مجموعة مآزق

مجموعة مآزق...

مجموعة مآزق...

 عمان اليوم -

مجموعة مآزق

بقلم: خير الله خير الله

لم يعش يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» ما فيه الكفاية كي يرى التطورات التي حصلت بعد طوفان الأقصى فلسطينيا ولبنانيا واقليميا.

شئنا أم أبينا، غيّر السنوار المنطقة ودخل التاريخ من بابه العريض. يكفي أنّ الرجل استطاع، تغيير طبيعة الشرق الأوسط كلّه بما في ذلك طبيعة القضيّة الفلسطينيّة. سمح، هجوم «طوفان الأقصى»، لإسرائيل بتدمير غزّة... فيما العالم في موقف المتفرّج، بل المتعاطف مع الدولة العبريّة.

لا يمكن تجاهل أنّ السنوار غيّر إسرائيل أيضاً. إسرائيل ما بعد «طوفان الأقصى»، أي بعد السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر 2023، غير إسرائيل قبل ذلك اليوم. أكثر من ذلك، أجبر السنوار إسرائيل على خوض أطول حرب في تاريخها، منذ قيامها قبل ما يزيد على خمسة وسبعين عاماً. أظهر السنوار وحشية إسرائيل أكثر من أي وقت مضى. دمرت إسرائيل غزّة في غياب القدرة على تدمير «حماس» ودمرت جزءاً من لبنان.

مع قتل السنوار، إثر مطاردة زادت على السنة، انتهت مرحلة وبدأت مرحلة أخرى. أي «حماس» ستخلف «حماس – السنوار»؟ الأكيد أن إسرائيل لم تقض على الحركة التي رفعت شعارات من نوع «تحرير فلسطين من البحر إلى النهر» أو «فلسطين وقف إسلامي». خدم هذا النوع من الشعارات كلّ من اعترض في إسرائيل على خيار الدولتين وعلى مفاوضات تؤدي إلى تسوية معقولة ومقبولة تستجيب لحدّ أدنى من تطلعات الشعب الفلسطيني. سهلت «حماس» عبر شعاراتها وصواريخها على آرييل شارون وبنيامين نتانياهو وغيرهما رفع شعار «لا وجود لطرف فلسطيني يمكن التفاوض معه».

أي «حماس» بعد «حماس – السنوار»؟ سيترك الرجل فراغاً كبيراً على كلّ المستويات، لكنّ بصماته باقية، خصوصاً بعدما كشف أوّل ما كشف مدى إفلاس السلطة الوطنيّة التي على رأسها محمود عبّاس (أبو مازن). لا دور لهذه السلطة التي تواجه تحدياً كبيراً يتمثل في مواجهة المشروع الإسرائيلي في الضفّة الغربيّة وهو مشروع يستهدف تصفية القضيّة الفلسطينية.

ترك السنوار «حماس» في مأزق اسمه مأزق غزّة.

بتدميرها غزّة، دمرت إسرائيل «الإمارة الإسلامية» التي أقامتها الحركة في القطاع منذ منتصف العام 2007، عندما قضت على وجود «فتح» في غزّة.

ماذا ستفعل «حماس» في غياب «إمارتها»؟ هل تعتقد الحركة أنّ العالم، بما في ذلك العالم العربي، سيعيد بناء غزّة من أجل أن تعود «حماس» إلى تولي أمر القطاع؟ المفارقة أنّ الشخص الأقرب إلى السنوار في قيادة «حماس»، ويدعى خليل الحيّة، يتحدّث الآن عن أنه لا إطلاق للرهائن الإسرائيلية المحتجزة في غزّة من دون «إنسحاب إسرائيلي كامل» من القطاع؟ متى يعود الحيّة وغير الحيّة إلى أرض الواقع التي لا مفرّ من العودة إليها؟

في الواقع، خلف السنوار خلفه مجموعة من المآزق. لا يمكن تجاهل المأزق اللبناني الذي لا خروج منه من دون توقف لإطلاق الصواريخ في اتجاه الأراضي الإسرائيلية ومن دون تنفيذ دقيق للقرار 1701 مع ما يعنيه ذلك من خروج لمسلحي «حزب الله» من منطقة عمليات القوة الدوليّة التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان.

الأهمّ من ذلك كلّه المأزق الإسرائيلي. لا مشروع سياسياً إسرائيلياً غير مشروع الاحتلال. ليس معروفاً إلى متى تستطيع الدولة العبريّة البقاء في حال حرب على جبهات عدّة، فيما اقتصادها ينهار بشكل يومي.

تستفيد إسرائيل حالياً من مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة. يتنافس المرشحان دونالد ترامب وكمالا هاريس على استرضائها. ماذا بعد الانتخابات في الخامس من تشرين الثاني – نوفمبر المقبل؟ ليس أكيداً أن الولايات المتحدة ستبقى مستسلمة كلّياً لإسرائيل ولرغبات بنيامين نتنياهو. لدى أميركا مصالح أخرى في المنطقة. سيكون عليها أن تأخذ في الاعتبار أن إعادة بناء غزّة... وحتّى إعادة بناء لبنان، أمران يحتاجان إلى تعاون مع الدول العربيّة القادرة والتنسيق معها.

يبقى أخيراً المأزق الإيراني الذي خلفه السنوار. سعت «الجمهوريّة الإسلاميّة» إلى استغلال «طوفان الأقصى» إلى أبعد حدود. شنت حروباً خاصة بها على هامش حرب غزّة. جاءت ساعة الحقيقة بعدما صارت في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، كذلك مع أميركا إلى حدّ ما. ما الذي ستفعله في حال تلقت ضربة إسرائيليّة قويّة؟ هل تتجرّأ على الرد مستخدمة سياسة الابتزاز التي اعتادت ممارستها في كلّ وقت من الأوقات؟

من حيث يدري أو لا يدري... والأرجح أنّه لم يكن يدري، غير يحيى السنوار المنطقة. ما لم يغيره وجود شعب فلسطيني على أرض فلسطين، وهو شعب لديه قضيّة لا يمكن تذويبه غداً أو بعد غد...

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجموعة مآزق مجموعة مآزق



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab