصر اختلاف نظام مصريّ عن الآخر، وهو ما لا يحجبه، بل يظهّره، وجود الوفد الفلسطينيّ في القاهرة اليوم.
والحال أنّ السياسة الاقتصاديّة المصريّة في حقبة ما بعد الناصريّة هي وحدها ما يصحّ فيه الثبات الذي يصحّ في الموضوع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ. فهذان الشأنان باتا من الثوابت والإجماعات في ذاك البلد المتنازع على كلّ شيء آخر تقريباً. ويقتضي البعد عن الأوهام وعن الحماسات أن يُنظر إلى ما يفعله الحكم المصريّ على هذا الصعيد بالعين ذاتها التي يُنظر بها إلى مواقف بلدان العالم الأخرى، الغربيّة وغير العربيّة، والتي لا تنفع أيّة مناشدة «قوميّة» و «أخويّة» في تغييرها. فمصر، منذ 1970، وخصوصاً منذ 1977، لم تعد «العروبة» و «القوميّة العربيّة» صالحتين لتحريضها لأنّها، ببساطة، لم تعد تريد لنفسها «العروبة» و «القوميّة العربيّة». وبغضّ النظر عمّا إذا كانوا مصيبين أو مخطئين، فإنّ المصريّين كلّهم يعودون أدراجهم، حيال الموضوع هذا، إلى زمن ما قبل عبد الناصر.
بيد أنّ العجز عن رؤية هذا التحوّل يقول أشياء عدّة عن تسمّر بعضنا في ماضٍ لا يستطيع إلاّ الله نفخه حاضراً أو مستقبلاً، وعن سطوة مثال سوريّ – مشرقيّ، مُصاب بفلسطين، يراد إلباسه لمصر. فكيف وأنّ المصريّين اليوم مهجوسون بقضايا لا يقبلون التعامل معها بوصفها أدنى هميّة من الموضوع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ. فهم بعد أن يضخّموا رقم ضحاياهم في الحروب السابقة مع الدولة العبريّة ويجعلوه مئة ألف، يذكرون أزمتهم الاقتصاديّة، وما يسمّونه الإرهاب في سيناء، وخوفهم من آثار قد تصلهم من ليبيا التي تتفجّر وتتصدّع، والجهود التي يتطلّبها التكيّف مع سودان انقسم سودانين في جنوبهم. وإذ يرى بعضهم في «الإخوان» خطراً يحتكر كلّ الأخطار ويلخّصها، يرى بعضهم الآخر في سلطة الجيش مثل هذا الخطر الشامل والماحق.
فهناك في مصر شيء انتهى حقّاً، وآن الأوان أن نفهم أنّ المصريّين، المتنازعين في ما بينهم، قتلوا كلّهم أباهم ويوليوس قيصرهم عبد الناصر.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر أمام الموضوع الفلسطيني  الإسرائيلي مصر أمام الموضوع الفلسطيني  الإسرائيلي



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab